«الأمن الغذائي العربي» يتصدر جدول أعمال «قمة نواكشوط»
القاهرة- ميس رضا
تُعدّ قضية الأمن الغذائي العربي إحدى أهم الأولويات العربية وأكثرها إلحاحاً، وذلك بالنظر إلى تناقص المخزون الغذائى على المستوى العالمى، فضلاً عن ارتفاع الأسعار ومحدودية الموارد، والتحدي الكبير باستمرار النمو السكاني، لذا ستحتل هذه القضية الاستراتيجية بقوة أولوية جدول أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية المرتقبة بنواكشوط، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في القمة العربية الأخيرة بجدة التي عقدت في شعر أيار الماضي، مشدداً على أنها ستحظى بنقاش موسع كون الأمن الغذائي العربي يظل واحداً من أخطر التهديدات للاستقرار الاجتماعي وهو ما انتبهت جامعة الدول العربية لخطورته وتبنت بشأنه خلال قمة الجزائر الأخيرة استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي العربي.
ويولي قادة العالم أجمع اهتماما غير مسبوق لملف الأمن الغذائي في ظل وقوفه عند نقطة حرجة، فقد أدت الآثار المعقدة للوباء العالمي كوفيد 19 والضغوط المتزايدة بفعل أزمة المناخ وارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة والصراعات التي طال أمدها، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية، إلى تعطيل سلاسل الإنتاج والإمداد وزيادة انعدام الأمن الغذائي العالمي بشكل كبير، وبخاصة بالنسبة إلى الفئات الأكثر ضعفا فقد أبدوا اهتمامهم من خلال التأكيد خلال بيان قمة القادة بشأن الأمن الغذائي العالمي على أهمية الإلتزام بالعمل بصورة ملحة وعلى نطاق واسع ومشترك للاستجابة إلى احتياجات الأمن الغذائي والتغذية الملحة لمئات الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم.
ويتطلع الجميع بأن تكلل القمة المقبلة بموريتانيا لتحقيق حلم الأمن الغذائي العربي، وسط تحذيرات أممية، فقد أكد تقرير أممي صادر مؤخراً، أن مستويات الجوع وسوء التغذية في المنطقة العربية قد وصلت إلى مستويات حرجة، لا سيما بعد أن أعاقت جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا إمكانية الحصول على الأغذية الأساسية.
وكشف التقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، أن ما يقدر بنحو 53.9 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة العربية عام 2021، بزيادة 55 % منذ 2010، و5 ملايين عن العام السابق (2020).
وحذر التقرير من أن انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد قد واصل منحاه التصاعدي، ليؤثر سلباً على نحو 154.3 مليون شخص في عام 2021، بزيادة 11.6 مليون شخص عن العام الذي سبقه، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أكثر من نصف سكان الدول العربية، أي 162.7 مليون شخص، لم يستطيعوا تحمل تكلفة تبني نمط غذائي صحي في عام 2020.
ومن هنا، فإن غاية إستراتيجية الأمن الغذائي في الوطن العربي يمكن إجمالها في «تعزيز جهود تحديث الزراعة العربية وتنمية قدرتها الإنتاجية والتنافسية، وتنمية وصيانة الموارد الطبيعية والمحافظة على البيئة بما يكفل تحقيق أهداف الجيل الحالي والأجيال القادمة في إطار متكامل يحقق مصالح جميع الأقطار العربية، وهذا ما يمكن التعبير عنه بتحقيق التنمية الزراعية المستديمة في ضوء ما يمتلكه العالم العربي من مقومات كبيرة تجعله يكتفي ذاتيا من السلع الاستراتيجية التي تؤمن احتياجاته.