رواية “القمر بجانبه المظلم” للكاتب السوري المقيم في لبنان ياسين رفاعية .. قدرة على كتابة قصص قصيرة ناجحة لكن على حساب العمل الروائي
بيروت (رويترز) – من جورج جحا
في رواية “القمر بجانبه المظلم” للكاتب السوري المقيم في لبنان ياسين رفاعية تظهر قدرة جلية على كتابة قصص قصيرة ناجحة وجذابة لكن ذلك قد يكون على حساب العمل الروائي ككل.
البطل نفسه وبلسان حبيبته سيرين بطلة الرواية يشير الى شيء من ذلك اذ تقول له سيرين “انا اصبحت احب حكاياك الحزينة منها والمفرحة. انت حكواتي جيد. اترك الشعر واكتب القصص تملك موهبة وجاذبية في روايتك القصص.”
رواية ياسين رفاعية هذه تتناول حياة البطل وهو شاعر وقصصي وصحافي في عمر الاربعين وعلاقته بفتاة اصغر منه بكثير لا تزال في مرحلة الدراسة الجامعية. انها من عائلة ثرية بل فاحشة الثراء وهو في حال من الاملاق الدائم.
هناك علاقة بين البطل وشلة من الاصدقاء على رأسهم محيي الدين وحليم الاستاذان الجامعيان وديمة طالبة الدكتوراه المولعة بحليم المتزوج ورب العائلة.
علاقة ممدوح اي البطل بمحيي الدين تتجاوز الصداقة العادية الى نوع من الابوة من جانب الاستاذ الجامعي الستيني.
انه يهتم بأمره ويشتري له ما يحتاج اليه مما يعجز دخله هو عن السماح له بشرائه. محيي الدين على رغم ما يبدو من مادية في علاقاته او نظرته الى الجنس الاخر هو انسان عميق الثقافة ذو روح مرحة لطيفة على رغم من دمامة منظره. انه استاذ جامعي ناجح ذو شهرة واسعة. تزوج من امرأتين لكنه يعيش وحيدا في بيروت وعلاقته بممدوح تشبه التمني. انه من عدة نواح كل عالم ممدوح.
ما يظهر من محيي الدين من تصرف يوحي بأنه ينظر إلى المرأة نظرة شهوانية خالصة لكن في النهاية يتبين لنا انه غير ما يبدو فهو قادر على النظر إلى الفتيات نظرته إلى بناته ومعاملتهن على هذا الاساس. كان محيي الدين كلما لفتت نظره امرأة قام من خلال احلامه وتصوراته بأخذها إلى مخدعه حيث يقيم علاقة معها. انها طريقة تعويض مريحة له عن عدم قدرته على اقامة علاقات حقيقية.
جاءت الرواية في 203 صفحات متوسطة القطع وصدرت عن دار الساقي في بيروت. ولياسين رفاعية روايات وقصص ومجموعات شعرية وكتب للاطفال ونصوص اخرى.
تبدأ الرواية والصديقان في احد المسابح. قربهما كانت هناك فتاة حسناء تسبح وتتشمس. محيي الدين الثري يقول لممدوح انه سيدفع له خمسمئة دولار اذا استطاع ان يتعرف اليها ويكلمها. وعلى غرار ما يجري في قصص من الحياة الواقعية والافلام السينمائية او التلفزيونية يقوم ممدوح باخبارها بالشرط فتنشأ بينهما بداية تعارف ما لبثت ان تحولت الى علاقة تصفها هي بأنها صداقة ويصفها هو بأنها حب. وقامت بينهما علاقة جنسية.
كان يتساءل عما جعلها تهتم به الى هذا الحد وتنفق عليه المال في المطاعم وتشتري له الهدايا قائلة ان المال عندها ليس بمشكلة. محيي الدين وحليم قالا له احذر لان هؤلاء الغنيات لديهن عادة التمتع بالاخرين ثم رميهم بعد ذلك.
وعندما قال له محيي الدين ان لديها حبيبا هو زميل لها في الدراسة وقد ابلغته ذلك صديقتها سوسن بعد ان قام تعارف ونشأت صداقة بين افراد المجموعتين رفض ان يصدق كل ذلك.
بدأت الحلقة تضيق حول ممدوح. سافر حليم للعمل في جامعة في الولايات المتحدة وترك افراد الشلة فتأثر الجميع بذلك خاصة ديمة. ويموت محيي الدين فجأة مخلفا حزنا شديدا لدى كل معارفه وكانوا كثرا.
اصبح ممدوح في حالة من اليتم اذ لم يكن له احد في هذا العالم سوى صديقه محيي الدين. سيطر عليه الاسى. وبعد ان تلقى دعوة صديق له الى طرطوس لامضاء عدد من الايام ونزولا عند نصيحة سيرين التي قالت له ان عليه ان ينسى لبى الدعوة وترك مفاتيح بيته مع سيرين بناء على طلبها لكي تعتني بالبيت المتواضع والتي كانت تقول انها تجد فيه راحة اكثر مما تجده في قصور والدها الثري صاحب المصانع. اعطاها المفاتيح وأوصاها بألا يدخل احد سواها الى البيت فضحكت ساخرة من شكوكه.
صارت حاله تشبه حال عشيق الفتاة لوليتا في رواية فلاديمير نابوكوف التي حملت هذا الاسم وتتحدث عن علاقة مراهقة برجل متقدم في السن وكيف اصبح همه الحفاظ عليها بأي ثمن.
كان يقول لنفسه انه سيقبل كل شيء.. ان تحب غيره وتقيم علاقات مع اخرين شرط ان تبقي على علاقتها معه وسيقبل القيام حتى بدور خادم لها. ومن طرطوس كان يتصل بها تليفونيا ويرسل لها رسائل الكترونية دون ان يتلقى جوابا باستثناء مرة واحدة نصحته فيها بأن يبقى في طرطوس اسبوعا اخر كي ينسى احزانه.
دب الشك في نفسه وقرر العودة دون اخبارها. دخل الى البيت فوجد حاله على غير ما تركه. قذارة وعدم ترتيب وكل ما يشير الى ان اثنين ناما في فراشه.
وفتح الباب ورآها تدخل ممسكة بيد شاب. شهقت وسيطر الارتباك. قامت بالتعارف بينه وبين الشاب الذي مد يده لمصافحته لكنه امسك بيده وجره الى غرفة النوم سائلا بغضب “هل تعرف هذه الغرفة من قبل؟”
غضبت سرين وقالت له “شكوكك سوف تقتلك” وانها سوف تهجره. “فجأة تصورت حياتي اذا هجرتني. تصورت كيف سأسوح الشوارع بحثا عنها وأدركت انني ارتكبت خطأ كبيرا ومن الصعب الان تصحيحه.”
رجاها الا تغادر فقالت له انها سترضى عنه اذا اعتذر الى الشاب اعتذارا كافيا.
وبعد قبول عاد فاستصعب الاعتذار ورأي انه الآن بعد ان اصبح وحيدا فليس من حل لديه سوى قتلهما ثم قتل نفسه. اخذ مسدسا كان عنده فوضع فيه ثلاث رصاصات واحدة لكل منهم وخرج لملاقاتهما في المقهى كما قالت له هاتفيا.
في الطريق التقى ديمة التي امسكت بيبده فزال توتره بذلك وقالت له تعال ونزلا في اتجاه البحر. كانت تترنم بأغنية فيروز “شايف البحر شو كبير قد البحر بحبك” وصار يغني معها وصار من كانوا قربهم يغنون معهم.
“التصقت ديما بي وهمست: الدنيا بخير. لا شيء فيها يستحق العناء. واستندنا كتفا الى كتف ورحنا نتأمل البحر مصغين إلى صوته الرتيب.”