تخدير عقول العامة .. تلميع تواصل مطهِّر السلطة ومعهِّرها حسب الظُّروف!!/ الدهماء
المواطن من العامة شخص بسيط أخذ حصَّةً من علْقم الحياة تكفي لعدَّة أشخاص،.. صدًى كامِدًا لكائن لا تظهر منه إلا حواشي بؤسه،.. هو استنساخ لإنسان سبق تطويعه بالوهم واحتكار الغيبيات قبل ظهور الدولة، وتمّتْ برمجته منذ عهد غابرٍ على أنواع من القيد الدِّيني ، فَضَبَطَ حياته لتكون مُسخَّرة لمخلوقاتٍ ذات أبعادٍ مُبهمة، كان سلاحها عمامة تجمع حولها حشدا من الأساطير، ومسبحة، وهمهمة غامضة تُجرجِر بها العامَّة مثل الرَّداء باسم السيطرة وشهوة المنفعة ،..وينساق الأتباع تقليديا في تخدير وراء الاحتيال المُعظَّم، ويكادون يُردِّدون أسماء أسيادهم في صلواتهم…
لقد تحوَّلت العمامة لحزب والهمهمة لقناة، والأتباع لأنصار وشعبية…والتبعية أخذتْ شكلا أكثر أدبًا في جوهرها واحتفظت بعبودية مضمونها،.. استغلال تام للوهن الإيماني الذي واصل المعيشة داخل عقول العامة،
الإسلاميون ليسوا بحاجة كغيرهم لشراء شعبية فقد ألقتْ الشعبية بحياتها وعقلها المنكوس من الوعي على ركبتي نجاحهم بعشقٍ شديد الاستيلاب وفائق الحَجْر.
لا يتْعبون كثيرا في جذب جموع منكفئة أصلاً على نفسها، فالعاطفة الدينية كفيلة بجذبها لموضع الخديعة طواعية،.. فهي عاجزة كأسلافها عن تلمُّسِ مخرجٍ من ممرِّ تبعيتها ما دام واقعها الجائع الضائع يلهيها عن التفكير، فتحولت لشحنات بشرية تُتَداول على أرصفة القناعة برخص الحشيش، وتركض وراء شيء موعود لا يُمسك ولا يُرى.
لا تعني لي الانتخابات شيئًا يذكر، وما كنتُ لأعلِّق عليها لو لم تكن شأنًا عامًّا يفرضُ نفسه،.. فلن تكون أكثر من تعبئة روتينية لمناصب بشخوص سيلعبون نفس الدَّور، وسيصلون الى أهدافهم بالتواء الأفعى ويمثلون “حالة” و”فترة” لكن قطعًا لا يمثلون نخبة ولا تراكما للإصلاح.
تبادلتْ المعارضة والموالاة على المجموعة الحضرية، ولم يكن السِّجل ناصعًا في كلتا الحالتين، ولم يتحسَّن وجه المدينة الكئيبة وإن غُمز بفساد منتخبة “من أجل الجمهورية” فقد غُمز في منتخب “التكتل” برائحة فسادٍ عفنٍ في صفقة “بيزورنو”.. لكن التَّداول ظلَّ حزبيا.
ولا أظن مقاطعة “عرفات الإسلامية” مدينة فاضلة في النظافة أو في العمران أو في الأمن، أو أحسن حالاً من بقية المقاطعات “غير الإسلامية” إن لم تكن أسوأ.
في الانتخابات الحالية المائعة تهشَّمت التَّكتلات والكيانات الحزبية على واقع أجرد، في ظرفٍ يختلط فيه بقوة استدعاء مُستقبل مُبهم في تفاصيل حاضر مُشَّوشٍ،.. ولم يكن مُرشَّحًا للصُّمود بسلاسة إلا حزمة أوامرِ الالتزام العقدي لحزب “تواصل”،.. فلا تحتاج شعبية “تواصل” أصلا للتجييش المُعقَّد، فهي مروَّضة على استصنام الخيار الحزبي، وكوادرها-القادة ملتزمون باستِصْنام مزاجِ مؤشر مصالح الحزب ، فالاستلاب والتبعية تمثل افعوانين مُنْجدلين في عالم الإسلام السياسي،.. الماكنة الدقيقة تُبقى الرَّعايا مُتحفِّزين ومُنصاعين بقوَّة لا انفكاك منها،.. مُتعطِّشين في انقيادٍ طوعي لقيادة مُقتنعة بدونيتهم، فمن لا يُؤمن بقيادة نفسه بنفسه لن يؤمن باختيار مَنْ هُوَّ مثله، فالذِّهن يعتاد السَّيطرة ويُصبح مرهونًا بدونيةٍ لقوة المال أو السلطة أو الوهم المُهين ، وبالتالي كمَّاشة الحزب مُطعَّمة بخدماته المتنوعة تُمثل سحر تفوقه.
لا أرى ضيرا في ابراغماتية التَّحالف مع حزب “تواصل” على أساس حزبي أو عقدي، فقد أثبتَ – موضوعيَّا- تقدُّمه في درجات الخبرة والتماسك وقوة الإرادة، والقدرة على الاستقطاب والحشد، .. لكن هذه حالة تكيُّف لا تعني غير “تواصل”… أمَّا أن يُقدَّم بموجبها “كبديل أفضل” فذلك مبحث آخر،… أفضل من ماذا؟،.. من اعوجاج حزب السّلطة مثلا؟.. أو أفضل لنجاحه في إدارة حملة إعلامية مُهيْمنة وشرسة جعلت من غيره خطيئة تستحق التعزير،.. قد يكون تلميعه مقبولاً لوْ لم يكن هو تواصل نفسه المُتدحرج من ثنايا الماضي المُتشابك دون خجل مع الاعوجاج في مواقفه الزئبقية، ، تارة ناصحًا إيَّاها وتارة ناطحا لهَا، أو مع المُعارضة مُعاهدا و ناكثا!، أو مُراقصًا وقارِصًا في المربَّع الرمادي لإيرا والزنوج…
لا نستطيع بحالٍ فصل تسيير “جميل” عن رؤية “تواصل”، ولا فصل الأخير عن شرايينه المُغذية ماليًّا والحاضنة فكريًّا، وإلاَّ انتفتْ علَّة وجوده، هل تجرؤ نسختنا “منهم” على مجرد التفكير في فكِّ الارتباط “معهم”؟،.. لقد جرَّبنا في عالمنا العربي مفهومهم لصناعة مستقبل “مُستقيم”، وموهبتهم في تلفيق العقل نحو العنف أو نحو تبريره.. وعليه، “هُمْ” منْ سيُسَيِّر مدينتي من خلال الأستاذ جميل.
تقديم “تواصل” كبديل وإن تجاسر به عُبَّاده العُمْي ، سيظل صعبًا على غير أتباعه وشتات المتحالفين معهم الانسلاخ من الواقع… فهي نفس الظُّلمة التي تبتلع الإنسان في أكثر من مكان.
لن يدفعني كره السُّلطة ولا حبُّ التَّظاهر بالتَّحلل من فسادها، أن أبتلع الطُّعم، بأن أقطع صلتي بنفسي و أُعجِّل باغتيال مبادئ يُرادُ لها أن تعيش انهيارها البطيء مثل راهبٍ خائِنٍ، لأنَّ حزمة من المُتطرِّفين ترْبض فوق هيكلها مثل البق… أُومِنُ بصلابةٍ بحاكميَّة الإدارة المدنية.
لا أعرف من إنجازات “بنت عبد المالك” إلا صفًّا من النَّخيل الإستوائي على حوَافِّ جادة المختار ولد داداه وحديقة عمومية بحجم غرفة كبيرة، ولستُ مكلّفة ولن أكون متطوِّعة بالدِّعاية لها، لكن “جميل” حكاية شرقية في ختامها يُعدم سلمان العوده… ونحن نكتب فصلها الأول!..