وهل يخفى القمر/ فاروق يوسف
تقول المعاجم العربية إن غزل القطن أو الصوف هو فتله خيوطا بالمغزل، أما الغزل بالمرأة فهو الشغف بمحادثتها والتودد إليها. والرجل الذي يقوم بذلك هو متغزل.
غير أن أنور وجدي كان له رأي آخر حين كتب قصة فيلم “غزل البنات” الذي مثلته عام 1949 ليلى مراد بمشاركة نجيب الريحاني ومحمد عبدالوهاب ويوسف وهبي ووجدي نفسه.
اشتهر الريحاني بلقب الأستاذ حمام وهو اسمه في ذلك الفيلم. وغزل البنات غاية لا تُدرك. وحسب أحمد شوقي فإن المرأة هي التي تنصب فخ الغزل للرجل “جفنه علم الغزل/ ومَن العلم ما قتل/ فحرقنا نفوسنا/ في جحيم من القبل”.
على الضفة الأخرى وقف كاظم الساهر وهو يقول “أغازلك غصباً عنك/ ترضى ما ترضى/ وأصالحك وازعل منك/ ترضى ما ترضى” تلك طريقة في الغزل قد لا يجرؤ على القيام بها سوى العراقيين وهي تناسب مزاجهم المتطرف.
وكان بدر شاكر السياب يعتقد أنه سيكون محبوب الفتيات بسبب شعره “ديوان شعري كله غزلُ/ بين العذارى صار ينتقل”.
طبعا ذلك لم يتحقق بدليل أنه كتب “أحبيني/ لأن جميع من أحببتٌ/ قبلك لم يحبوني”. ولطالما شبه العربي محبوبته بالغزال في إشارة إلى رشاقتها. وهو ما نظرت إليه نجاح سلام في مرآتها بطريقة معكوسة حين غنت “ميل يا غزيل يا غزيل ميل”.
وعلى الضفة الأخرى كان كاظم الساهر قد غنى “غزال وما يصيدونه وما لاحه سهام صياد” لا أعرف من هو قائل “أغازلها وأسرف في هواها/ كأن الله لم يخلق سواها/ ولو عيني رأت وجها جميلا/ فإني دونما وعي أراها”.
يقول المثل المصري “الشاطرة تغزل برجل حمار” في إشارة إلى قوة المرأة، فما غزلها برجل حمار إلا تعبير عن قدرتها على صناعة ثوب كامل حتى لو كانت الإمكانيات والأدوات غير موجودة.
في المقابل فإن القرد بعيني أمه غزال. ولا يزال عمر بن أبي ربيعة أشهر شاعر غزل عربي بالرغم من أنه عاش في القرن الميلادي السابع.
ومن أشهر ما قاله “قالت الكبرى أتعرفن الفتى؟/ قالت الوسطى نعم هذا عمر/ قالت الصغرى وقد تيمتها/ قد عرفناه وهل يخفى القمر”.