حرب جوية وبرية تخوضها 3 دول مغاربية لكن جيوب “العدو” تقاوم في الصحراء
نواكشوط- من الشيخ بكاي- على رغم معارضة شديدة من البدو الموريتانيين الرحل, تخوض ثلاث دول مغاربية حرباً جوية وبرية ضد عدو مشترك على الأرض الموريتانية.
وقال مسؤولون موريتانيون إن فرقاً جوية وبرية من موريتانيا والجزائر والمغرب تمكنت من صد جحافل العدو, ومنعها من اجتياح المغرب والجزائر, ودول مجاورة أخرى. وأثنى المسؤولون على الدعم الاميركي والدولي الذي ساهم في صد الهجوم. لكن السلطات تقول إن جيوباً للعدو لا تزال تتمركز في أماكن عدة من المنطقة التي تعرضت للغزو. وحذرت من أن الخطر يبقى ماثلاً ما لم يتم القضاء نهائياً على تلك الجيوب, وطالبت بالمزيد من الدعم الدولي.
ويغزو الجراد الصحراوي موريتانيا منذ فترة. وتقول وزارة التنمية الريفية والبيئة الموريتانية إنه أضر كثيراً بالمناطق الشمالية والشمالية الغربية من البلاد. وتوضح انه نظراً إلى اتساع الرقعة الموبوءة, والظروف المناخية المواتية لتكاثر الجيوب المتبقية, يظل ضرورياً حصول فرق المكافحة على المزيد من المبيدات الحشرية.
وتقدر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة حاجة موريتانيا من هذه المبيدات بـ250 ألف ليتر, وإلى جانب فرق المكافحة الموريتانية والجزائرية والمغربية, أرسلت منظمة “الأغذية والزراعة الدولية” (الفاو) فرقاً, كما قدمت الوكالة الأميركية للتعاون مساعدات مالية عاجلة.
ويقول مسؤولون موريتانيون إن هناك حاجة أيضاً إلى دراسة تأثير الحرب على الجراد على الوسط البيئي.
وتواجه هذه الحرب معارضة شديدة من البدو الموريتانيين الرحل الذين يفضلون استخدام وسائلهم التقليدية الخاصة. ويقولون إنه على رغم الأضرار الفادحة التي يسببها غزو الجراد للمراعي والمزارع, تمثل المعالجة بالمبيدات أخطاراً على مواشيهم, منها انتشار الأمراض الغيرمعروفة في البادية, وإسقاط أجنة الابل والأغنام.
وقال عليات ولد محمد, وهو راعي إبل, لـ”الحياة” إن “أكل النوق العشار (الحوامل) للأعشاب المسمومة يؤدي إلى الإسقاط”. وشكا من أنه “في السنة الماضية لم يزدد عدد مواشينا نتيجة للقحط. وفي هذه السنة الماطرة, كل النوق عشار ولا نريد أن تحرمنا هذه الحرب على الجراد من النتاج (أولاد الماشية)”.
وتعرف موريتانيا هذه السنة خصباً لم تشهده منذ أعوام, إذ استمر هطول الأمطار, وإن بشكل متقطع, خمسة شهور. فاخضرّت المناطق الصحراوية القاحلة عادة, وامتلأت السدود. غير أن الجراد جعل الأشجار الخضراء والمساحات المكسوة بالأعشاب في بعض المناطق جرداء, كما في سنوات القحط.
وفي الماضي كان البدو يستخدمون طرقاً أقل خطراً على البيئة أو على الأصح أقل خطراً على مواشيهم, منها اشعال الحرائق في المناطق الموبوءة وطرد الجراد باصدار أصوات يستخدمون فيها علباً معدنية فيها احجار صغيرة. وتهرع أعداد كبيرة من الناس إلى مناطق الجراد, وفي يد كل شخص علبة يهزها في يده. وتتعاون الاصوات الصادرة عن العلب والحناجر الآدمية والدخان المنبعث من الحرائق في طرد الجراد. ويقول البدو إن الأصوات موجهة إلى ما يسمونه ” الجراد الأعمى”, بينما يوجهون دخان الحرائق إلى الجراد” الأصم”. ولا يقلق البدو من الجراد بحجم الأضرار التي يسببها, فهم يقولون إن ” البركة في ما بقي بعد الجراد”.
“الحياة” اللندنية
2004-01-31