canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراء

الفرنسية لغة أم أيديولوجيا؟!/ محمد محفوظ أحمد

بينما شاهدت جانبا من احتفالية اليوم الدولي للفرانكفونية (وهو بسبعة أيام) في نواكشوط، وما يحظى به من رعاية الهيئات الأجنبية والمؤسسات “الوطنية”، أتاحت لي ساعة من الرياضة المريحة على شاطئ الأطلسي صباح أمس، أو “تاحتني” في الاستماع للاحتفال الأكبر (الأصل) منقولا على إذاعة RFI التي كرست الحصة الإخبارية والتفاعلية الإفريقية الصباحية لهذا الحدث، وله نقلت بيتها إلى مقر OIF في باريس. وبالإضافة إلى خطاب الرئيس الفرنسي وحديث طويل للرواندية رئيسة المنظمة، أفاضت الإذاعة في إنعاش هذا اليوم المشهود.
ما لفت الانتباه هو المستوى المكشوف للانتقائية في اختيار الضيوف والأشخاص المتفاعلين في تلك الحصة، والذين أجمعوا بشكل مذهل على أن اللغة الفرنسية هي بالنسبة لهم حياة، وذات، وخبز، وماء…
= هل ستحرص على تعليم أبنائك اللغة الفرنسية، وهل هي في الأهمية مثل لغتك الأم؟
يسأل المنعش. فيجيب رجل أو امرأة من ادغال إفريقيا أو أحياء مدنها المكتظة، بفرنسية ركيكة وحروف محرفة:
= طبعا، بالتأكيد! الفرنسية هي حلم أبنائي، وهي أهم من لغتهم الأم، لأنها تفتح لهم آفاقا أوسع وتعلمهم معارف عظيمة…
وهكذا…
ثم تأتي فقرات أخرى من الألغاز والمسابقات التي تحيي موات هذه اللغة، وتضع تعلمها شرطا للحياة العصرية، وعِدلا للحياة نفسها!
*
ولرفع المعنويات التي تزداد ضعفا، تزعم الإحصائيات الفرنسية أن اللغة الفرنسية هي خامس لغة في العالم، وأنها يتكلمها 300 مليون شخص في العالم! وهي إحصائيات فريدة في المغالطة؛ لأن اللغة الفرنسية حسب أحدث الإحصاءات الدولية المختصة تصنفها، من حيث عدد الناطقين بها، التاسعة (العربية هي الرابعة) وتضعها الموسوعة الحرة العالمية، بنفس المعيار، في المرتبة الثامنة عشرة (والعربية الخامسة).
وإليكم سر هذه المغالطة: هو في عدد الدول الأعضاء أو المراقبين في منظمة الفرانكفونية الدولية؛ ففيها مصر وألبانيا ومقدونيا وبلغاريا… والأعضاء المراقبون منهم معظم دول شرق أروبا… والسعودية على وشك الانضمام!!
وهكذا ارتفع عدد الناطقين بالفرنسية من 74 مليون الحقيقية، إلى 300 مليون افتراضية…!
*
وبينما تتقدم دول وترتقي علميا واقتصاديا بفضل التركيز على لغاتها الخاصة، أو الأخذ باللغة العالمية (الانجليزية) تبدو فرنسية الأفارقة، البائسين بفقرهم وأمراضهم وحروبهم، وهي لا تعصمهم من الموت غرقا في أعماق البحار أو جوعا وعطشا في مهامه الصحراء، منعا لهم من دخول “الجنة الأوروبية”، خدعة سخيفة ولا طائل من ورائها.
إلا أن فرنسا كمرجع استعماري وحيد، وقوى عالمية مهمة، قد جعلت “بأسها في لغتها”، على حد المثل الموريتاني!
*
ومن هنا صدق القائلون إن الفرنسية ليست لغة، وإنما هي أيديولوجيا!!
*
أنا والفرنسية
———–
الشرط الأول لتعلم أي شيء هو محبته أو على الأقل الاهتمام به. من هنا كانت قصتي مع اللغة الفرنسية.
لم أغرم بها قط! وإذا أكملت الاعتراف فهو كره! وقد أزيد فأقر أني ظلمتها! لأن من أعظم ما أصابني من الفرنسية أمرين غير “لغويين”: أولا: كونها لغة مستعمر كريه، وأداة من أقسى أدوات سيطرته على ما يلينا من هذه القارة.
أما السبب الثاني فكان أكثر إيلاما لي شخصيا وأقوى تأثيرا نفسيا؛ ألا وهو استخدام هذه اللغة الأجنبية من طرف شراذم من أتباع الإدارة الموريتانية وأعوانها وحشراتها، لممارسة الإقصاء والتجبر والتكبر، والفساد و”لفسيد”… ضد عامة الشعب الموريتاني؛ تتفيها وتهميشا للغته وثقافته وقيمه؛ بل وعبثا بمصالحه وانسجامه!
*
مسألة الكره هذه، تأكدت من دورها في صدي عن إتقان اللغة الفرنسية، حيث فرضت علي نفسها كمتلق مستهلك، وقابض ممسك! وهو ما كان يسمى بـ”المترجم الأعرج” (الذي يترجم إلى العربية بإتقان ولا يستطيع الترجمة منها أو من غيرها إلى الفرنسية، أو العكس)… تأكدت منها حينما انتسبت لتعلم قصير للإنجليزية، التي كانت تبدو لي حصنا مغلقا.
كان ذلك في أحد أفضل وأغلى مدارس الانجليزية العمومية البسيطة، وهو British Council حيث كانت معلمتنا الويلزية تبدو عليها السعادة عندما نحاول بركاكة تكوين جملة إنجليزية غير مفيدة، أو مخاطبتها بكلمات مرضوضة من تلك اللغة… حينها تذكرت الأستاذ الموريتاني الذي كان يتطوع لنا بحصة الفرنسية في الدروس المسائية التي كان اليساريون (الناصريون والكادحون) يتنافسون في تقديمها للطلاب”الأحرار”… فقد كان ذلك الأستاذ يتميز غيظا ويحتد كمدا عندما يخاطبه تلميذ بعبارة خاطئة، أو يردد وراءه صوتا نشازا لحرف فرنسي. وما أزال أذكر بعض معاركه، و”مطارده” لطلاب وطالبات لم يعجبه أداؤهم للصوت الفرنسي اللعين “U”، ولقد أثلج صدري ـ بالمناسبة ـ كيف تنطق الانجليزية ذلك الحرف بسلام!
*
في أولى رحلاتي إلى المشرق عبر فرنسا، ركبت طائرة “اير فرانس” إلى باريز. وبالطبع كان الخطاب فرنسية خالصة، وعرضا مسجلا لقناة TF1 ، وفي الغد كانت الرحلة الموالية على نفس الخطوط من باريس إلى دبي… لكن المفاجأة كانت أن صدحت مجهارات الطائرة باللغة العربية ثم الانجليزية، واختفت الفرنسية كلية!
قلت في نفسي: ما الذي جرى؟! هل هذه طائرة الخطوط الفرنسية أم الخطوط العربية أو البريطانية…؟!
ثم لما أتيحت لي بعد ذلك إقامة قصيرة في فرنسا وزيارة بعض حواضرها الكبرى وجدت أن زائر هذا البلد قد يعاني من أي شيء، سوى جهل اللغة الفرنسية!
فالفنادق والمحلات والمؤسسات ووسائل النقل تتكلم الانجليزية، وتولي الراطن بها، ولو كان بمستوى جهلي أنا، احتراما وعناية أكبر. وفي كثير من المخازن والمطاعم الباريسية و”اللِّلية” و”النيسية” و”المرسيلية”… تجد من يتحدث بلغتك العربية مباشرة!
باختصار هذه “الشحمة” التي تصول به اللغة الفرنسية في الربوع الإفريقية الغربية، وفي بلادنا خاصة، هي تماما “كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد”!
*
هنا أيضا، كما في أماكن أخرى، أسقطت ثورة وسائل الاتصال الحواجز وكشفت الأغشية عن كثير من العقول والألسن، التي طالما عانت من عقدة “الأرابزان” التي كانت تسلطها على “المستسلمين” للغة وثقافة المجتمع… وتساقطوا من أبراج الورق التي كانوا يصعدون؛ حيث أدى هزال المحتوى الفرنسي وانحساره، وتصاعد المحتوى الانجليزي، والعربي بالذات، في وسائل الإعلام والاتصال إلى “حشمة” تلك النخب السطحية، ومحاولة المستطيعين منها دخول الصلح مع ثقافتهم وذواتهم… وبقي آخرون في ضيقهم يترددون!
*
اللغة الفرنسية لغة علم وأدب راقية وقوية، لا مراء في ذلك، لكنها محدودة الآفاق.
أما المشكلة الأدهى فهي أن الأفارقة، والموريتانيين خاصة، لا يرومونها من حيث ذلك، وإنما يحومون حول قشرتها كالطفيليات، ولا ينفذون إلى القلب ولا يعتصرون اللب ولا يهتصرون الحَب؛ بل إنتاجهم بها قليل وهزيل، ولا يغني من العلم والثقافة شيئا…

لذلك، ومع الاحترام الكبير، للمتمسكين بهذه اللغة (ولا أقول الناطقين بها، لأنهم لا وجود لهم بيننا ولا حوالينا!) فإنه على الجهات المعنية أن تتصالح مع الدستور والقوانين في هذه الدولة أو تسعى لتعديلها وإعلان اللغة الفرنسية لغة رسمية، كما هي كذلك في الواقع، غصبا وعدوانا!!
***
هل هذه خواطر “أرابزان” جاهل، “معقد”، يتحامل على لغة “مولير” الكونية الجميلة بالباطل… أم هي حقائق واقعية… أم بين هذا وذاك…؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى