اختتام القمة الافريقة من دون اتفاق على القوة المشتركة
دكار – من الشيخ بكاي– اختتمت امس اعمال مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية فى دكار بالمصادقة على مشاريع القرارات التى اعدها وزراء خارجية الدول الاعضاء، وتتعلق بالدعوة الى تنظيم مؤتمرللمصالحة الوطنية فى الصومال، وقيام تحرك دولي لدعم “الانتقال الديمقراطي” فى جنوب افريقيا، وايجاد آلية سلمية لحل النزاعات فى القارة إضافة الى قضايا المديونية والاندماج الاقتصادي وغيرها.
وحاول الرئيس السنغالي عبده ضيوف اثارة موضوع تشكيل قوة افريقية موحدة لفض النزاعات،لكن معارضي الاقتراح أصروا على الصيغة التى اقرها الوزراء وتقضى بارجاء البحث فى هذه المسألة إلي القمة المقبلة.
ويذكر أن اقتراحات مختلفة طرحت على بساط البحث منها تشكيل مجلس امن افريقي وتشكيل لجنة للوساطة.
وتبدو الموافقة المبدئية على وضع الآلية مجرد صيغة لحفظ ماء وجه الامين العام سالم احمد سالم صاحب الاقتراح.
وقالت مصادر فى المؤتمر إن الرئيس السوداني عمر البشير رفض خلال الجلسة المغلقة البحث فى الاقتراح، وقال مخاطبا بصورة غير مباشرة الامين العام للمنظمة: “الدول الافريقية تعاني المجاعة والجفاف وتدهور الاوضاع الاقتصادية هذه هي مشاكلها وينبغي التركيز عليها بدل استيراد مفاهيم لا تخدم مصالح القارة وتقف وراءها جهات اجنبية”.
وتخشى دول افريقية كثيرة ان يكون إقرار مبدأ التدخل لحل النزاعات الداخلية من قبل المنظمة تشريعا للتورط الخارجي فى شؤونها. وقال الوزير فى رئاسة الجمهورية السودانية غازي صلاح الدين العتباني لــ”الحياة”إن”الفكرة تعود الى منبر زعماء افريقيا” الذي نظم فى آيار(مايو)تحت اشراف رئيس النيجر اولو اوباسانغو والرئيس الكيني جوليوس نيريري.
واصدر المنبر وثيقة تدعو الى اعادة تعريف مبدإ السيادة.
وأوضح العتباني ان”المعارضة كانت لإقتناعنا بأن الفكرة ربما كانت مطية لاستعمار جديد من خلال تمويل الغرب للقوة الافريقية المقترحة واستغلالها حسب تقديرات هذه الاطراف للأوضاع السياسية فى أي بلد افريقي”.
وأصدرت القمة الافريقية قرارايجدد “حق كل بلد فى تحديد مؤسساته السياسية بحرية وبكامل السيادة من دون أن تفرض عليه خيارات من الخارج” ، ويدعو الدول الاجنبية فى النصف الشمالي من الكرة الارضية الى الامتناع عن أي تدخل فى الشؤون الداخلية للبلدان الافريقية”.
وأريد بهذا القرار”طمأنة الخائفين”، واغلاق الباب امام المحاولات التى تستهدف القارة حسب التعليقات التى يصدرها هذا الطرف او ذاك.
والمسألة المهمة الثانية التي أخذت كثيرا من وقت الزعماء الافارقة كانت قضية الصومال. ودارت المعركة غير المعلنة فى هذا الموضوع حول نقتطين احداهما دور دول القرن الافريقي فى فض النزاع، والثانية شرعية حكومة الرئيس على مهدي.
ويبدو ان دول القرن الافريقي بقيادة السودان واثيوبيا كسبت المعركة فاجهضت محاولة لتجاوز دورها بالتركيز على جعل المسألة تعود بالدرجة الاولى الى مكتب المؤتمر والأمين العام للمنظمة الافريقية بالتعاون مع الجامعة العربية والأمم المتحدة. وتمثل ذالك فى تثبيت كلمتي”دول الجوار” فى الفقرة التى تدعو الى المصالحة وتدعو الأمين العام الى مواصلة جهوده التى شرع فيها”مع الأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي(….) ودول الجوار”.
وقد خصصت لهذه الدولفقرة تدعوها الى” مواصلة جهودها(…) من أجل عقد مؤتمر مصالحة وطنية “بالتعاون مع الهيئات نفسها، وتم تثبيت الكلمتين بعد إلقاء الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي كلمة قال فيها إنه لا يعرف الدبلوماسية، ولا يتحدث بلغتها و”سأتحدث بوصفى افريقيا صريحا صادقا حاربت 17 عاما فى بلدي وأعرف واقع المنطقة التى يأكلها الجفاف والمجاعة”.
وخلص زيناوي الى القول ان أهل المنطقة أدرى يشؤونها “لأنهم هم الذين يتأثرون سلبا بما يدور فى الصومال ولا يمكن أن يبقوا متفرجين والصومال يموت”. ووصف زيناوي الصوماليين بأنهم”يتحاربون على لا شيء وفى بلد لم يعد فيه شيء”.
ويبدو أن السودان فضل ترك الحديث فى القضية الصومالية لحليفته أثيوبيا لعدم إثارة الحرج. لكن الوزير غازي العتباني قال لــ”الحياة”:إن السودان” سجل نصرا فى الموقف من الصومال، و”فى كل الأحوال لا يهمنا لو اتخذ قرار آخر لأننا نعمل فى الميدان واتصالاتنا جارية مع كل الفصائل”.
وجرت ملاسنة بين وزير خارجية موريشيوس الذى اقترحت بلاده استضافة مؤتمر المصالحة الصومالي الذى دعت اليه القمة، وبين رئيس الوزراء فى حكومة على مهدي عمر عرته غالب الذي دعا القمة الى إصدار قرار بالإستمرار فى الاعتراف بالحكومة المؤقتة.
وخاطب مندوب موريشيوس غالب قائلا:”لا حكومة فى الصومال والكل يعرف هذا،واذا كانت القمة قبلت تمثيلكم للصومال فمن حقها سحب هذا التمثيل”.
وفى مقابل عدم اصدار قرار بهذا الشأن لم يرد فى القرار الخاص بالصومال ما ينص على تشكيل حكومة مؤقتة فى أعقاب مؤتمر المصالحة.
وكانت اطراف صومالية واقريقية طلبت ادراج هذه النقطة فى القرار.
وحض مؤتمر القمة الدول الأعضاء على دفع التزاماتها المالية فى موازنة منظمة الوحدة الافريقية.
وتبلغ المتأخرات 40 مليون دولار أعلنت مصر وموريتانيا والسنغال دفع 8 ملايين منها.
وصادق المجلس على مشاريع قرارات أخرى منها المشروع المقترح من تونس لمنع الحركات الأصولية من ممارسة أي نشاط يضر باحدى الدول انطلاقا من اراضى دولة عضو.
وعن انشاء السوق الإفريقية المشتركة دعت القمة الدول الأعضاء الى المصادقة على المعاهدة الخاصة بهذا المشروع. ومن اصل 51 دولة لم تصدق على المشروع الا 12 دولة.
وأكدت القمة الافريقية ضرورة احترام حقوق الانسان وتعميم الديموقراطية، ودعت الدول الاعضاء التى لم تصادق على الميثاق الافريقي لحقوق الانسان الى القيام بذالك.
وصادق الزعماء الافارقة على مشروع قرار يدعو الى إخلاء القارة من الأسلحة النووية وآخر يدين إسرائيل “لإنتهاكاتها الدائمة لحقوق الانسان فى الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة”. وجدد اعتبار القضية الفلسطينية جوهر النزاع فى الشرق الاوسط” ودعا الى اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
وعلمت”الحياة” ان وزير الخارجية السوداني علي احمد سحلول احتج رسميا لدى الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية ووزير خارجية السنغال الدولة المضيفة على وجود عضوين من “الحركة الشعبية لتحرير السودان” داخل أروقة القمة.
“الحياة” اللندنية
العدد رقم:02/07/1992
تعليق واحد