بعد هزيمة الدولة الإسلامية.. أطفال رضع يتضورون جوعا ونساء جريحات بمستشفيات سورية
الحسكة (سوريا) (رويترز) – سوء التغذية وعدم اكتمال النمو وكسور في الأرجل.. هذه بعض الإصابات والأمراض التي تتضمنها سجلات الأطقم الطبية في مخيم الهول بشرق سوريا لأطفال رضع نُقلوا من ساحة المعركة إلى العيادة المكتظة التي تفتقر إلى نظافة المنشآت الصحية.
ويتم نقل أصعب الحالات إلى أقرب مستشفى ويبعد ساعتين بالسيارة على طريق غير ممهد. وأغلب هذه الحالات لأطفال رضع ضامري الأجساد ولدتهن زوجات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية خلال الحرب.
ويتكدس آخرون التماسا للعلاج الطبي البسيط في غرفة الانتظار المغطاة بالصفيح.
وفي المستشفى اضطر العاملون لبناء حجرتين متنقلتين فوق السطح لتكونا قسما مؤقتا لعلاج الأطفال الرضع الذين يعانون من سوء التغذية ويُحشر كل اثنين أو ثلاثة منهم في سرير واحد.
أما الأدوار الأخرى فتمتلئ بصبية في سن المراهقة فقدوا بعض أطرافهم ونساء مصابات بشظايا وبطلقات نارية.
ويعاني العاملون في المجال الطبي جراء نزوح أكثر من 60 ألف شخص من الباغوز المعقل الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا لمجاراة سيل المحتاجين للرعاية الطبية في المخيم وفي مستشفيات تفتقر للمعدات اللازمة.
وتقول جماعات المساعدات الانسانية إن العشرات وخاصة من الأطفال ماتوا في الرحلة التي يبلغ طولها 240 كيلومترا إلى مخيم الهول أو عقب وصولهم إليه.
وفي المخيم قالت امرأة منتقبة عمرها 33 عاما قدمت نفسها باسم أم محمد وهي تحمل طفلا عمره ستة أشهر ”ابني مصاب بخلع في مفصل الفخذ. ويحتاج لعملية جراحية عاجلة“.
وأضافت ”الأطباء يقولون إن عندهم حالات أشد إلحاحا. جروح وإصابات شظايا“.
وفي منطقة الانتظار يجلس على مقاعد خشبية أو على الأرضية الخرسانية عشرات وصل أغلبهم من الباغوز خلال هدنة قصيرة تم ترتيبها الشهر الماضي لإجلاء المدنيين والمتشددين المستسلمين.
ويراقب أطفال جالسون على كراس متحركة الموجودين بينما يعلو صراخ الأطفال الرضع أثناء تضميد جروحهم أو حقنهم بالأدوية.
كانت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة قد أعلنت هزيمة دولة ”الخلافة“ التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في مارس آذار والتي كانت تمتد في وقت من الأوقات على جانبي الحدود السورية العراقية وذلك بعد طرد مقاتلي التنظيم من قرية الباغوز التي صمدوا فيها شهرا في آخر معاركهم.
وراحت أعداد لا حصر لها ضحية القصف المكثف والقتال الذي استهدف إخراج مقاتلي التنظيم كما أصيبت أعداد أكبر بجروح، وكان من بين المصابين زوجات للمقاتلين وأطفالهن وأنصار التنظيم ومدنيون محاصرون في الباغوز.
وأصبح النازحون في الأسابيع القليلة الماضية عبئا على نظام الرعاية الصحية في المناطق الخاضعة للإدارة الكردية في شرق سوريا
وفي العيادة الموجودة بمخيم الهول الذي يستضيف أكثر من 70 ألفا من الذين نزحوا بسبب العنف كانت أطراف عدد كبير من الموجودين مغطاة بجبائر غير متقنة الصنع.
وقالت امرأة إنها لا تجد مسكنات كافية لجرح في يدها إذ لا تزال قطعة طويلة من المعدن عالقة في مفصل إصبعها جراء انفجار أصيبت هي ولقي ثلاثة من أقاربها مصرعهم فيه.
وقالت وهي تعرف نفسها باسم أم أحمد ”كل ما أريده عمل أشعة في المستشفى“.
غير أن المستشفيات المحلية لا تقبل إلا الحالات الخطيرة.
وفي غرفة بأحد مستشفيات مدينة الحسكة القريبة كانت براء الكردي، زوجة أحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية والتي تبلغ من العمر 19 عاما، ترقد بلا حراك بجوار ابنها المصاب بحروق من الدرجة الثالثة تغطي وجهه.
قالت بصوت خافت ”أصبت بشظية في الرأس. كنا بجوار سيارة محملة بالذخيرة والمتفجرات وفيها أحزمة ناسفة جاهزة لكي يستخدمها المقاتلون“ في العمليات الانتحارية.
وأضافت ”قُتل زوجي. ابنتي عمرها شهر واحد. موجودة في الدور العلوي في قسم الأطفال حديثي الولادة“.
وكانت ابنتها واحدة من عدد قليل من الأطفال حديثي الولادة غير الأجانب في القسم.
ورقد أطفال آخرون، كثير منهم شقر أو بملامح آسيوية، على الأسرة في هدوء وقد غارت عيونهم وبرزت عظام خدودهم من سوء التغذية. ومن أسماء الأطفال التي سجلتها الأمهات في سجل المرضى علي الأذربيجاني وعلي الأوزبكي ومحمد سكرامو والأخير اسم نرويجي.
وقد رفض عدد من الدول الأوروبية عودة مواطنيها الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية الأمر الذي فرض ضغوطا إضافية على السلطات المحلية في التعامل مع الأسرى والمرضى.
وقالت ممرضة في القسم ”يصل الأطفال من المخيم ليل نهار. لدينا الآن أكثر من 70 طفلا حديثي الولادة يعالجون من سوء التغذية“.
وطلبت الممرضة وعاملون آخرون بالمستشفى عدم نشر أسمائهم أو اسم المستشفى خوفا من الردود الانتقامية بسبب معالجتهم أطفال رجال التنظيم.
وقالت ”أغلب الحالات يتم علاجها وتعاد إلى المخيم. توفي عدد قليل. ونحن نبذل قصارى جهدنا. لكن لدينا موارد محدودة حتى قبل هذا الطوفان“.
وتقول لجنة الإنقاذ الدولية إن كثر من 200 شخص توفوا في طريقهم إلى المخيم أو عقب وصولهم إليه في الأشهر القليلة الماضية.
وقالت اللجنة هذا الأسبوع إن ما بين 30 و50 حالة تُحال للمستشفيات المحلية كل يوم.
وقال مسؤول محلي بقطاع الصحة طلب عدم نشر اسمه ”يصل إلينا 30 سيارة إسعاف كل يوم“.
وأضاف ”توجد مساعدات من المنظمات الدولية للقادمين من الباغوز. وأغلبهم أجانب. ونستطيع بالكاد توفير الرعاية الصحية لأهلنا“.
87 تعليقات