حرب النفط والغاز/ علي الجاروش
من خلال متابعتي ومراقبتي لمجريات الأحداث والحروب التي تعصف ببلداننا العربية، وما تبين لي من حقيقة هذا الصراع المستعر وهذا الدمار الكبير، أنه صراع على النفط والغاز (فقط لا غير)…
فالحروب تاريخياً ليست غايات، بل هي وسائل للسيطرة على مصادر الطاقة ومفاتيح الاقتصاد في العالم… وحروب القرن العشرين كلها تدور حول افتراس منابع النفط في بلادنا العربية والشرق الاوسط…
واليوم، الغاز وأنابيبه ومصبه، هو محور وسبب الصراعات في هذا الشرق :
1- أوروبا تعمل للحد من تلوث الأجواء… وبدأت تتراجع رغبتها بشراء النفط، وعمدت إلى إيجاد البديل عنه، وذلك لنسبة تلويثه العالية وغير الموائمة للبيئة، ولتراجع كميات الإحتياطي العالمي منه… فعمدت إلى الغاز (الطاقة النظيفة) كبديل ناجح، والذي أصبح مفتاح السيطرة على إقتصاد العالم… وبدأت دول العالم وخصوصا أوروبا، تتحول نحو استيراد الغاز…
2- والغاز في العالم، تحتل المركز الاول بإنتاجه: روسيا، ثم إيران، ثم قطر، ثم تركمانستان، ثم أذربيجان… وهذا يعني أن روسيا تربعت على عرش الأرض، مع بدء موت سريري لأميركا…
3- أميركا.. حاولت برفقة عدة دول تدارك الامر، من خلال الإتفاق والتوقيع مع تركمانستان، على إنشاء خط انابيب (نوبوكو) لنقل الغاز من (تركمانستان، عبر بحر قزوين، وأذربيجان، وتركيا، إلى أوروبا) من دون المرور في روسيا… وبذلك ستكون روسيا في قبضة طوق (نوبوكو) المدعوم من أميركا، والمحمي من حلف الناتو…
4- ردت روسيا بقوة.. أنه بموجب القانون الدولي فإن قزوين هي بحيرة وليست بحر… وبالتالي هذا يمنع تركمانستان من مد أنابيب غازها عبر هذه البحيرة… وفي ذات الوقت، قامت روسيا بشراء كل الغاز التركمانستاني والاذربيجاني وبعقود طويلة الأجل… وهذا يعني ان الدول الغربية التي كانت ستمول مشروع (نوبوكو) قد اصبحت في قبضة روسيا…
5- تنازلت أميركا عن غاز تركمانستان.. والتفت إلى دولة قطر، لإيجاد حل بديل لمشروع (نابوكو)… عبر انشاء أنبوب غاز (قطر – السعودية – الاردن – سوريا – تركيا – ثم أوروبا).
6- سوريا.. في عام 2009 كانت هناك محاولات من قطر والغرب، لإقناع الأسد بالسماح لأنبوب الغاز القطري بالمرور عبر الاراضي السورية، لكن الأسد رفض، لان ذلك سيعود بالضرر على حليفته روسيا…
7- إيران.. في نفس العام 2009، عقدت اتفاقا مع العراق و سوريا، لأجل مد أنبوب (من إيران – العراق – سوريا – تركيا – ثم إلى أوروبا) للانفتاح على السوق الاوروبية، بقصد تخفيف العقوبات عليها، وبقصد امتلاك ورقة للضغط من أجل مفاوضات النووي، ولكن المشكلة هي ان (الانبوب الايراني) و (الانبوب القطري) سيتقاطعان في ريف حمص، فيما لو نجحت قطر بمده…
8- نظام الأسد.. الرافض للانبوب (القطري – الاميركي)، أصبح عقبة يجب زوالها من اجل تحقيق الحلم القطري بإيصال الغاز إلى أوروبا، وهو أيضاً عقبة تواجه أميركا لضرب سوق غاز روسيا…
قطر، وأميركا، والغرب، مولوا الجماعات السورية المعارضة، واشعلوا الشارع السوري ضد الأسد، لأجل اسقاطه وتحقيق مشروعهم… لكن روسيا، دعمت بقاء الاسد، لمنع مد أنبوب قطر المنافس لها… بينما إيران، دعمت حكم الأسد لأجل أنبوبها، ومصالحها.
9- تركيا اردوغان.. ساندت مشروع قطر وأميركا، من اجل كسب ثقة أميركا وأوروبا، وتحقيق حلمها في الانضمام للإتحاد الأوروبي… واردوغان هو الرابح في كل الحالات، فالمشاريع الثلاث (الروسية، والقطرية، والايرانية) تمر إلى أوروبا من خلال تركيا، وبالتالي تركيا عقدة الغاز الأسيوي نحو أوروبا… لذلك يلاحظ تنقل أردوغان بالتحالف بين القوى المتصارعة، للحصول عدد أكبر من المكاسب…
10- الصراع في سوريا لا يقبل التهاون… فانتصار روسيا، يعني هزيمة أميركا واحتضارها دوليا… وانتصار أميركا وقطر، يعني محاصرة روسيا وضربها بأعز ما تملك…
11- إن خيار الحرب واضعاف روسيا أو أميركا إحدهما للأخرى هو الحل، لفرض ارادة المنتصر…
لكن الحرب تحتاج لوقود من الطرفين (روسيا وأمريكا)… والطرفان غير مستعدين لإضعاف جيوشهما وبناهما العسكرية…
لذلك ذهبت روسيا وأميركا إلى خيار (الـحـــرب بـالـوكـــالــــة) أي ضرب العرب بالعرب والمسلمين بالمسلمين.
12- دول الخليج العربية.. تمارس التعبئة الطائفية التكفيرية، تحت شعارات السُـنّـة، للتخلص من ظلم الاسد العلوي.
13- إيران.. تمارس التعبئة الطائفية الشيعية، من اجل نصرة الاسد، وابعاد الخطر التكفيري عن سوريا والمنطقة.
14- وهنا التقى الجمعان.. العرب وإيران.. وبدأت الحملات الدعائة والإعلامية (الايرانية والعربية) ونجحت بإنحراف مسار المعركة من حرب (الغاز) الى حرب (المذاهب)..
15- القضية السورية، هي قضية القرن، والمنتصر فيها سيحكم العالم ويتسيده… لذلك لا يوجد أي من اطراف الصراع مستعدا للتنازل وترك الحلبة… وستبقى الامور كما هي عليه…
16- ممكن أن تكون هناك النهاية.. وهي: إما الإتفاق بين الأطراف، على نقل المعركة وفتح آفاق جديدة لهم على جماجم شعب آخر مستعد للموت الذي مر على الشام والعراق…… أو في (حرب عالمية ثالثة) لا تبقي ولا تذر…
17- الطائفية في سوريا هي طائفية اقتصادية الغاز محورها، وطرفاها (مذاهب غازية)… مذهب (نوبوكو) الأميركي الغربي، ومذهب خصمه (السيل) الروسي الجنوبي… وستكون الغلبة لمن يتمسك بعروة أنبوبه أكثر…………. والله المستعان……………….
علي الجاروش من صفحته على الفيسبوك