إفلاس الخطاب/ ممو الخراش
تحرر قليلا من العاطفة، وتحرر من سلطان خلفيتك الفكرية، وتأمل:
لكل مشروع فكري خطاب موجه، عن طريقه يُستقطب المناصرون، ويحصَّنون لاستبقائهم في الصف، هذا الخطاب يتكون من نقطتين أساسا:
– الدعاية التي تعتمد على التعريف بالأفكار، وبالتجربة، وتقديمهما للمتلقين بوصفهما خيارا يستحق التجريب، أو استمرار التجريب.
– الدعاية الموجهة ضد الخصوم، بالحق وبغير الحق، مع الكثير من انعدام الموضوعية والتعميم.
إذا رأيت من يلح على الفكرة الأولى، ويدخل السجالات بهدف الإقناع، فاعلم أنه ينتمي لخطاب ناضج، أو أنه على المستوى الشخصي حصَّن نفسه من إفلاس الخطاب.
وإن وجدت تيارا أو مجموعة أو فردا يلح على النقطة الثانية، فاعلم أنه ينتمي لخطاب غوغائي مفلس، أو أنه هو المفلس على المستوى الشخصي.
لذلك؛ لا تناقش من يبدأ كلامه بالعموميات، ولا من يعمم، ولا تجادل من ينتقي القاموس الرديء للتعبير عن المعنى الشريف أو الوضيع.. اعتبر كلامه موجها أساسا لرعيته من الغوغاء يبتغي تحصينها ضد الفكر المخالف.
لا تجادل من يسارع إلى احتكار الحقيقة الدينية أو غير الدينية.
من لا يستطيع أن يعرف الشيء إلا بضده، ومن لا يستطيع أن يقدم لك نفسه إلا بثلب خصمه، مشروعه فاشل وهو أفشل.
ينطبق هذا على جميع التيارات الفكرية، وقد يصلح للنظر في العصبيات القبلية والجهوية والسياسية.