تتضاعف المأساة يوميا، وتتراكم أحداثها لكارثة تتجاوز أبعادها. وتزداد الاعداد كل ساعة، شهداء وجرحى .. والحصار مستمر، برا وبحرا وجوا. وتتوسع مساحات الكارثة لتشمل الوطن وسكانه الامنين. لماذا هذه الجريمة وتمددها والتورط، علنا وسرا، في مشاهد الخراب والدمار؟!. هل يمكن أن تمر المأساة هكذا؟. الى متى التفرج عليها؟. الى متى انتهاك القانون الدولي الانساني؟!. ماذا سيسجل التاريخ عن هذه الأيام في اليمن؟!. وكيف ستكون الصلات الإنسانية في او بعد هذه المحنة المركبة، وما تداعياتها، القريبة او البعيدة؟!. تحالف عربي يشن عدوانا سافرا وحصارا جائرا على الشعب العربي في اليمن، منذ آذار/ مارس 2015!!.
دعت افتتاحية صحيفة واشنطن بوست الأمريكية (2018/6/1) ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وقف تزويد السعودية والإمارات بالأسلحة الحديثة مؤكدة أن النظامين متورطان بأسوأ كارثة إنسانية في الوقت الحاضر. ولفتت الصحيفة إلى أن الوضع في اليمن قد يصبح أسوأ بكثير، ففي اليمن يعيش 8 ملايين شخص على حافة المجاعة ويواجهون أسوأ انتشار لوباء الكوليرا في التاريخ، في وقت أصبح فيه أهم مرفأ في البلد هدفاً لهجوم جديد خلال العدوان السعودي الإماراتي المتواصل منذ ثلاث سنوات، حيث تقوم قوات يمنية بدعم إماراتي وسعودي بمحاولة قطع واحتلال الحديدة، وهي مدينة يقطنها 700 ألف نسمة وهي النقطة التي يدخل منها 70% من شحنات المساعدات والتي تبقي على ملايين المدنيين أحياء. ودعت الصحيفة واشنطن التي تمد التحالف السعودي الإماراتي بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، أن تستخدم نفوذها لإيقاف هذه العملية المتهورة، مضيفة إن السعوديين وحلفاءهم قاموا بالتدخل في اليمن قبل ثلاث سنوات بهدف دعم الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، وأصبحت هذه الحملة مستنقعاً للسعوديين وحلفائهم، الذين قتلوا الآلاف في غاراتهم الجوية ولكنهم فشلوا في استعادة معظم المناطق في البلد. وفي نفس الوقت انهار نظام الرعاية الصحية تقريباً وكذلك الإمدادات الغذائية ما جعل ملايين اليمنيين يعتمدون على المساعدات الدولية.
وقبل الصحيفة الأمريكية قالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية بيني موردنت، اواخر العام الماضي، إن لندن تنظر إلى أزمتي مسلمي الروهينغا و”الحرب في اليمن” على أنهما أكبر كارثتين إنسانيتين متواصلتين خلال العام المقبل. والمقصود هذا العام، ودخلت هذه الكارثة العام الرابع. وذكٓرت موردنت في بيانها بقرار حكومة بلادها زيادة الدعم الذي تقدمه لصندوق الإغاثة العاجلة التابع للأمم المتحدة الى 21 مليون جنيه إسترليني، متجاهلة دور بلادها في صنع كارثة اليمن الإنسانية، ومشاركتها مع الإدارة الأمريكية في التجهيز والتخطيط للعدوان والحرب والاجرام.
وكانت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) اصدرت بيانا مشتركا أواخر العام الماضي قد حذّر من أن الأوضاع الإنسانية باليمن في طريقها لتصبح كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب العدوان والحصار المستمر منذ نحو ثلاثة أعوام.
كل التحذيرات والإشارات التي تتوالى خلال أيام الكارثة، وتتضاعف الارقام والاعداد في كل مجالاتها.. تفضح المشاركات الاجنبية في العدوان على اليمن من خلال الدعم اللوجستي والمخابراتي وصفقات التسلح الضخمة للسعودية، سواء من بريطانيا، التي أعلنت استمرارها رغم تأكدها باستخدامها ضد المدنيين في اليمن، ومن بينها أسلحة محرمة. او كما هو الحال في الدعم المتزايد من الإدارة الأمريكية على مختلف الصعد، وأبرزها الإمدادات العسكرية والاستخبارية المباشرة والمستمرة. بل وان الإدارة الأمريكية تحت رئاسة ترامب زادت في دعمها للتحالف العدواني على اليمن، ولم تكتف بذلك بل شجعت الدول الأخرى الحليفة لها وقواعدها العسكرية في المنطقة للمشاركة اللوجستية في الحرب على اليمن. وهذا ما يفاقم الأوضاع تدهورا فيها، ويضاعف من مآسيها. الأمر الذي أشار له وزير الصحة العامة والسكان في اليمن طه المتوكل إن عدد الشهداء والجرحى الذين وصلوا للمستشفيات والمرافق الصحية منذ بدء العدوان حتى 9 يونيو/ حزيران 2018 بلغ 35 ألفاً و 297 شهيداً وجريحاً. وأوضح المتوكل في مؤتمر صحفي عقده بصنعاء (2018/6/12) أن عدد الشهداء بلغ 11 ألفاً و شهيد واحد ، منهم ألفان و230 طفلاً ، وألف و698 امرأة . فيما بلغ عدد الجرحى 22 ألفاً و 215 جريحاً، منهم ثلاثة آلاف و248 طفلاً ، وألفان و645 امرأة، وبلغ إجمالي الإعاقات ألفين و81 إعاقة.
ودعا وزير الصحة الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة إلى العمل على إيقاف العدوان ورفع الحصار وفتح المنافذ البرية والبحرية والجوية ليتمكن المرضى من السفر للعلاج في الخارج بالإضافة إلى السماح بوصول الأدوية والمستلزمات الطبية. واستعرض ما تشهده اليمن من كارثة صحية وإنسانية وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، مشيراً إلى أن مؤشرات الانهيار تتمثل في تدمير طيران العدوان بشكل مباشر للمنشآت الصحية حيث وصل عدد المنشآت المدمرة كلياً وجزئيا إلى أكثر من 400 منشأة.
وجدد وزير الصحة استنكار الوزارة استهداف المرافق الصحية وآخرها القصف المباشر لمركز معالجة الكوليرا بمديرية عبس محافظة حجة والذي تديره منظمة أطباء بلا حدود بما تنافى مع كل المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية.
ما صرح به المسؤول اليمني يؤكد ما تعلنه منظمات دولية وخبراء من تقارير دورية موثقة ومثبتة بالوقائع والارقام، ورغم ذلك فإن هذه الأرقام والمؤشرات الخطيرة تظهر جزءا من تفاصيل هذه الكارثة، إذ انها في تزايد مستمر ولا ينبغي استمرار الصمت إزاء ما حصل ويجري، من انهيار للمنظومة الصحية والتدمير المتعمد للمستشفيات والمرافق الصحية في اليمن. وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تؤثر على حياة المواطنين، الأبرياء في اليمن. وهو ما يتطلب رفع الصوت والمطالبة بوقف الحرب والعدوان فورا، وحماية السكان والتذكير أن الشعب اليمني شعب عربي ومسلم وان العدوان عليه باسم تحالف عربي هو أسوأ ما سيسجله التاريخ عن هذه السنوات، وفرسانها ومبذري أموال الشعوب فيها.
إن الارقام والأعداد والوقائع والحقائق الواردة من المشهد اليومي للأوضاع في اليمن تستصرخ كل ضمير انساني وتدفع الى الوقوف علنا ضد العدوان والحرب على الشعب اليمني، وان السكوت مشاركة فيها. وبلا ريب ستظل جريمة الحرب الظالمة وصمة عار لا تغفر على القتلة والمساهمين في استمرارها.