إن لأهلك عليك حقا../ أروى محمد
إن لأهلك عليك حقا.. أن تكتب معناها أن تُحدث فرقا، أن تجد صدى لكلماتك وأفكارك، لكن كيف ذلك؟ إشكال الكتابة هنا؛ أعني في موريتانيا وفي مجتمع محافظ..هو أنك إما أن تكتب في المواضيع المستهلكة وذلك لا يستهوي أولي الفهم من الناس، وهو أمر خالٍ من المعنى الأسمى للكتابة، وإما أن تأخذ خيار الغموض في نقاش المواضيع التي ترضيك وترى أنها تحتاج الطرح وهذا لن يحدث أثرا لأن الفئة الكبرى المُستهدفة لن تفهم وذلك مما سيسلب الكتابة أيضا هدفها فتغدو خالية الوفاض..
أما أن تكتب بكل صراحة واضعا النقاط على الحروف فذلك فعل الأحرار-وهم قليلون-الذين لا يخافون تبعات قراراتهم، أولئك الذين يدركون مسؤوليتهم في بث الوعي، ومدى خطورة التخاذل في الأوقات الحرجة..
رأيت شيخا طاعنا في السن والأدب-ألا يُفترض أن يكون قد كوّن مناعة مضادة لهذه الإشكالات؟-وقد اقتطع لنفسه مساحة في هذا الفضاء الأزرق ليخفف الأكسدة هناك، ينثر بذوره في جنباتها بما يمليه عليه حرُّ رأيه أحيانا مع المحافظة على المرازمة يناقش بعض المشاكل والأخطاء الاجتماعية ويدينها دون ذكر اسم أو تعريض بأي كان لكنه لم يسلم من الهمز واللمز والتهامس من وراء حجاب، فلان هذا يسب كبار السن هناك ويعيب عليهم التصرف الفلاني أو غيره، فلان يودّ أن يفتح للشباب عالم الجرأة والانحلال، وآخر يقول: مسكينٌ أصابه التقاعد بالخرف وهلمّ جرا مع أن هؤلاء المتنمرين يجب أن يشكُروا له أن نبّههم على سوء صنيعهم دون أن يفضحهم وأن يغيّروا من طباعهم تلك. ولتجدن أهليه من أحرص الناس على إسقاطه من الأعين ونزع مكانة قطعته واستيراتجيتها..
أعتقد أنه من الضروري أن يدرك الكتاب-بالمعيار المناقَش هنا- أنه لا بد أن يكون هنالك كبش فداء بل وشهداء قضايا فما من ثورة دون سيلان دماء وآثار وجروح وخدوش..فليسلِ الحبر ولنتطلخ بدماء الأقلام ولتخمشنا أنيابها، فقد آن لنا أن نتحرك في سبيل النصر..ولن يكون ذلك إلا بتجريد الأقلام من غمدها وإعمالها بكل قوة وحرية..لقد سئمنا الكتابة وراء الأسماء المستعارة، سئمنا مجانفة الحقيقة، سئمنا تخاذل مثقفينا وتناقضهم..