عزيز : لم أخلق لأستقيل أو أفشل ولن أقبل أن يختطف البلاد 33 شيخا
نواكشوط- الشيخ بكاي – في مؤتمر صحافي حضرته السيدة الأولى ورئيس الوزراء وحشد من الأنصار، أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز كما كان متوقعا، أنه قرر إجراء استفتاء شعبي يفرض من خلاله التعديلات الدستورية التي رفضها مجلس الشيوخ، مشيرًا إلى أنه استند في ذلك إلى آراء قانونيين “لا يمارسون السياسة ولا يحتلون وظائف”. ووجه الرئيس ورودا إلى القوات المسلحة، وأكد أنه لن يترك مصير البلد في أيدي 33 شيخًا، في إشارة إلى الأعضاء في مجلس الشيوخ الموريتاني الذين أسقطوا التعديلات.
وقال عزيز إنه اتفق مع غالبيته وأحزاب المعارضة “المحاوِرة” على اللجوء إلى الاستفتاء بعد أن استشار قانونيين كبارًا لا يمارسون السياسة ولا يحتلون مناصب في الدولة، ولم يسبق أن احتلوا وظائف تشوّش عليهم، وهذه إشارة غير مباشرة إلى فقيه دستوري كبير سبق أن أحتل مناصب سامية ويُصنَّف ضمن خصوم النظام.
وتعتقد جهات تابعت الموضوع عن قرب أنه كان لوزير العدل ابراهيم ولد داداه وهو من المحامين البارزين دور كبير في إقناع الرئيس دستوريًا.
وخلا حديث عزيز من الحدة التي اتسمت بها خطبه وتصريحاته السابقة، و امتنع عن وصف شيوخ حزبه الذين أسقطوا التعديلات بالخونة، لكنه قال إنه لن يسمح لـ33 شيخا باختطاف البلد، ولن يترك مصير البلد في أيديهم، لأنه رئيس مؤتمن وسيواصل مهمته حتى تنتهي مأموريته. واستغل فرصة المؤتمر الصحفي ليؤكد من جديد أنه مستمر في ممارسة السياسة بعد انتهاء مأموريته، وقال “لن أهاجر، وسأظل معنيًا بشؤون البلد”.
وقارن الرئيس بين موقفي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، مشيرًا إلى أن تصويت 33 شيخًا ضد التعديلات، لا يمكن أن يكون أكثر وزنًا من تصويت 121 نائبًا في الجمعية الوطنية. وذكر بأن النواب منتخبون بطريقة الاقتراع المباشر، بينما انتخب الآخرون من خلال المجالس البلدية.
وفي ما يشبه زلة اللسان، قال الرئيس إن النواب يعملون في الشرعية بينما مأمورية الشيوخ منتهية.. وهذه حقيقة، لكن تقع عليه المسؤولية فيها.. وقد وقعت المعارضة في الخطأ نفسه، إذ ظلت ترفض القرارات الصادرة عن مجلس الشيوخ، وتعتبر أنه يعمل خارج الشرعية لأن مأموريته انتهت منذ فترة طويلة ولم يتم تجديده. لكنها حينما رفض التعديلات الدستورية اعتبرته بطلا، واعتبرت قراره مرجعًا استندت إليه في رفض الاستفتاء الذي يصر الرئيس على التقدم إليه.
وبدا الرئيس الموريتاني متوترًا في بداية مؤتمره الصحفي الذي حضرته زوجته ووزيره الأول وبعض كبار المسؤولين وقادة الأحزاب المؤيدة له، لكنه تجاوز التوتر وبدا مرتخي الأعصاب يتبادل النكات مع الصحفيين على غير عادته.
وجدد عزيز الثقة في حكومته وفي الغالبية السياسية التي يحكم باسمها وقال :”لا مشكل لي مع الأغلبية ولا مشكل للأغلبية في ما بينها، ولن يدفعنا الآخرون إلى ذلك”. ورفض أيضًا تحميل حكومته مسؤولية تصويت الشيوخ ضده قائلا: “تلك مسؤولية الرئيس والوزير الأول ولن يدفعنا أي أحد إلى ذلك”. كما رفض الرئيس ربط مستقبله بأي فشل محتمل لتمرير التعديلات من خلال الاستفتاء، وقال: ” ما خلقت لأستقيل.. وما خلقت لأفشل.. وسينجح الاستفتاء”.
ولاحظ مراقبون افتتاح عزيز مؤتمره الصحفي بتوجيه التهاني إلى “القوات المسلحة وقوات الأمن التي تسهر على أمن الموريتانيين”، وهو ما نظر إليه على أنه تقديم ورودٍ إلى المؤسسة المنظمة الوحيدة في البلد التي هي أساس القوة، قوة الحاكم، ويعتبرها الموريتانيون ملاذهم الأخير رغم ضيق السياسيين بفترات الحكم العسكري في البلاد.
و في ما يشبه دق إسفين بين الجيش والمعارضة غضب عزيز حينما ورد اسم “العسكر” في سؤال لأحد الصحفيين : “العسكر كلمة لا تطلق على الجيش الموريتاني المحترم”. ونفى أن تكون سنوات الحكم العسكري الطويلة حكما للجيش، مؤكدا أن “الحركات السياسية الأيديولوجية” هي التي كانت تحكم باسم الجيش وتتصارع و” تسجن بعضها البعض”.
وحكم موريتانيا من العام 1978 إلى الآن ضباط لا ينتمي أي منهم إلى أي من الحركات السياسية “السرية” الرئيسية المعروفة في البلد، وهي اليسار الماركسي، والناصريون والبعثيون والإخوان المسلمون، وإن كان لكل منها تأثيره غير المباشر في شؤون الحكم.
وقال عزيز إنه وحده استطاع القضاء على نفوذ الحركات السياسية في الحكم وإنقاذ البلاد منها.
واستقال الرئيس عزيز (الجنرال وقتها) من الجيش العام 2009 ليترشح للانتخابات الرئاسية بعد انقلابه على الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله، غير أن المعارضة ظلت تصفه بـ”الجنرال محمد ولد عبد العزيز” وتطلب تخلي الجيش عن السلطة.
وأكد عزيز أنه لن يطلب مجددا من المعارضة الدخول معه في حوار: ” انتهينا من ما تصفه المعارضة بالمسرحيات.. لن أدعو مجددا إلى حوار، لكن بابي يظل مفتوحا لمن أراد منهم أن يناقش معي شؤون البلاد.
وقال محلل سياسي لـ”العرب اليوم”: إن “المعارضة في موقف دقيق؛ إن شاركت شرعنت الاستفتاء في حال تمرير التعديلات، وإن قاطعت فقد انتحرت.. سبع سنين عجاف، لا مشاركة سياسية فيها باستثناء تواصل”. وأضاف : “عندي إحساس أن طبقة جديدة من المعارضة سوف تتشكل بحكم الضرورة لن يكون فيها وجه قديم ولن تكون ممنهجة أو مدروسة، وعزيز يخشاها والمعارضة كذلك”.