الأخبار بين التزييف و التضليل بقلم المصطفى ولد محمد ولد البو
تعاني موريتانيا مثل أغلب الدول النامية من مشكلة التدفق الإخباري وغياب آليات مهنية وفنية ورقابية قادرة على التفريغ والتحكم والتقييم، مما تسبب في فجوة كبيرة بين المعلومات الدقيقة والمزيفة، هذا التدفق لا يجد معه المتلقي عادة الوقت الكافي للتحقق من الأخبار إلى جانب تغول مشكلة الأمية المعلوماتية وانتشارها بين البعض من مستهلكي الأخبار.
هذه المشكلة نتج عنها اختلال في توزيع الأخبار، هذا الاختلال استغله الكثيرون لنشر أخبار بأهداف مختلفة، بعضها ربحي والآخر سياسي وقد تكون بهدف الشهرة بكل بساطة.
وفي هذا الصدد، قد تكون الأخبار مزيفة ومُضلّلة وسأوضح في هذا المقال الفرق بين المصطلحين وأسهل الطرق التي أرى أنها يمكن أن تساعدك في التعرف عليها وبالتالي تتجنب الوقوع ضحية لها.
الأخبار المزيفة هي أخبار خاطئة يتم نشرها لخداع الناس وهي قديمة قِدم صناعة الأخبار نفسها يعني أنها لازمتها منذ البداية وليست وليدة اليوم وهناك محطات تاريخية شاهدة على تداول هذه الأخبار المزيفة وتحولت إلى نماذج يتم تدريسها لطلبة الإعلام للدلالة على قوة وخطورة هذه المعضلة بين الأمس واليوم.
الأخبار المزيفة: هناك خطوات يمكن من خلالها التحقق من المعلومات أو الأخبار
أولا: التأكد من أن هذا الخبر نقلته مصادر مختلفة، هذا ليس كافيا طبعا لكنها الخطوة الأولى على طريق التحقق، لأن نقل مصادر مختلفة لخبر واحد يعطي انطباعا حول مصداقيته
ثانيا: البحث بشكل خاص عن مصدر موثوق سواء كان وكالات أو بيانات رسمية أو حسابات موثقة لصحفيين أو مراسلين يتحدثون من عين المكان أو مع شهود عيان.
ثالثا: إذا كان الخبر عبارة عن تقرير أو مقال فيجب أن تبحث عن كاتبه فإذا لم تجده يعني أنه مجهول المصدر وبالتالي فهذا يعتبر طعنا في مصداقيته.
رابعا: إذا كان الخبر صورة أو مقطعا مصورا فهناك وسائل فنية يمكن بواسطتها التحقق عما إذا كانت قديمة أو حديثة أو حقيقية أو مفبركة، وقد تكتشف أنها خارج حدودك أيضا بسهولة وذلك باستخدام محرك غوغل الذي يتيح خاصية التحقق من الصور وغيره من المواقع المتخصصة في Checking
خامسا: كن محايدا قدر الإمكان وأنت تقرا الأخبار لأن انحيازك لأخبار تتوافق مع وجهة نظرك قد تؤدي بك إلى التساهل مع انتشار المعلومات المزيفة بشكل سريع فحاول أن تتصفحها بتجرد حتى يتبين لك الدقيق منها والمزيف.
سادسا: تأكد أن الخبر آني أي جديد وأنه خال من الأخطاء إملائية كانت أو تحريرية
سابعا: تحقق دائما من الروابط لأنها قد تكون روابط وهمية.
من أمثلة التزييف الإعلامي اختلاق أحداث وجرائم من العدم بهدف إثارة الهلع بين المواطنين بالإضافة إلى فبركة تصريحات خطيرة أو صور أو فيديوهات.
التضليل: يختلف التضليل عن التزييف في أبجديات التحرير الإخباري، حيث يُعد التزييف عملا واضحا نوعا ما ويمكن للقارئ العادي تمييزه في حالات عديدة لأنه إما أبيض أو أسود أما التضليل فهو عمل رمادي نوعا ما ويحتاج للكثير من الانتباه والحذر الشديد ويسهل على غير المختصين عادة السقوط في شباكه لأنه يستخدم طُعما مغريا لاصطياد ضحاياه، فما هو هذا الطُعم؟!
يستخدم التضليل الإعلامي جزء صغيرا من الأخبار الصحيحة كطُعم ثم يغلفه بأخبار مضللة وكاذبة وهو أقرب إلى تهريب الممنوعات لكن بأسلوب صحفي ويعتمد بشكل كبير على إثارة عواطف البعض واستحمار البعض الآخر ولم أجد مثالا أكثر دقة كتضليل إعلامي من المدعو نصير ياسين أو Nas daily والذي استطاع عبر وسائله المتطورة تجنيد الكثير من الشباب بإجبارهم على تقبل الكيان الصهيوني من خلال تضليل اعتمد فيه على تكرار اسم الكيان باستمرار على مسامع متابعيه، إظهار حياته في الأراضي المحتلة بشكل مثالي وسعيد وهادئ وتجاهل تام لأي ذكر لمعاناة الفلسطينيين ثم الحديث المستمر عن الحب والسلام مع إشارات ضمنية تفيد بأن الضحية هو العائق وليس الجلاد.
التضليل الإعلامي المحلي متواضع تواضع الأدوات والوسائل والتكوين ومن أمثلته أنك إذا نشرتَ أن السلطات هدمت منزلا واتضح أنه مجرد توسعة فهذا تضليل إعلامي واضح.
على المتلقي في حالتي التضليل أو التزييف أن يُفعل دائما رقابته الذاتية ويحرص على أن تكون أي مادة معروضة أمامه متماسكة منطقيا وأن تستوفي الشروط المذكورة آنفا، ولا يجب عليه أن يسلم قلبه وعقله بكل بساطة لأي وسلة إعلامية أيا كان توجهها وأن يكون مستعدا دائما وجاهزا مع أدواته للتحقق من أي خبر أو معلومة.