الذكاء الاصطناعي يُهدد باختفاء نصف الوظائف في العالم
يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً متزايداً لأعداد كبيرة من الوظائف التي صار العاملون فيها يخشون من تبخرها ليحل مكانهم “روبوت” يعمل بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ويقوم بالمهام المطلوبة من البشر على أكمل وجه، بل ربما يكون أكثر اتقاناً من الموظفين البشريين الذين يواجهون التعب والضجر بين الحين والآخر وتتفاوت إمكاناتهم وقدراتهم ويحتاجون للراحة والاجازة من وقت لآخر.
ويتوقع الكثير من الخبراء أن تحل الآلات وبرامج الكمبيوتر مكان البشر في عدد كبير من الوظائف، مشيرين إلى أن هذا الأمر قد يخلق أزمة بطالة كبيرة في العالم وقد يترك جيوشاً من البشر بلا وظائف ولا أعمال.
وبحسب تقرير نشرته جريدة “ديلي ميل” البريطانية واطلعت عليه “العربية.نت” فإن استطلاعاً للرأي شمل 16 ألف عامل وجد أن الكثير من الموظفين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يمكنه فعل ما يقومون به بالفعل.
وبحسب التقرير فإن نحو نصف الموظفين الذين شملهم الاستطلاع يرون بأن التكنولوجيا يمكن أن تتفوق عليهم في “المهام الروتينية”، وهو ما يعني أن أصحاب الأعمال والشركات قد يتخلون عنهم ويلجأون إلى هذه التكنولوجيا.
وتأتي هذه النتيجة بعد أسابيع فقط من تحذير أحد مراكز الأبحاث الرائدة من أن الذكاء الاصطناعي قد يستولي على أكثر من 8 ملايين وظيفة في بريطانيا إذا لم تتصرف الحكومة بسرعة.
ومن المتوقع أن تشهد “نهاية العالم للوظائف” الأدوار الإدارية والمبتدئة أولاً، ولكنها ستؤثر بشكل متزايد على أولئك الذين يتقاضون أجوراً أعلى حيث تصبح أكثر تعقيداً.
ووجد تقرير “مستقبل العمل” الصادر عن شركة متخصصة بالتوظيف أن واحداً فقط من كل ثلاثة مشاركين كان واثقاً من أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير إيجابي على دورهم، لكن الأغلبية – تسعة من كل عشرة – شعرت على الرغم من ذلك بالثقة في قدرتهم على التكيف مع التغييرات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأخبر العمال عن حجم مسؤولياتهم اليومية التي أصبحت جاهزة بالفعل للأتمتة، حيث قال ثلاثة من كل خمسة أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إجراء تحليل البيانات بشكل أفضل من البشر.
وكانت المهام الروتينية (48%) والاهتمام بالتفاصيل (45%) من المهام الأخرى التي شعر فيها العمال بأن الذكاء الاصطناعي سيكون له اليد العليا.
وفي حين أن الوظائف المتكررة مناسبة تماماً للذكاء الاصطناعي، إلا أن العمال قالوا إنهم ما زالوا يشعرون بالثقة بأنهم أفضل في التفكير النقدي والإبداع والذكاء العاطفي.
وينقسم الخبراء حول التأثير الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمي، لكن الجميع متفقون على أنه سيكون له تأثير مزلزل، وهو ما يحدث بالفعل.
وكشفت شركة “بريتيش تيليكوم” العام الماضي عن خطط لخفض عشرات الآلاف من الوظائف بحلول عام 2030، ومن المقرر استبدال حوالي 10 آلاف وظيفة بالتكنولوجيا.
وفي الوقت نفسه، أشارت دراسة استقصائية شملت أكثر من 2700 باحث في مجال الذكاء الاصطناعي في يناير، إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون “أفضل وأرخص” من البشر في كل مهنة بحلول عام 2116.
ويأتي تاريخ التنبؤ قبل 50 عاماً تقريباً من نفس التنبؤ الذي تم إجراؤه في العام السابق، مما يسلط الضوء على مدى سرعة تحسنه.
ووجدت دراسة استقصائية حديثة أجريت على 600 من الرؤساء التنفيذيين العالميين أن العديد منهم يرسلون على عجل موظفين “مبتدئين” إلى معسكرات تدريب الذكاء الاصطناعي لتأهيلهم لمواكبة التطورات. واعترف المئات أيضاً أنهم يخشون أن تتولى التكنولوجيا دورهم يوماً ما.
وقال الكثيرون إنهم يستخدمون بالفعل أدوات مثل “تشات جي بي تي” سراً لمساعدتهم على القيام بمسؤولياتهم اليومية، واعتبروها عملهم الخاص.
وقال نيك باكستر، الرئيس التنفيذي لمجموعة “آي إن غروب” إن العديد من الشركات سريعة النمو لا تزال تعاني من فجوة المهارات، وهي مشكلة تؤدي في النهاية إلى الإضرار بالنمو وإبطاء الابتكار.
وأضاف: “إذا أردنا بناء اقتصاد رقمي ديناميكي حقاً، تحتاج الشركات إلى الوصول إلى أحدث المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، مما يسمح للشركات الطموحة بالوصول إلى إمكاناتها الكاملة”.
وقال تريستان ويلكنسون، قائد القطاع العام في شركة “إيه أن دي ديجيتال”، إن الشركات هي شريان الحياة لاقتصاد بريطانيا، ومع ذلك فإن الكثير منها يكافح من أجل مواكبة وتيرة التحول الرقمي.
وأضاف: “لا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي المستدام إلا إذا حصلت الشركات على الدعم والمهارات المتخصصة التي تحتاجها لتبني المبادرات الرقمية على المدى الطويل”.