موريتانيا : بدء محاكمة المتهمين في محاولة انقلابية وسط دموع النساء وزغاريدهن وضحكات المتهمين وابتسامات القاضي
انسحاب محامي المتهمين احتجاجا على حبس زميلهم سيدي محمد ولد محم
وسط دموع النساء وزغاريدهن أحياناً، وضحكات المتهمين وابتسامات القاضي، عُلّقت أمس محاكمة العسكريين الموريتانيين المتهمين بمحاولة انقلابية فاشلة ضد حكم الرئيس معاوية ولد الطايع، بسبب انسحاب المحامين احتجاجاً على سجن زميل لهم ورفض المتهمين الحديث في غياب محاميهم. وأمر رئيس المحكمة بسجن المحامي سيدي محمد ولد محمد بسبب كلام اعتبرته المحكمة اهانة لها، ما قاد الى انسحاب بقية المحامين. وفشلت مفاوضات بين نقيب المحامين ماء العينين ولد خليفة والقاضي محمد الهادي ولد محمد الذي أصرّ على سجن المحامي، وقرر القاضي مواصلة المحاكمة من دون المحامين.
غير ان النقيب أحمد ولد أحمد عبد، أحد الانقلابيين البارزين، رفض الحديث أمام المحكمة في غياب محاميه، وقال مشيراً الى شخصين من المجتمع المدني غير معروفين انتدبهما القاضي “بناء على نزاهتهما وصدقهما” – كما قال – للحلول محل المحامين: “لا أعرف هذين الشخصين ولا يعرفاني. ولذا لا أقبل ان يُعتمدا للدفاع عني”. وعلى رغم اصرار القاضي على طرح الاسئلة واصل المتهم الرد بالقول: “لن أجيب قبل حضور المحامين”، وسط تصفيق من 215 شخصاً من أقارب المتهمين جاؤوا من مسافات بعيدة لمؤازرتهم.
وعلى رغم التوتر الشديد الذي ساد قاعة المحكمة ومحيطها الذي يعج بالعسكريين المسلحين، فإن القاعة لم تخل من ضحكات شارك فيها القاضي والمتهم والجمهور.
ويعود جو المرح الممزوج بدموع النساء داخل القاعة الى تعليقات ساخرة من القاضي وطريقة خاصة في حديثه الى المتهمين لا تخلو من طرافة ربما مقصودة للتخفيف من الجو العابس في ثكنة وادي الناقة الواقعة في الصحراء، على خلفية الخوف من أحكام قاسية تتراوح بين الاعدام والمؤبد مع الأشغال الشاقة، كما تنص المواد القانونية التي يحاكم على أساسها المتهمون الـ181 من المتهمين العسكريين والمدنيين.
وكانت المحاكمة افتتحت في صحراء “وادي الناقة”، شرق العاصمة الموريتانية نواكشوط، أول من أمس وتشمل عشرات العسكريين المتهمين في قضية الانقلاب العسكري الذي سيطرت خلاله وحدات من سلاحي المدرعات والمشاة على نواكشوط لمدة يومين في حزيران يونيو 2003.
وتأخر افتتاح المحاكمة حتى المساء بسبب رفض محامين وجود عقيدين ضمن المحلفين. ويقول المحامون ان وجود عسكريين في المحكمة “يتناقض في شكل صارخ مع القانون”، اضافة الى “كون هذين العسكريين شاركا في التحقيق مع المعتقلين وفي اعتقالهم ومن بينهم شهود الاتهام”، كما قال لـ”الحياة” المحامي محمدن ولد اشدو. وقد استبدل رئيس المحكمة أحد العسكريين – ويُعتقد انه من الشهود في القضية – بضابط آخر، لكنه رفض استبدالهما بمدنيين.
وخلال الجلسة الأولى للمحكمة، استنفد المحامون معظم الوقت في الدفوع الشكلية مشككين في شرعية المحكمة التي قالوا انها تعقد “محاكمة سرية داخل ثكنة عسكرية، ولم تتشكل بحكم القانون”. وسُمح للمراسلين بحضور المحاكمة، كما حضر عدد من أقرباء المتهمين. كما لوحظ حــضور ممثلة للـسفارة الفرنسية.
وراجت أنباء عن شن المتهم الرئيسي في القضية صالح ولد حننه اضراباً عن الطعام منذ يومين. وقال المحامي ولد أشدو لـ”الحياة” ان “المتهمين تعرضوا للتعذيب وبعضهم الى الآن في الاغلال”، في إشارة الى ولد حننه. غير ان محامياً آخر في القضية يدافع عن ولد حننه بتوكيل منه، هو المحامي يحيى ولد أحمد، قال لـ”الحياة” ان موكله “صرّح الي بأنه لم يتعرض للتعذيب”.
واعتقل ولد حننه قبل شهر بعد فراره العام الماضي مع آخرين إثر فشل انقلاب حزيران يونيو 2003. وقالت السلطات بعد اعتقاله بأيام انه عاد الى موريتانيا لتنفيذ محاولة انقلابية أخرى في اب اغسطس الماضي. وتم اعتقال عدد من العكسريين والمدنيين على ذمة هذه القضية التي اتُهم فيها ثلاثة من زعماء المعارضة بينهم الرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة وأحمد ولد داداة. وفي حين ينتظر العسكريون والمدنيون الذين اعتُقلوا أخيراً محاكمة لم يتحدد موعدها بعد، يُحاكم حننه الآن بالتهمتين.
الحياة اللندنية