قصة قصيرة: ولادة متعسرة/.-د.عبد الجليل.
علا صوت القابلة : عيطوا للطبيب إيشير الثاني امابي يمركَ …
بعد سبع ساعات من الطلق تمت ولادة التوأم الاول دون عناء، كان مجيئا رأسيا نظاميا كما يحب ويرضي المولدون..خرج الوليد وعيناه مفتوحتان وكانت ثلاث ضربات علي ظهره كفيلة بأن يستهل صارخا فاتحا رأتيه لهواء غرفة الولادة المليء بالغبار وبقايا الدم المتجمد علي حواف طاولة الولادة المتهالكة..- أسمو ( لحرش) صرخت خالته من خلف النافذة المغلقة،اما امه التي لم تزل رهينة لتقلصات رحمية متتالية فقد كان فكرها كله رغم التعب والإجهاد منصرفا نحو ولادة التوأم الثاني….
هز الطبيب رأسه للمرة الثالثة وهويعاين بالأمواج فوق الصوتية بطن ( السالمة ) ، أعاد الفحص السريري بعد أن لف يده في جورب طويل ثم هز رأسه للمرة الخامسة ملتفتا للقابلة:
_ غريب أمر هذا التوأم إنه يقف تماما داخل الرحم وهي حالة قد تحدث وإن كانت نادرة ولكن العجيب أنه يفتح رجليه بشكل مبالغ فيه مبتعدا عن مسار الولادة ..
– دكتور ألا تجري له ( مناورة الإستخلاص اليدوي )؟ قالت القابلة .
ضحك الدكتور وقبل أن يجيب سمع صوت الخالة من وراء النافذة وهي تصيح: الطفلة مشتهية Corola s لو ما جات ماه لاه تبره!!
داخل الدكتور بعض الآستغراب وهو يقول للقابلة :
– لقد حاولت الآمساك برجله لإخراجه ولكنه في كل مرة يرفع رجله ثم يرفس بها يدي… هههه هل يضغط علي دواسة البنزين ؟؟
كانت السالمة قد بلغت منتهي الجهد دون تقدم للمجيء وبدات علامات الإعياء تظهر علي وجهها وهي تستسلم لمبضع الطبيب في غرفة العمليات … …
أخرج الطبيب الوليد ( مسعود) ممسكا برجليه ، كانت صرخات مسعود تملأ المكان وتغطي علي صيحات فرح الممرضات والقابلة وكان يلف ذراعه اليسري علي عينيه المغمضتين وبيده اليمني يمسك حبله السري يشده شدا…..
شكلت ولادة مسعود حالة طبية تم الحديث المتجدد عنها طويلا في أروقة المستشفي الوطني ولم يجد أحد ممن ناقشها من زملائنا تفسيرا لها …
غير أن حدثا وقع بعد سنة في قسم الجراحة أعطي معلومة جديدة عن ( السالمة ) وشكل صدمة لكل المتابعين لقصة ( مسعود) الغريبة..لقد اكتشف الجراح الذي أجري لها عملية عن ( فتق سري مختنق) أن هناك فتحة صغيرة في الجلد المغطي للفتق ، ولكن الأمر الأعجب هو أنه علي الوجه الداخلي للصفاق رأي انطباعا واضحا لوجه صغير!!.
لقد كان ( مسعود) وهو في بطن أمه ينظر من ثقب في فتق إلي عالمنا الخارجي ولم يكن راغبا في الخروج إليه..