canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراء

في ظلال الحروف/ المختار السالم

السَّمر في الصحراء “بما تيسّر”! قد يكون “سمرًا فقيراً” بين الأدغالِ وعلى ضفافِ الوديانِ.. سمر لا عزف فيه، ولا شاي، ولا مشوي، ولا محليات، إنه سمر خال من الدخانِ شِواءً وبخُورا. ولهذا السّمرِ طعم أبديٌّ برغم قلّة المستهلكِ فيهِ من مذاق ومسموع.. إن سَمري لياليَّ في فواتح “آمليل” عام الرّيح البارد، وكان من حولي قطيع لا حلوب فيه فتحلب، ولا سمينة منه فتذبح، قد كان سَمَراً تعرّفت فيه على “فنّ “مياءسة” الواقع”.

ولكن لآخرِ سَمَر في ذلك العامِ قصّة تروى، أتذكّر أن للسّير بعد خسارة القطيعِ نكهة ما، قد تقودك إلى أن تَـثْمل تعبًا، فلا تشعر بأي رغبة حتى في تغيير مسارك؛ فتسيرُ حائراً مَحْصُور اللّغة في الجمْعِ بين “علّ” وأخْتِها “عسى”.. فلا علّ ولا عسى، بل لا “عساوة” للشقيِّ الذي يتحرّش بالمسافاتِ في المفازات الـمُشَنْـفَرَةِ، التي تَنْـثني على أجَلِهِ سبع مرّات كروح الغول، مفازات لا يبرق فيها إلا نابُ الغدر وإلا النهايَاتُ العازبة تَمُور بالخطى؛ ثُمّ ما تلبث أن تتحوّل زلقاً، وريحاًّ قلقاً، وليلاً بَهِيْماً لا يرتِّب للفجْرِ فلقاً.

قد لا نجد أبداً تأوِيلاً غير الجُنُونِ لمن استأمن على نفسهِ المهامهِ، بلْ وَتَجَرَّأَ على قدح زناد الخَطَر في حشاشَةِ روْحِه، وهو يردّدُ: “قدْ تنجو السّـفينةُ بالكسرِ وقد ينجو البذرُ بالغمر”.

وإذ، تبرد الرّيح بعظامكَ، وتسود العتمةُ، وتستنفد الدّابة خطوَها وأنفاسَها فتخمد من دون صيحة، فتصبح للسير وحيداً؛ لا تثير النَّـقع ولا تروي الأمل، لا أنيس لكَ في القفر الـمُقْفِرِ، القفر الـمُعوزِّ، قفر كان بالنسبة لك هو الدّنيا كلّها، فتحوّل الآن إلى نافذةٍ للخُروج منها دون ترتيباتٍ، كأن موتك أصبح أنشودة العَنَاء وشفاء صدر الفَنَاء!!

إنّك، وأنت بِهذه الحال، ترتابُ في سجود البعديّ بعد أن استزلَّك الشّكّ في غفوة “أبي رغيف” صبيحةَ “فتنة البئر”، وكانَ رجلاً مبطوناً تحرّز بالفوضى واللامبالاةِ، إلا في وصفهِ للحوادث من حوله.. رويّ أنه زار متبارين في طبيخ العشيّ، فقال: “إنَّ رائحة عصيدهِم تشفى لوحدها، وإنَّ حَبْك قصيدهم لهو زهرةُ الحسِّ.

والآنَ، ها أنت وحيداً، وبعيداً، كأنَّ الدّهرَ خصيمكَ، والسقمُ سقيمك، وما أنتَ إلا ألَيْلُ ليلكَ! لو أنَّكَ تأنسُ ناراً، وقد يَئِستَ من قدح الأعواد المبتلّة بقطراتِ البردِ، أما غير ذلك فلا ينالهُ حلم!

وتحسم قرارا بالخطوةِ الأخيرةِ؛ فتَجْلِسُ مُستسلماً للوهنِ، وبعد ساعة وأنت موشكٌ على اليأس، تصاب بالرُّعب من صوت الأنين القادم من التُّخُوم! أي لعنة هذه! أبدأتَ تهلوس، وهذه أنّاتُ الغيلانِ تَكشطُ روحَك!؟

ولكن لا! ففي هذا الظّلام الموحشِ ها أنت أمام رجل مكسور الرّجْلِ، عانى منذ الفجر وحتى الآن لم يكن معهُ غير كسره!!

لقد نزف كثيرا وتألم أكثر، طيلة النهار ونصف هذا الليل!! وإذْ تشكو له حالَكَ وعجزَكَ، يُخَاطبك بِهدوء: “أريدك أن تكون شجاعا لليلة واحدة، لما تبقّى من هذه الليلة فقط”.

“احفر بين طبقات الرّملِ حتى تصل الجُذوع غير الندية، استخرجها وابدأ الاحتكاك لإشعال النار.. حسناً.. راكمْ عليها كومة تلو أخرى حتى تضيء الآفاق.. في ليلة كهذهِ شديدة البَرْدِ تلجأ الغزلانُ للمغارات المهجورة فتدخلها بحثا عن الدّفْءِ.. في المنحدر مغارة، غلِّقْها إلا منفذين، أشعل النّار بمدخل، واصطد أوّل خارج من المدخل الآخر”.

وكان كما توقع!! لنبدأ سمرًا على لحم الغزالِ، وبادءني بإعراب الشواردِ، وغريب شعر الصعاليك، ومقامِ التغريبة الهلاليةِ.. ثم روى أنَّه باكر الرّحيل يغالبُ النّعاس فأسقطه جمله وهرب بمتاعه، وقد انكسرت رجله.. وها هو يستحفظني مُختصر الطّريق إلى أقرب مظنّة لجلب فقهاء الكسر والجبر، وحين أحضرت أحدهم بعناء، تهكّم قائلاً: “إنك لا تصلح صعلوك قَـفْر، وربّما تكُون قاطع طريق أو حكّاء يَمْكُر بِمَن استمعَ له”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى