إلى أهل الفن فقط…/ محمد فال بلال
منذ الصغر وأنا أحب الفن والموسيقى حبا صادقا للأبد، لا يموت ولا يفنى. و قادني حب الموسيقى إلى حب التنوع: تنوع الأشياء، وتنوع الأدوار، والألوان، والأذواق، والآراء، والمواقف، إلخ. العالم في نظري يكون دائما أجمل وأكمل عندما يكون أكثر تنوعًا، وأكثر ألوانًا واتساعا. والأمر نفسه ينطبق على المجتمعات والأحزاب والحكومات.
لا أدري، أخي القارئ، إن كنتَ قد حظيت يوما بمشاهدة فرقة موسيقية أو “أوركسترا” و هي تؤدّي دورا غنائيا. شخصيا، شاهدتها و انبهرتُ بما رأيتُ من تنوع في الآلات و اختلاف في الإيقاعات و تعدّد في النغمات و الرنّات. هنا آلات نفخية مثل النيفّارة و الزّوزايَ و الفلوتْ العصرية، وهناك آلات إيقاعية كالطبول و الدفوف بمختلف أحجامها، وآلات وتْريّة كالتدنيت و الجيتار و الرّباب. وكلها تتنازع الألحان و الأدوار. هنا صوت خفيف، و هناك صوت فخم. و هنا أوتار حزينة و مرخيّة، و هناك أوتار حازمة و قويّة، إلخ…لكنّها تتفاعلُ و تتعانقُ بانتظام لتصاحب الأغنيات و المقطوعات في تناسق و تناغم سحري…
قلتُ في نفسي : عجباً! ربما تكون لدينا فرصة الآن لسماع ألحان “أوركسترا” حكومية جميلة تتناغم فيها الطبولُ والأوتار والأفكار والآراء في “آزّايْ” واحد جامع.
وهذا في نظري متاح إلى حد كبير، خاصة إذا ما تحلى قائد “الفرقة” بصفات وسمات “قائد الأوركسترا”. وهو في الغالب رجل عادي، يقودُ الجماعة بلُطْف و أناقة و سلاسة و ابتهاج. بيدِهِ عصا صغيرة و ناعمة يشير بها إلى الجماعة إشارات فنية رائعة تُلاحقُ الايقاع العام…و هو قائم في الوسط.
على هذا النمط يرتاح الجميع ويستمتع بأغاني جميلة. ويكون التنوع مصدر قوة وبهاء.
ولا ضير في أن يبدأ المشوار بمقام “كر”، فذلك شيء طبيعي في مستهل الهول، وطبيعي أن يفتتح ب”لفگَيْعَ” و”المنفگْعَ” .. ههه
المهم أن نتجاوز شدّ “انتماس” بسرعة.. و “نرخي” الاعصاب.