التًسْمِينُ الانْتِخَابِيُ !!/ المختار ولد داهي،سفير سابق
تميز المشهد السياسي خلال الاستحقاقات الانتخابية الثلاثة و “صناديق الاقتراع الخمسة” التي تم تنظيمها أمس فاتح سبتمبر 2018 بالعديد من المستجدات التي ستؤثر-حتما- علي كم و كيف “المخرجات البرلمانية” المقبلة تحدثتُ مُجملا حينا و مُفصلا حينا آخر عن أبرزها في مقالات سابقة و تعمدت أن لا أتعرض لظاهرة “التسمين الانتخابي” تقديرا مني بأن حجمها و تنوعها وأثرها يستأهل قولا مخصوصا.
و يمكن تعريف التسمين الانتخابي بأنه “كل قول أو عمل قبل أو أثناء أو بعد المواسم الانتخابية يقصد به تفخيم و تضحيم الحجم الانتخابي لفاعل أو تجمع أو حزب سياسي بغرض التأثير علي قناعات الناخبين أو بهدف إيهام بعض المترشحين و دوائر النفوذ السياسي أو المالي الداعمة لهم بوزن انتخابي منفوخ أو بقصد حجز مكانة مغشوشة لدي الرأي العام أو ابتغاء الحصول علي أموال مقابل حجم انتخابي غير مضمون.”
و المتابع للمشهد السياسي الموريتاني –مُواليه و معارضه و وسطيه و مُتَرَبِصُهُ- ملاحظ بعض المظاهر و الظواهر المتواترة لدي كل الأحزاب السياسية التي لا يمكن تصنيفها إلا في خانة التسمين الانتخابي منها مثلا لا حصرا:
أولا-المبادرات السياسية مدفوعة الثمن إعلاميا:لا خلاف في تصنيف المبادرات السياسية التي ينظمها بعض الفاعلين السياسيين قبل و أثناء المواسم الانتخابية ضمن خانة التسمين الانتخابي خصوصا منها تلك التي تحظي بتغطية إعلامية واسعة مدفوعة الثمن لدي بعض القنوات التلفزية الحرة و المواقع الألكترونية.
و يتندر البعض بالقول إن اللجوء إلي التظاهرات السياسية واسعة التغطية الإعلامية المدفوعة الثمن هو نمط من التسمين الانتخابي ابتدعه بعض الأثرياء الجدد الذين لوحظ مؤخرا اهتمامهم الكبير بالمشاركة في المشهد السياسي.
ثانيا-الترحيل الانتخابي:و يقصد بالترحيل الانتخابي استنفار بعض الفاعلين السياسيين لعشيرهم الأقربين و ما يسمي “الناخبين المؤجرين” من أجل تسجيلهم علي اللوائح الانتخابية لدوائر انتخابية معينة ابتغاء إرباك أو تغيير الخارطة السياسية.
و يظهر استقراء السجل الانتخابي تزايدا ملحوظا لعدد الناخبين ببعض الدوائر الانتخابية يتفق جميع العارفين بتلك الدوائر علي أنه ناتج عن الترحيل الانتخابي الذي مارسه المترشحون و بعض الفاعلين السياسيين بتلك الدوائر الانتخابية.
ثالثا- التصريحات المنفوخة من الفاعلين حول حجمهم الانتخابي:يندر أن يصرح فاعل سياسي إلا بحجم انتخابي منفوخ و يحتاج المرء إلي أعصاب من القطب المتجمد للصبر علي الإصغاء للعديد من الفاعلين السياسيين الذين يتحدثون عن حجمهم الانتخابي بأرقام فلكية مدعين امتلاك مفاتيح دائرة النتخابية معينة و هم أحيانا لا يستطيعون تعبئة أفراد عائلتهم الأقربين. !!
رابعا-الحناجر الجهورية المأجورة للمديح أثناء التظاهرات الكبري:لا يمكن أن يصنف في غير خانة التسمين الانتخابي لجوء بعض الفاعلين لاستئجار بعض الحناجر الجهورية المتخصصة في المديح من أجل الصدع بحجمهم الانتخابي المنفوخ اثناء المهرجانات الجامعة و التظاهرات الكبري و بالأسواق و صالونات النافذين و مظان تواجد صنعة الرأي و القرار؛
خامسا-إعلانات النتائج الأولية مفرطة التفاؤل:ما إن أغلقت صناديق الاقتراع حتي تنافست بعض “المواقع الألكترونية ” و مجموعات الواتساب و صفحات الفيسبوك في نوع من التسمين الانتخابي من خلال إعلان نتائج منفوخة لا تصرف إلا فعلي “اكتسح ” و “حسم”( اكتسح فلان ما أو حزب ما،….حسم حزب أو شخص ما،…)مستغلين التأخر الكبير في إعلان النتائج الرسمية حتي التبس علي الناس الخيط الأبيض من الخيط الأسود و الفائز من الخاسر و صاروا ممسكي رؤوسهم ينتظرون إعلانا رسميا للنتائج من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات من المرجح أن يأخذ أياما معدودات.