خَاثِـرُ العَـثْـرَةِ شعر: المختار السالم
مِنْ دَمِي أشْرَقَتْ فَرَادَةُ سَـــهْمِ
وَدَمُ السَّهْمِ في كِـنَانَـةِ لَـحْمِي
الدُّرُوبُ ارْتَجَّتْ مَخَافَةَ خَـطْوِي
يَـوْمَ شَحْمُ الأسْفَارِ ذَابَ بسُقْمِي
يَـوْمَ راءَيْـتُ للغَمَامَةِ غَـرْساً
أشْعَثَ الظِّـلِّ في غَرابِـيْبَ بُـهْمِ
خَاثِـرَ العَـثْـرَةِ انتحَلْتُ
قِنَاعِيِ
فَكَشَفْتُ الوُجُوهَ في كُلِّ زَعْمِ
فإذا الوَاهِـمُونَ صَوْتٌ كِــذَابٌ
مِثْـلُ بوْحِ الدُّمَى بـِحِسٍّ وهَـــــــمّ
وإذِ اسْتَسْقَى القَومُ نَخْبَ ضَبَابٍ
وَاجِمٍ..
صِحْتُ بالـمَرَايا: هَلُـمِّي..
وَأَنَا أجْـبُـرُ القَوَارِيْـرَ رَجْماً
للفُقَاعَاتِ السَّاجِرَاتِ بِـوَخْـمٍ
أحْمِلُ الحُلْمَ للمَنَامَاتِ ظِلاًّ
لا حَرُوراً مُزْجَى بِـلوْثةِ غَــمِّ
يَا “دِيَارَ العَـيْـنَـيْـنِ” مَا لَكِ جَفَّتْ
بِـكِ رُوْحِ الجِيَادِ لَـجْماً بِـلَجْمِ
كانَ فِـيْكِ الأهلُوْنَ للصّخْـرِ أهْلاً
أهْلَ وِرْدٍ.. وأهْلَ حَسْمِ وَعَـزْمِ
نَسَفَتْ رِيْـحُ ذكْرَيَاتِكِ رَدْماً
حِـيْـنَ هَبَّ النِّسـيَانُ مِنْ كُلّ رَدْمِ..
كَيْفَ لا تَحْبِلُ اللِّحَاظُ بأمْـرٍ
أنْتِ فِـيهِ العَنْقَاءُ رَسْماً بِـرَسْمِ؟!
خَلْفَ “وادي الملْحِ” البَعِيدِ يَـشِيْبُ الأفْقُ
من فَــــــتْقِ واجِــمٍ مُـدْلَـهِمِّ..
فتصيحُ الدُّمَى بأهْلِ زَمَاني: كَيفَ أخْشَى عَلَيْكُمُ حَـبْلَ صَرْمِي..!؟
أنتمُ الواثِقُونَ منْ صِـدْقِ حَـدْسِي وَأَنَا لا أراكُمُ غَــيْـرَ وهْمِ..
أهْلُ هَذَا الزَّمَانِ مَا لَهُمُ إذْ.. !
يَتَــغَـشَّونَ في مُكَاءٍ ولَطْمِ..!
أهْلُ هَذَا الزّمَانِ ليْسُوا بأهْلٍ
لنَقَاءِ الـجِرَاحِ.. بلْ أهْــلُ إِثْـمِ
اِصحَ يا صَاحِ واجْعَلِ الرِّيْحَ أهْلاً
واسْتَـفَـزّ الرَّمْلَ الكَئِـيْبَ ليُدْمِي
عَطَشُ الغُولِ عَــاثَ فِـيْكَ نُضُوباُ
النُّضُوبُ الذي يَسِيْلُ بِــلُؤْمِ..!
كَـفْكِفِ الجُرْحَ بالدِّمِ العَـذْبِ تَسْلَمْ
وَانْسَ قُمْصَاناً قدْ كَـذَبْـنَ بِكُـمِّ
حين تَجْتَاحُكُ القَصِيْدَةُ.. سِــفْراً
قُـدَّ، مُستنبذاً لَـهَا بَعْدَ لَــثْـمِ
كُلَّ دَرْبٍ سَلَكْتُ أخبَـرْتُـهُ عنْ نَارِ قَـوْمِي،*
وعَنْ حِجَارةِ رَجْــمِي
يَا لِـهَذَا اليُـتْمِ الكَـفِـيِفِ.. صَريْـخاً
لا يُـثيرُ الزَّئِــيْــرُ أذْنَ الأصَــمِّ..
إنَّ قَاعَ الظّلامِ أرْفَعُ شَأناً
من غُـثَاءِ البَيَاضِ في ثَـوْبِ غُـرْمِ
شَغَفُ العزْفِ لا يُبلِّــلُ أرْضاً..
لم يشأ أهْلُها بيادَرَ نَــغْمِ
وَلِهَذَا ضَرَبْتُ في البَحْرِ وْحْدي
ثُــمَّ وحْدِي غَرِقْتُ فَوْقَ خِضَميِّ.
أغْسِلُ البحْرَ بالـمَوَاوِيْلِ شَوْقاً
وارتقاءً إلى مَداَرٍ لِنَجْمِ
وَغِنَاءً إِلَـى أَبِـي ونَشَـــيْداً
لِنِسَاءٍ قدْ كُـنَّ يُـشْبِهْنَ أمِّي
اِنتَـبِـذْ لا أنْـثَى سَـتُـرْفِئُ صدْري…
وَالفَنَاجِــيْنُ مَا هَمَمْنَ بوَشْـمِي!
يَحْمِلُ الشَّاعِـرُ التَّـعَاوِيْـذَ غَـرْثَى
لأنَامٍ يَـزِيْـدُ يُـتْماً بِـيُــتْمِ..!
عَــبَثَ النَّاسُ بالقَصِيْدَةِ لَـهْواً
كَـيْفَ لا يَـفْهَمُونَهَا أَيَّ فَـهْـمِ!..
يَـعْـبُـرُ الرُّؤْيَا منْ يَـنَامُ قَلِــيْـلاً
ويَـعِـزُّ الـحَلِيْمُ منْ كُلِّ حُـلْمِ
خُطْوةُ الـمُستحيلِ فاصِلَةٌ بيْضَاءُ
في هَامِــشٍ على قَـدْرِ لُغْمِ..
فَإِذَا مَا أمْسَى لَكَ الدّهْرُ خَصْماً
كَانَ لا بُــــدَّ أن تُـرَامَ بِخْصْمِ.
سَيَذُوْبُ الظَّلامِ مَطْــلَعَ فَـجْرٍ
كُـلَّمَا زُفَّ للفَرَاشَاتِ وَسْمِي.