الأخطاء لا تعالج بأخطاء / البكاي ولد عبد المالك
الصور التي بثها التلفزيون الرسمي مساء أمس لإحدى إعداديات الداخل, أظنها في ولاية العصابة تظهر بالفعل حجم الأزمة التي وصل إليها التعليم العمومي في بلادنا وحاجة منظومتنا التعليمية إلى براديغم للإنقاذ (un paradigme de sauvetage) وتظهر على وجه الخصوص فشل قطاعين مهمين من القطاعات الحكومية (وزارة التهذيب ووكالة التضامن) كل من جهته، وفشلهما معا في التنسيق فيما بينهما فقد كان في مقدور وزارة التهذيب أن تطلب بناء هذه الإعدادية في مكان آخر يكثر في الطلب ويقل فيه العرض أو أن تقوم بعد بناء الإعدادية وبتنسيق مع وكالة التضامن باستكمال المتطلبات الأخرى وهي توفير الطاقم التدريسي الكافي لها من حيث الكم على الأقل حتى تسمى إعدادية ؟! لماذا لا تقوم وزارة التهذيب بتوفير الطواقم التربوية والتجهيزات اللوجستية الضرورية للإعدادية النموذجية للبنات في باركيول التي لا تزال مغلقة حتى الآن رغم مضي عدة سنوات على بنائها وأصبحت عرضة للخراب عوضا عن السماح بناء أخرى ستعاني نفس المصير؟!
كما كان في مقدور وكالة التضامن أن تقوم ببناء كفالات وحضانات أو تتكفل بتوفير منح طلابية لإعداديات أخرى قائمة يعاني تلاميذها من الفشل الدراسي والتسرب المدرسي بسبب الفقر المدقع الناجم عن آثار الاسترقاق والحالة المادية المتردية لأسرهم وذلك في الحقيقة هو مجال تدخلها الشرعي وتلك هي مهمتها الحقيقية التي أنشأت من أجلها وليست مهمتها بناء المؤسسات التربوية وإلا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أين ذهبت الميزانيات المخصصة لبناء المؤسسات التربوية في الوزارة الوصية ؟!
□ ومن جهة أخرى لا يظهر الفارق في الأعمار بين التلاميذ أننا بالفعل إزاء إعدادية مكتملة الصفوف !!! هذه الوضعية تكاد تكون عامة في أغلب المؤسسات التربوية الوطنية بحسب الإحصائيات الرسمية وفي ولاية العصابة تحديدا إذ لا يتجاوز عدد المدارس المكتملة في عموم الولاية بحسب ما أدلى به مسؤول حكومي للوكالة الموريتانية للأنباء سنة 2017 : 87 مدرسة في الوقت الذي يصل فيه عدد المدارس غير المكتملة المكونة من فصل واحد أو فصلين أو ثلاثة فصول 363 مدرسة !!!
□ كما لا يوحي المشهد أيضا بوجود أساتذة أصلا بهذه الإعدادية لأن المدير- الأستاذ أو الأستاذ- المدير يبدو أنه الأستاذ الوحيد الموجود بها هذا إن كان أصلا تابعا لهذه المؤسسة الجميلة من حيث المبنى المحيرة من حيث المعنى والمغزى.
□ كما توحي المشاهد كذلك بالحاجة إلى إعادة تأهيل الطاقم التربوي نفسه وهو ما يظهر من خلال المستوى الضحل للمكونين أنفسهم : يا أيها الرجل المعلم غيره ** هلا لنفسك كان ذا التعليم ** تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ** كيما يصح به وأنت سقيم : المعلم يحتاج إلى من يعلمه !
□ أما طغيان لون واحد أو مكون اجتماعي واحد فيها فلا عبرة به لأن المنطقة على ما يبدو هي منطقة آدوابه ..هذا يعني أن تعدد السرعات في التعليم لا يوجد في نواكشوط وحدها.
.. يجب أن نتوقف عن معالجة أخطاء بأخطاء أقبح منها.