مبارك من المنصة الی۔القصر ومن القصر الی المیدان
الجمعة 11 من فبراير 2011 م كان يومًا مشهودًا فی الربع الأول من الألفیة الجدیدة في مصر، ففي هذا اليوم خرج عُمر سُليمان نائب الرئيس المصُري ومدیر جهاز الأستخبارات السابق ۔ ليُعؑلن في بيان مُقتضؒب تنحي الرئيس “حُسني مبارك ” عن الحكم وتسليمه مقاليد السلطة والبلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. بالطبع لم يأتِ هذا القرار من فراغ أو بين عشيةؑ وضُحاها، فقد كان تتويجا لسلسة طويلة من الأحداث استمرت لثلاثة أسابيع وبدأت في يوم 25 من يناير/ 2011 م ۔ تولي حسني مبارك مقالید الحکم ۔
بعد حادث المنصة عام 1981م خلفا للسادات بصفتة ناٸب الرٸیس بعد عملیة سریعة لنقل السلطة من رٸیس مجلس الشعب الدکتور صوفي ابو طالب ،أصدر قرارا بالأفراج عن المعتقلین السیاسیین ۔ التی تم التحفظ علیهم الرٸیس السابق السادات فی 3 من سبتمبر عام 1981م ۔ شمل العفو البابا شنودة بابا الأسکندریة ۔والاستاذ هیکل الکاتب المعروف، ویاسین سراج الدین ، والشخصیات العامة واساتذة الجامعات ۔ کذلك تم الافراج عن کل من الفریق محمد فوزی ، وزیر الحربیة ،وشعراوي جمعه وزیر الداخلیةِ، وسامي شرف ،وعلی صبري ، ناٸب رٸیس الجمهوریة ، وأخرین مما شملهم العفو الرٸاسي والقضیة المعروفة بمراکز القوي فی بدایة عصر السادات فی مایو 1971م وقد کان هناك ارتیاح عام فی الشارع المصري فی بدایة حُکمه
وبدأ فی کتابة تاریخ وتغییر صورتة کأحد ابطال حرب أکتوبر وصاحب الضربة الجویة الأولي ۔ ظلت الأمور فی مصر هادٸة فی بدایة تولیة الحکم ۔أن ذلك البريق الذي بدأ به مبارك حكمه بدأ يخبو رويدا رويدا وتتحطم صورته المعتدلة على صخرة الواقع المر من سحق للمعارضة وتغول لأدوات القمع، الشرطة ومباحث أمن الدولة، وانحطاط الأوضاع الاقتصادية وسيطرة الحزب الواحد ورجال أعماله على مقدرات البلاد. وبعد ثلاثين عاما من الحكم أصبح فيها مبارك الحاكم بأمره، بدأ في إعداد العدة والخطط لتمرير الحكم إلى نجله، جمال، وهو ما كان القشة التي قصمت ظهر البعير.
۔وبدأ فی عودة مصر الی الصف العربي ۔وعودة مقر جامعة الدول العربیة الی مقرها فی القاهرة ۔بعد قرارات جبهة الصُموؒد والتصدي ۔ ضد السادات بعد اتفاقیة السلام مع إسراٸیل ، فی منتصف الثماینیات من القرن المنصرم حدث تمرد لقوات ( الأمن المرکزي ) أدت الی نُزول القوات المسلحة لإخماد التمرد ۔والقضاء علیه وزیر الداخلیة اللواء / احمد رشدي یقدم استقالتة نتیجة هذة الأحداث۔ وحدث تقارب عربي مع مصر وخاصتا العراق والیمن ۔ حتی إجتیاح العراق للکویت ۔ وقفت مصر مبارك ۔مع الکویت ودول الخلیج ۔وظهر ذلك فی مٶتمر جامعة الدول العربیة الطارٸ فی القاهرة ۔بالوقوف مع تحریر الکویت ۔والتحالف مع الدول الغربیة وأمریکا وفی إرسال قوات مصریة لتحریر الکویت ۔ وعلی الصعید الداخلي نشط التیار الجهادي من جماعات الجهاد والجماعات الأصولیة ضد النظام بضرب السیاحة وتصفیة بعض ضباط الشرطة ۔والدخول فی مواجهات دمویة ۔اسفرت عن استقالة وزیر الداخلیة اللواء / حسن الألفی ۔بعد حادث الأقصر وقتل أعداد من السیاح الأجانب کما جري عملیات تفجیرات فی مواکب الوزراء ۔ومنهم موکب رٸیس الوزراء عاطف صدقی ۔ووزیر الداخلیه السابق/ ذکی بدر ، وعملیة اطلاق النار علی السید / حسن ابو باشا ۔ ومقتل رٸیس مجلس الشعب الدکتور / رفعت المحجوب ۔۔ وکانت البلاد قد دخلت مرة أخری فی داٸرة العنف والعنف المضاد ۔ ظلت الأوضاع بعد ذلك حتی یوم 2 أغسطس عام 1995م حیث تعرض موکب مبارك ۔فی العاصمة الأثیوبیة لعملیة اغتیال من قِبل الجماعة الإسلامیة ۔ونجا مبارك من العملیة التی أدت الی توتر العلاقات المصریة السودانیة علی خلفیه تهریب المتهمین خارج السودان ۔ومع الألفیة الجدیدة وحرب الخلیج الأولی والثانیة ۔کانت مصر لدیها علاقات قویة مع الولایات المتحدة ۔وتعاون أمني بعد حادث برجي التجارة العالمي
۔وفی عام 2003م وفی حدیث مع الصحفی” رضا هلال” بعد عودتة من زیارة قام بها الی امریکا صرح عن شخصیة جمال مبارك وعلاقتة برجال اعمال یهود فی لندن ۔وکان أول من أدلي بتصریح عن عملیه التوریث۔
ومازال مختفي حتی هذة اللحظه ولم یعرف مصیرة حتی کتابة هذة السطور ۔۔وفی انتخابات عام 2005م کانت الصفقة الکبري بین التقارب مع الأخوان وکان مهندس العملیةکلا من ; السید / کمال الشاذلي زعیم الأغلبیة فی المجلس وممثلاً للحکومة والسید / المهندس خیرت الشاطر ۔ممثلاً لجماعة الأخوان وقد فاز الاخوان بأکثر من 80 مقعدا فی المجلس ۔وفی صیف عام 2010م ۔غاب عن المشهد کمال الشاذلی وخیرت الشاطر وصعود ۔لجنة السیاسات فی السیاسة العامة وصعود جمال مبارك امین الحزب الوطني الحاکم ۔وتشکیل حکومة من المقربیین من جمال مبارك ۔من رجال الأعمال ۔وتولی رجل الأعمال المهندس / احمد عز دور / الوزیر المخضرم کمال الشاذلي فی اختیار الاعضاء المرشحین للمجلس ورسم السیاسات للحزب الحکم ۔ وکانت بدایة القشه التی قصمت ظهر البعیر لحکم مبارك ۔۔کانت الولایات المتحدة تبحث عن البدیل ۔وما بعد مبارك ۔وکانت لجنة السیاسات بالحزب الحاکم تستعد لعملیة توریث الحکم للسید / جمال مبارك بعد الأنتهاء من عملیة الانتخابات التشریعیة بمجلسي الشعب والشوري وإستبعاد ای تیارات أخری للوصول الی المجلس ۔ بدأت توزع منشورات فی القاهرة وبعض المدن۔عن التوقیع لترشیح السید جمال مبارك ووضع ملصقات علی الحواٸط کذلك صور تأیید أخری للسید / عمر سلیمان المرشح الأخر للرٸاسة وکانت تختفی هذه المُلصقات بعد قلیل ۔حاولت الولایات المتحدة فتح حوار بین الأخوان وتم بالفعل فی داخل فندق کبیر فی وسط العاصمة برعایة کندیة ۔وقد ساعد علی ذلك الدکتور / سعد الدین ابراهیم رٸیس مرکز ابن خلدون بالقاهرة ۔ اثناء تنفیذ حکم قضاٸي ثلاث سنوات مع جماعه الأخوان داخل السجن ۔
وفی تصریح للدکتور محمد بدیع المرشد العام للجماعة فی صیف 2010م صرح قُبیل الأنتخابات التشریعیة فی اکتوبر 2010م إذا تم استبعادهم من العملیة الأنتخابیة والتوریث سوف تشعل النار فی مصر ۔ولم یحدث وبالفعل تم استبعاد الاخوان من مجلس الشعب وکل القوي الوطنیة فتم تنسیق مع قوي معارضه بتشکیل مجلس موازی ۔ کان رد مبارك (خلیهم یسلوا) وفی نهایة العام کانت الشعلة الأولي فی جسد (محمد بوعزیزی ) الشرارة الأولي ۔لإشعال الثورة فی مصر ۔تحت کلنا خالد سعید ۔۔وجماعة کفایة ۔ لتآخذ منعطف أخر بعد تصعید المظاهرات وإقالة الحکومة وتعین ناٸب لمبارك ۔ وکانت مطالب المتظاهریین أولاً: رحیل مبارك عن الحکم وتقدیمة للمحاکمة، ومحاسبتة عن مصادر ثروتة۔۔
رغم أنه لم يعلن صراحة رغبته في تولي ابنه المسؤولية من بعده إلا أن كل المؤشرات والاستعدادات كانت تتجه بمصر إلى هذا الاتجاه، فقد أصبح جمال مبارك الأمين العام “للحزب الوطني الحاكم” وهو المنصب الذي يلي مباشرة منصب رئيس الحزب، مبارك، وأيضا رئيسا للجنة السياسات بالحزب والمسؤولة عن وضع كل سياسات الدولة. بالطبع لم يرق هذا كله لقادة الجيش الذين اعتبروه خروجا عن النهج الذي خطته ثورة يوليو/ 1952م رغم نهج الثورة من وجهة نظری قد ماتت مع نکسة 1967م ، فقد جرت العادة أن يخرج الرئيس من عباءة المؤسسة العسكرية وجمال ليس عسكريا ۔۔
وعندما هبت نسائم “الربيع العربي” على مصر قادمة من تونس، وخرجت الجموع في الشوارع يوم 25 يناير 2011م مطالبة بإصلاح النظام ومرددة الشعار الشهير ” عیش ۔ حرية عدالة اجتماعية” قابلتها قوات الأمن بقمع غير مسبوق ما أدى إلى سقوط قتلى في المظاهرات وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ وقت طويل، اشتعل الموقف وارتفع سقف المطالب ليصبح “الشعب يريد إسقاط النظام”
تولي الجيش حفظ الأمن والحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة.تولي الشرطة العسكرية مهام الشرطة المدنية لحفظ النظام في البلاد.عزل قيادات الشرطة ومدیري الأمن وقيادة أمن الدولة والأمن المركزي ووضع ضباط وجنود الشرطة تحت تصرف الشرطة العسكرية.التحفظ علي المسؤولين السابقين ومنعهم من السفر تمهيدا لتقديمهم لمحاكمة عادلة.تجميد أموال المسؤولين السابقين وأسرهم لحين لمعرفة مصادرها.الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وفقا للدستور الجديد حال الانتهاء منه بعد إقراره من الشعب في استفتاء عام. وعاش الشعب ألمصري قصة الفیلم المصري ” أحلام هند ۔وکامیلیا ۔لیتحطم الحُلم علی صخرة ۔ویعیش الشعب علی ۔ ولا یوم من أیامك یامبارك ۔۔۔
محمد سعد عبد اللطیف- کاتب مصري وباحث فی الجغرافیا السیاسیه والمقال أرسل من طرفه إلى “مورينيوز”