هل حركت نوايا واشنطن بإنشاء جيش محلي تابع لها على الحدود ، الهاجس التركي من عفرين ؟؟ أم أن أنقرة وجدت أن الوقت مناسب للحصول عليها مقابل حالة الأمر الواقع التي فرضها تقدم الجيش السوري وحلفائه في ريف إدلب . وفق منطق المقايضة أو انتزاع جائزة ترضية ، بعد اعتراضها على العملية العسكرية السورية الطموحه في ادلب ؟ .
هل فعلا طلبت تركيا أن تكون عفرين مقابل غض النظر عن عمليات الجيش السوري في ريف إدلب ؟ …وهل روسيا بالمقابل اقترحت على الوحدات الكردية تسليم الجيش السوري عفرين بالكامل لتجنب الهجوم التركي؟
صعَّدَت تركيا من قصفها لمواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين منذ السبت الماضي، تزامناً مع تعزيز الجيش لوحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا وتصريحات لإردوغان وكبار المسؤولين عن احتمال انطلاق العملية العسكرية في عفرين في أي لحظة، بهدف منع تشكيل «ممر إرهابي» حسب التعبير التركي على حدود بلاده الجنوبية يفتح للميليشيات الكردية منفذاً إلى البحر المتوسط.
عينت تركيا الفريق إسماعيل متين تمل، والذي كان له دور بارز خلال عملية “درع الفرات”، قائدًا للعملية العسكرية التركية في عفرين.
وأوضحت صحيفة “يني شفق” التركية اليوم، الجمعة 19 كانون الثاني، أن العملية سيشارك فيها لواءان من القوات الخاصة.
ونشرت الصحيفة تفاصيل العملية في عفرين نقلًا عن مصادر عسكرية، وبينت أنها ستكون “عملية محاصرة” مدعومة بغطاء جوي، على خلاف عملية “درع الفرات” التي كانت “عملية تطهير”، لاختلاف الشروط الجغرافية وطبيعة الأرض في أماكن تنفيذ العمليتين.
وبينت أنه من المخطط أن تتم محاصرة المقاتلين في عفرين، غربًا من هاتاي، وشمالًا من كليس، وشرقًا من اعزاز، وتل رفعت وإدلب من الجنوب.
عفرين ليست محط اهتمام واشنطن ، وهذه حقيقة عبر عنها الأمريكيون في تصريحاتهم تعليقا على الاتهامات التركية . وانتشار الجيش الروسي في نقاط داخل عفرين ، علاوة على أن تسليح وحدات حماية الشعب في عفرين بغالبيته من روسيا ، ووجود مؤسسات مدنية تتبع للحكومة السورية فيها ، يؤكد صدق عدم الاهتمام الأمريكي بكل ما يقع جغرافيا غرب الفرات حاليا .
وبهذا تبدو ردة فعل انقرة حيال نوايا واشنطن انشاء جيش قوامه 30 الف جندي غالبيتهم من الكرد ردة فعل مفتعلة ، وذريعة جاءت في وقتها لتحقيق رغبات ترى أن الظروف مواتية لتحقيقها . خاصة بعد نفي الخارجية الأمريكية لتصريحات قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل حول الجيش الجديد ، ومحاولة احتواء الغضب التركي . إلا أن أنقرة حسب تصريحات المسؤولين الأتراك لم يقنتعوابالتطمنيات الأمريكية ووصلوا الاستعدادات لاقتحام عفرين .
تعلم دمشق أن المواجهة العسكرية في عفرين ليست حربا بالوكالة بين تركيا وواشنطن ، ولذلك رفعت صوتها بحزم في وجه النوايا التركية ، وتدرك كذلك أن المنطقة مرشحه لأن تكون تحت السيطرة العسكرية السورية عاجلا أو آجلا . وهذا ربما ما يسعى إليه الروس والإيرانيون الآن ، سواء باقناع أنقرة بأن ذلك يبدد هواجسها من قوة كردية على حدودها ، أو بفرض أمر واقع بعد الموافقة الكردية تقف أنقرة حياله عاجزة .
ومن أجل هذا ربط حقان فيدان و الجنرال خلوصي بين العملية العسكرية في عفرين والعمليات العسكرية للجيش السوري وحلفائه في ريف إدلب أثناء الاجتماعات بينهم وبين الجانبين الإيراني والروسي . وهذا يكشف رغبة المقايضة التركية ، أما بوقف الجبهتين أو إعطاء الضوء الأخضر المتبادل . وهنا تتجاوز المطالب التركية عفرين إلى منبج .
من الصعب على روسيا وإيران وسوريا غض الطرف عن العملية العسكرية التركية في عفرين ولو بثمن ، لأن هذا يعني بالنسبة للحلف ، خسارة ما تم مراكمته على صعيد بناء العلاقة مع الوحدات الكردية ، وهي علاقة تبدو استراتيجية في مستقبل الصراع مع الوجود الأمريكي في سوريا المعتمد بدرجة كبيرة على القوة الكردية المسلحة في الشمال الشرقي .
المنطق يقول إن على كل الأطراف القبول بدخول الجيش السوري الشرعي إلى عفرين وهذا ينهي المشكلة تماما ، إذا كانت تركيا ترى أن عفرين تشكل خطرا على الأمن القومي التركي . أما دون ذلك فله مخاطر وتداعيات .
101 تعليقات