فمن جهل التاريخ وأحداثه يظل طفلا قاصرا وإن أحاط بالعلوم كلها .
أعود لأقول : إن اليمن معدِن العرب وأرومتُهم كما يعلم كل العرب ، والفقه يماني والحكمة يمانية كما في الاثر .
فلحساب من يُهدم اليمن ؟ ويُشرد شعبه الأبي ؟ لحساب من يُنكل بهم ؟ ويحاصرون ؟ ويسامون الخسف والقذف ؟
ما يفعله الاشقاء العرب بإخوانهم لم يفعله جلاوزة الانجليز أيام استعمارهم اليمن ، رغم أن بريطانيا هي أم الخبائث الاستعمارية كما يعلم أولو الالباب .
هدمت المدارس والمستشفيات والطرق والجسور ، وقوضت البنى التحتية على ضعفها وهشاشتها ، قصفت محطات الكهرباء ومحطات تصفية المياه ولم يجد اليمنيون ماء شروبا فافترستهم الأدواء و في مقدمتها داء الكوليرا الذي انمحى من على خارطة العالم .
لم يجد اليمنيون قوتا يقيم أودهم ، لقد غدا أكثر من 80% من سكان اليمن أي أكثر من اثنين وعشرين مليونا دون غداء ولا دواء .
إنها أسوأ مأساة إنسانية في التاريخ المعاصر باعتراف المؤسسات الاممية .
تنظر الى محيا اليمنيين على شاشات الفضائيات فتخجل من الانتساب الى أمة العرب!! وجوه تائهة ، كالحة ، شاردة ومكفهرة ، تستجدي المعونات ، و يا للعجب تتقدم جمعيات خيرية !! إي والله جمعيات خيرية من دول العدوان والحصار، في نفاق مقيت وتصنع كاذب يقول أصحابها على شاشات فضائيات البؤس العربي : إنهم جاؤوا تلبيةً لنداء الاخوة والايمان ، وقياما بواجب التكافل والتعاون ، وأن ” فلانا” و “علانا “هو أمَرَنا وأرصد كل هذه المعونات من خالص ماله الحلال .. أي والله .. من خالص ماله الحلال !! وهذا ” الفلان” و ” العلان ” هو من يقود الحرب وينشر الخراب ، ويستورد ويمول المرتزقة والقتلة من حثالة البشر من أركان الأرض الاربعة … أي بؤس هذا ؟؟ .
توقفت المدارس وتعطلت المصانع وتبطل شعب بكامله إلا من يحمل السلاح ويقاتل تحت راية عمياء مقابل قوت يومه لبلوغ أهداف وتحقيق مصالح رُسمت بإتقان في مخابر الشر وأقبية الشيطان.
يغلق المجال الجوي والبحري والبري في حصار وحشي لعين فلا مغيث ولا معين .
أليس اليمنيون عربا … ومسلمين ؟!
أم أن العروبة درجات والاسلام منازل ؟!
لماذا لم نسمع للعلماء صوتا ؟ وهم أحق الناس بالكلام والبيان .
أي دين هذا الذي يبيح الدعاء على طائفة من المسلمين من على منابر أطهر بقعتين في الارض أقصد منبري المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
لعل البعض من – القراء الكرام – شاهد على وسائل التواصل الاجتماعي أحد الدعاة المأجورين الكذبة وهو يخطب في حماس منقطع النظير في أفراد من المقاتلين السودانيين يحرِّضهم على القتل والقتال ويبشرهم بالجنان المعدة لهم بعد الاستشهاد لأنهم يدافعون بأرواحهم عن عرض وحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لمثل هذا الناعق الكذاب ومن شاكله ممن يتاجرون بالإسلام ويتقاضون الرواتب والمراتب والرًتب وهم كُثر في هذا الزمن الكالح أسوق الآتي :
يذكر التاريخ القريب للمنطقة العربية أن حربا شعواء اندلعت بداية تشكل دولتي اليمن والسعودية عام 1934 أيام الامام يحيى والملك عبد العزيز آل سعود بإيعاز و مكر شيطاني بريطاني بغيض من أجل توسيع حدود السعودية جنوبا وقضم شمال اليمن في إطار ترتيب حدود الدول العربية وزرع بؤر الفتن والنزاعات عقب اتفاقية سايس بيكو 1916 بحيث لا تخلو منطقة حدودية بين دولتين عربيتين على طول خارطة العالم العربي من فتيل بيد شياطين الاستعمار الغربي البريطاني والفرنسي تحديدا ، يشعلونه وقت الحاجة لإبقاء العرب مُفرَّقين لا ينتظمهم عقد وتدوم سيطرتهم على مقدرات وخيرات العرب ، في هذا العام 1934 تحديدا ورغم رضوخ البلاد العربية تحت نير الاستعمار قامت شخصيات علمية كريمة بجهود عظيمة رأباً للصدع ورتقاً للفتق واستطاعوا وقف نزيف الدم الحرام و إقناع الامام يحيى والملك عبد العزيز آل سعود بوقف الحرب المجنونة.
لقد خلد التاريخ أسماء وجهود أولئك العلماء الاجلاء الافذاذ .
هل تعلم أخي القارئ من اولئك العلماء ؟
أحيلك وأحيل كل عزيز غيور لمطالعة كتاب شيخ العروبة ومحامي المسلمين الأكبر: شكيب أرسلان الموسوم بـ : ” الشيخ رشيد رضا أو إخاء أربعين عاما ” ففيه تفاصيل دور أولئك الافذاذ .
هل عرفتهم ؟ إنهم :
– مفتي فلسطين الحاج محمد امين الحسيني 1895م – 1974 م .
– الشيخ رشيد رضا 1865م – 1935 م .
– الشيخ شكيب أرسلان 1869م – 1946م .
– السياسي المصري الكريم أحمد عروبة رحمهم الله وأجزل لهم المثوبة والأجر .
فيا معشر العلماء والدعاة بمثل هؤلاء تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح وأي فلاح ! و يا دعاة السوء ودهاة الشر كفوا عن مداهنة كل ظالم والسير في ركاب كل طاغية، واستعدّوا ليوم عصيب وأعِدّوا الجواب بين يدي العزيز المنتقم عن بحار الدماء التي سُفكت ظلما ولا تزال وأنمتم تلوذون بصمت القبور .
عبد المجيد بو لجواد – كاتب يمني والمقال لرأي اليوم