مرحبا بتلكم الدكتاتورية وبعدا لهذه الديمقراطية! / الطيب دخان
16 يوليو 2023، 15:33 مساءً
إتهم الناس زعماء كثير في البلدان العربية بالدكتاتورية والإستبداد في الحكم والإنفراد بالسلطة ،والأحادية في القرار إلى غير ذلك من الأوصاف والنعوت التي ملت آذاننا من سماعها وسئمت من ترديدها على أفواه كل الناعقين غير
أننا اليوم لانرى بلدانهم في أحسن حال مما كانت عليه في فترات حكم هؤلاء الزعماء الذين يتهمونهم بالدكتاتورية بعد سقوطهم ورحيلهم عن الحكم أو إنقضاء نحبهم بالنظر إلى ما آلت إليه أوضاع هذه الدول وما إستحالت إليه أحوال شعوبها من تمزق وتشرذم وتخلف و إنعدام للأمن والأمان ….
ففي الجزائر مثلا يرى البعض من الناس في شخص الزعيم الراحل هواري بومدين دكتاتورا إتسمت فترة حكمه بالإنفراد بالقرار والإستبداد والإنغلاق والإحتكار للسلطة …..إلخ
ولكننا لونظرنا بكل موضوعية إلى هذه المرحلة لوجدناها من أحسن المراحل في تاريخ الجزائر المستقلة من خلال ما أنجز فيها وما تحقق في شتى الميادين …
فعسكريا إستطاع في ظرف قياسي وجيز ووقت قصير أن يكون جيشا عصريا بكل ما تعنيه كلمة العصرنة من معنى سواء من حيث القوة أو العتاد والتكوين والتدريب والتسليح إلى غير ذلك من الأمور التي يتطلبها الجيش بالإضافة إلى إشراك المؤسسة العسكرية في مجال التنمية والإقتصاد وفي معركة البناء والتشييد مثلما هو الحال في مشروع السد الأخضر وطريق الوحدة الإفريقية والأشغال العمومية كإنشاء الجسور وبناء المنشآت الضخمة …
أما إقتصاديا فقد حاول الرئيس هواري بومدين نشاء أرضية متينة ترتكز عليها البلاد بدأها بقرار التأميمات كتأميم المحروقات في 24 من فيفري سنة 1971 ثم إرساء قانون التسيير الذاتي للمؤسسات وإنشاء المصافي البترولية العملاقة كمصفاة أرزيوا و سكيكدة بالإضافة إلى خط طرق السكك الحديدية وشق أنابيب البترول والغاز لنقله من عمق الصحراء الجزائرية إلى الموانيء بغية التصدير …ولم يكتف بومدين بالمحروقات وحدها كركيزة للإ قتصاد الجزائري بل قام بإنشاء وحدات ومؤسسات صناعية أخرى كان الهدف منها الرفع من صادرات الدولة خارج المحروقات …كالمؤسسة الوطنية للحديد والصلب –مصنع الحجار-بعنابة وإنشاء شركات صناعية كشركة صوناكوم عن طريق شراء العلامة التجارية من شركة –دوتز-الألمانية بعد الشراكة معها لعدة سنوات لتعرف فيما بعد بمؤسسة –صوناكوم –الوطنية مئة بالمئة والمختصة في صناعة العربات الصناعية والحافلات والشاحنات فرع الرويبة وصناعة العتاد الفلاحي كالحاصدات والجرارات وغير ذلك من الآلات والمعروفة ب-سيرتا-فرع قسنطينة…
وليست الصناعة وحدها هي محور إهتمامه فقط بل نال القطاع الفلاحي أيضا حيزا كبيرا من إهتماماته نظرا لشساعة الأراضي الجزائرية وتنوع تضاريسها مما يجعلها أرضا خصبة قابلة لزراعة مختلف الأنواع من المنتجات الفلاحية كالكروم والزيتون والبرتقال والخضراوات بالإضافة إلى الحبوب بجميع أصنافها خاصة القمح بنوعيه اللين والصلب زد على ذلك تربية المواشي بجميع أنواعها مما جعله يطلق مشروع فلاحي وطني سنة 1974 سمي آنذاك بالثورة الزراعية وللأسف لم يكتب له النجاح فيما بعد بسبب سوء التسيير و إنعدام الرقابة والمتابعة للفلاحين المستفيدين من هذه المشاريع كما قام ببناء ما يزيد عن الألف قرية دائما في إطار نفس المشروع إذ كانت مجهزة بكل مايحتاج إليه الفلاح من مدارس إبتدائية إلى قاعات للعلاج وفروع للبريد والمواصلات وطرق لفك العزلة عن السكان بغية تثبيتهم في الأرياف لخدمة الأرض هذا بالإضافة إلى توزيع العتاد كالحاصدات والجرارات ومضخات المياه لسقي الأراضي الفلاحية على مجموعات من الفلاحين أطلق عليها إسم التعاونيات الفلاحية فلو كتب النجاح لهذا المشروع لما إحتاجت الجزائر اليوم لإستيراد المنتجات الفلاحية …..
هذا مع إقراره لمجانية الصحة والتعليم وحصول الطلبة إبتداء من مرحلة التعليم المتوسط حتى تخرجهم من الجامعات على منح دراسية تعينهم على شراء لوازمهم الدراسية بالإضافة إلى بناء المستشفيات والجامعات في كامل ربوع الوطن حسب الكثافة السكانية ويكفيه فخرا أن كل الإطارات التي تعول عليها الجزائر اليوم من خريجي الجامعة الجزائرية ممن تلقوا تعليمهم في تلكم المرحلة الزاهرة من تاريخ الجزائر بل أن أغلبهم اليوم من الأدمغة المهاجرة التي وجدت مكانها في مختلف وكالات الأبحاث العلمية العالمية….
كما حرص الرئيس الراحل على تحسين صورة البلاد في الخارج إذ إستطاعت الجزائر في عهده أن تضمن مكانتها في مصاف دول العالم وأصبح لها حضورها وتأثيرها المميز في المحافل الدولية… إذ أضحت يضرب لها ألف حساب على المستوى الإقليمي والدولي ….
فلو أن هؤلاء الذين ينتقدون اليوم مرحلة حكمه وسياسته وطريقة تسييره للبلاد كانوا هم في مكانه تراهم هل يصنعون مثل صنيعه…….؟
أما في العراق فقد وصف الرئيس العراقي المشنوق من طرف القوات الإمريكية وعملائها بالدكتاتور والمستبد والمجرم والطاغية وغير ذلك من النعوت والأوصاف…
ولكنه إستطاع أن يحافظ على أمن وسلم وسلامة العراقيين وتوحيدهم رغم إختلاف أديانهم وعقائدهم وطوائفهم ومكوناتهم العرقية وشق بالعراق طريقا في مجال التطور والتقدم وخاصة في ميدان التكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم أين قضى على الأمية في كامل ربوع العراق هذا علاوة على تكوينه لجيش عجزت أعتى وأقوى جيوش العالم عن مواجهته لوحدها …
واليوم أصبح العراق بفضل ديمقراطية إمريكا وحليفاتها من الدول الغربية ممزقا منحطا يعيش شعبه في أدنى مستويات الفقر بعد أن كان من أغنى الشعوب في الدول العربية إن لم نقل في العالم ناهيك عن التخلف وإنعدام الأمن والأمان إذ أصبح ليس بمقدور الجيش العراقي الآن مواجهة أضعف جيوش المنطقة لو تعرضت العراق لأي غزو خارجي بل نجده لايستطيع حتى ضمان الأمن للعراقيين أنفسهم ….
فمن ياترى الأفضل للعراق ديمقراطية إمريكا وحليفاتها أم ديكتاتورية صدام…..؟
ولا تزال الأيام تكشف لنا عن الكثير من الغرائب والمفارقات فما ليبيا الآن بأفضل حال من العراق والأمثلة على ذلك كثيرة ولاحصر لها…
مما يجعل لسان حال المتأمل لأوضاع الأمة العربية وما آلت إليه أحوالها يقول مرحبا بتلكم الدكتاتورية وبعدا لهذه الديمقراطية……….