قراءات في ملامح عام 2018
سيضاف رقم الى السنوات الميلادية، لكن المشاكل الكبرى ستستمر في التوالد.
في سوريا لا يلوح حل في الأفق، فالنظام سيستعيد المزيد من الاراضي، لكنه من الداخل سيستمر في التآكل، ومحركو اللعبة يرغبون في تغيير الوجوه التي بهتت، وحان وقت قطافها لكي لا تبقى مزاحمة رمزيا لمن أبقوها على قيد الحياة سياسيا وعسكريا.
في الجزائر الاعمار بيد الله لكن استمرار السيد عبدالعزيز بوتفليقة غير ممكن لا بيولوجيا ولا سياسيا ولا نفسيا. رأس الدولة سيتغير. وكثير من المسكوت عنه أو المغلف بهالة الثورة والوطنية والجهاد والتضحيات، ستسقط أصنامه، وشباب ما بعد أكتوبر 1988 بلغ الثلاثين من العمر ولا يبالي سوى بالاندماج في الحياة العملية وشق طريقه نحو مستقبل غير مرهون بتداعيات ثورة الفاتح من نوفمبر 1954.
في المغرب حكومة سعد الدين العثماني مجبرة على أن ترقع نفسها ببعض التغييرات التي افرزتها تطورات المشهد الحزبي، وسيكون لزاما عليها أن تبعد بعض المكونات وارجاع اخرى غادرت تجربة ما بعد 2011 في ظروف أملتها الشعبوية المتصاعدة. بحث الدولة عن اختيارات اقتصادية بديلة، واتخاذ اجراءات استعجالية اخرى أمر حتمي والا فإن مشاكل الحسيمة وجرادة ستنتقل بسهولة نحو مختلف الاقاليم لان الاسباب ذاتها موجودة. محاربة الفساد هي السبيل الأسلك نحو استعادة الثقة لنفوس المواطنين في الدولة وتجلياتها .
أزمة الصحراء يمكن أن تشهد عملية عسكرية محدودة في الزمان والمكان تطلقها جبهة البوليساريو، لكنها لن تستطيع أن تفرض نفسها على الاجندة الدولية، ولا ان تغير الواقع الميداني بتاتا. اليأس الذي يعيشه الاهالي في مخيمات تندوف بحاجة الى خطوات حقيقية لانهاء هذه المأساة الانسانية، وقيادات جبهة البوليساريو استنزفت كل رصيدها، وليس امامها سوى تجديد الدماء والتوجهات والشعارات، او مواجهة مصير دامٍ داخليا.
أهلنا في ليبيا عليهم انتظار عام آخر، وربما رائحة آل القذافي بدأت تصل مع رياح توافقات لم تكتمل ملامحها، وقد يكونون طرفا في بدايات حل توافقي بين قوى كانت واعدة شيئا ما في فترة ما قبل 17 فبراير، وقوى اخرى ركبت موجة غضب الشباب دون ان يكون لها مشروع آخر غير طرد صاحب الكتاب الاخضر من معسكر باب العزيزية.
في ايران كل شيء بدأ سلميا واقتصاديا، لكنه قد يتطور الى ما هو اسوأ. الشعوب المكونة لهذا البلد بدأت تتململ، وعينا المواطن البسيط لم تعودا تريان هالة القداسة تحيط برؤوس شاخت في زمن التلغرام والانستغرام. وحين تبدد جهودك في حروب خارج حدودك بقوت عيالك، فتوقع من الجائع صرخة مدوية بحجم الالم الذي يصيبه في معدته وامعائه. ومهما تدخلت الباسيج والحرس الثوري والقوى الاخرى، فإن عام 2018 سيكون مختلفا في العمق عما سبقه من سنين.
بريطانيا ستشهد عاما آخر من التجاذبات السياسية الحادة، ظاهرها اختلاف على مفاوضات البريكسيت، وباطنها ضبابية في التوجه العام لبلد غارق في ازمة اقتصادية ويمزقه ضياع لريشة البوصلة بعد مطبات الاتحاد الاوروبي.
دونالد ترامب سيمضي في سياسات الإرباك، لكن على الاقل في الاشهر الستة الاولى من المستبعد معاقبته او الاطاحة به، لأن أطرافا عديدة تنتظر منه أن يحقق مبتغياتها قبل أن يبلغ مرحلة الورقة المحترقة.
أما داعش واخواتها فقد وصلت الى الباب المسدود، واقصى ما هو متاح أمامها هو المضي نحو انتحار مشروعاتها الهمجية بتنفيذ عمليات انتحارية يائسة هنا وهناك.
كل عام وانتم بخير
عبد الرحيم الفارسي – من صفحته على الفيسبوك