فلسطين .. ومنطق التاريخ/ محمد فال ولد بلال
هناك حقيقة ثابتة غير قابلة للشّك، و هي أنّ التاريخ لا يتحمّل الزور طويلا، و مهما طال الزمن لا بُدّ للحق أنْ ينبلِجَ ذات يوم…كم من حُلم كان يبدو مُستحيلا تحقّق في ظرف جيلنا نحن أبناء ستينات القرن الماضي، أي في غضون خمسين أو ستين سنة من عمر الأمم.
استذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:
– تصفية الاستعمار بشكل تام من القارة الافريقية و غيرها،
– الاطاحة بنظام الميز العنصري [الأبرتيد] في جنوب إفريقيا،
– استرجاع حقوق السود في الولايات المتحدة،
– هزيمة الأمريكان في الهند الصينية [فيتنام و كامبوديا و لاووس]،
– انهيار معسكر الاتحاد السوفياتي، و تحطيم جدار برلين،
– إعادة تشكيل النظام العالمي من الثنائية إلى الأحادية إلى التعددية،
– نهضة اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، و بزوغ نجم الصين،
– الوصول إلى القمر، والعولمة، وثورة الاتصال، إلخ…
أحلام كانت تبدو مستحيلة…صنعتها النخب المستنيرة، على اختلاف مشاربها، بثقة في عدالة قضاياها و منطق انتصارها لأنّها بكلّ بساطة تقع في سياق التاريخ.
و الحقيقة الثانية، هي أنّ القضية الفلسطينية برُمّتها تقع في نفس السياق. بعد رحلتها الشاقة و الطويلة بين القاهرة والأردن ولبنان ودمشق وتونس؛ هاهي الآن تعود إلى قلب فلسطين لتأخذ مجراها في نهر التاريخ و الانتصار! إنّه منطق التاريخ، و قانون الحياة الذي ينجرف في تياره كل “من أو ما” يُعاكسُ مجراهُ و يقِفُ في وجه سيله العارم. إن ما نعيشه اليوم في فلسطين، و ما تسطرهُ المقاومة من تقدّم، و ما تلقاهُ من دعم و تعاطف متزايد عبر العالم، و تطوير كفاحها من الكلمة إلى الحجارة، ومن الحجارة إلى الرصاصة، ومن الرصاصة إلى الصاروخ، ومن الصاروخ إلى الطائرة المسيرة .. إنجازات باهرة ترسم بالخط العريض عنوانا بارزا في سجل التحولات التاريخية العظيمة التي عشناها في العقود ال7 الماضية؛ و كانت تبدو مستحيلة في نظر العوام..