ما وراء تأسيس محور أقليمي عراقي – سعودي؟/ د. جاسم يونس الحريري

أعلن السيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء العراقي في يوم الخميس   الموافق التاسع من فبراير2023 عن النية لتأسيس ((محور أقليمي)) يكون مرتكزا للاستقرار في المنطقة، بأعتبار أن العراق عمقه عربي ، وأن هذا الامر ((لا يسبب إحراجاً، ولا الجانب الإيراني لديه مشكلة في هذا الأمر. العراق بلد عمقه عربي وموقعه ريادي منذ مئات السنين. وهذا دورنا الطبيعي، ونعتز بممارسته بكل أريحية لأن من شأن ذلك أن يسهم في استقرار المنطقة بما فيها الدول العربية ودول الجوار، سواء إيران أو تركيا((. وأكد السوداني أن((دور العراق الريادي في المنطقة مع أشقائه، مع اقتصاده، شيء مهمّ للعراق أساساً وللعلاقات الثنائية بين العراق وإيران)).وأضاف((قَدَرُ العراق عربيٌّ، وهذا هو الوضع الطبيعي للعراق. والعراق لا يتقمص دوراً ليس دوره. دوره منذ الخليقة هو الدور المحوري.((

تحليل وأستنتاج:-

1.بعد أنتهاء الحرب الباردة 1989-1990بدأت  الدول تتجه نحو التحالفات سواء الثنائية ، أو الجماعية بعد أن أنتهت مرحلة مهمة في النظام الدولي ، وتفكك أثرها ((المحور الغربي))بقيادة الولايات المتحدة الامريكية،و((المحور الشرقي)) بقيادة   الاتحاد السوفياتي ، وتأسس نظام دولي جديد تحول من نظام ((ثنائية  القطبية))الى نظام ((أحادي القطبية))بقيادة  الولايات المتحدة الامريكية وهذا النظام يمتاز بفرض   الهيمنة الامريكية  على العالم بنوع جديد من التنافس  الاقتصادي ، والعسكري ، وأتخاذ وسائل جديدة لفرض الاجندات الامريكية بوسائل سياسية ، وثقافية ، وتسخير وسائل  التواصل الاجتماعي   لتوظيفها في هذا المجال ، ولذلك أتجهت  الدول بعد أن شعرت بنوع من الهيمنة الامريكية على سلوكها الدولي ، وأستثمرت الصراع الصيني-الامريكي في الاعوام الاخيرة للدخول في تحالفات أقليمية ودولية لمواجهة التحديات المشتركة والتعاضد لاحقا للتحالف مع الخصم الجديد لواشنطن وهو الفاعل الصيني وكنوع من الارتدادات السياسية بدات بعض الدول لاستثمار هذه  الخريطة السياسية للتحالف فيما بينها.

2.أن توافق الارادة السياسية العراقية-السعودية سوف تلاقي ترحيبا أمريكيا كبيرا  لانها تشجع دول مجلس التعاون الخليجي للانفتاح على العراق أكثر وأكثر ، وتطعيم هذا التحالف كنوع من الضغط على النفوذ الايراني في العراق والمنطقة وقد يكون هذا التحرك محل تساؤلات ايرانية من حيث النوعية والوقت المعلن عنه وسبب توقيت الاعلان عنه في الوقت الحاضر وهو ماسيشجع لاعادة حساباتها   الجيواستراتيجية في العراق وفي المنطقة وكيفية التاقلم مع المحور العراقي السعودي  الجديد لتشكيل محور أقليمي.

ad

3.ينتظر أن نراقب ردود فعل دول المنطقة ومن ضمنها ايران  من هذا المحور من الذي سينضم اليه ومن الذي سيقف بالضد منه أو على الاقل العمل من قبل الدول الاخرى تحجيم تاثيره على مصالحها في العراق والمنطقة سواء من قبل ايران او غيرها .

4.السؤال الاهم في هذا المجال هل ستفتح هذه الخطوة العراقية-السعودية ملف   انضمام العراق الى مجلس التعاون  الخليجي بعدها أم أنها خطوة ذكية من السعودية لسحب العراق نحو أقطاب جديدة تقلل من النفوذ الايراني بأسلوب أستراتيجي محكم هذه التساؤلات سنرى اجوبتها في الايام القادمة بالتأكيد.

بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية

الخبير الدولي المعتمد في الشؤون  الخليجية