يوم المرأة / تغريد الطاسان
في يوم الثامن من آذار (مارس) يحتفل العالم كله بيوم المرأة العالمي، هذا اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة، إيماناً منها بمكانة دور المرأة في المجتمعات. ومع ذلك ما تزال المرأة هي الحلقة الأضعف في المكون الاجتماعي عالمياً، وماتزال تجاهد عبر كل المنابر والمنصات في المطالبة بحقوقها والبحث عن فرص تليق بها، في محاولة لمنع كل أذى يتربص بها أو يقيدها.
رحلة المرأة في البحث عن حقولها عبر التاريخ ممتدة، وما تزال تبذل الغالي والنفيس لأجل كينونتها وإنسانتيها المفرط فيها، والمرأة السعودية ليست بدعاً من نساء الأرض، فما تزال رحلة «المنافحة» عن حقوقها في بداياتها، بحيث لا تقارن رحلتها بغيرها من نساء العالم.
ما تمتاز به المرأة السعودية، هو وجود دينها الإسلامي الذي كفل لها حقوقها وصانها لها، ولكن مشكلتها للأسف، أننا تجاوزنا الدين وسمحنا لعادات وتقاليد بالية أن تعيدنا إلى الوراء كثيراً، وتحرمنا من حق لنا وتغضب من مطالبتنا به.
المرأة السعودية ليست متكلفة ولا تطالب بشيء مستحيل، لا تريد إلا العدل، لا تريد إلا ما خصها الله ورسوله به، لا تريد لأحد أن يسلبها حقها لأي سبب، مادام لم يخالف شرعه، ولا تريد تفسيراً للنصوص بحسب الهوى، على حسابها ومرضاة لرغبات مختلفة تتجاهل النظر إلى معاناتها من جراء ذلك.
الكل يشهد أن العهد الجديد لدولتنا شهد كثيراً من الانتصارات للمرأة، برد حقوق لها حرمت منها عقوداً من الزمن بلا سبب مقنع، ومع ذلك ما تزال المرأة عندنا عرضة لأية مفاجأة، فأي أحد باستطاعته إغلاق نشاطها التجاري لأي سبب يراه، من دون وجود نص واضح في ذلك، بل تعدى الأمر أن أي أحد من العائلة أو من القبيلة باستطاعته إلغاء زواجها، ومنعها من أولادها وفعل ما يحب هو، انتصاراً لعادات، من دون النظر إلى حق لها في ذلك.
ما تزال المرأة عندنا عرضة لأي تحرش في السيارة أو في العمل أو في الأماكن العامة، من دون وجود رادع يحفظ لها حقها في حينه، ويجعل الكل يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على شيء تجاهها. ما تزال تمنع من الدخول إلى مدرسة ابنها لتطمئن على دراسته ومستواه، وما تزال لا تجد فرصة لمقابلة المسؤول إلا من خلف ستار يحجب عن الطرفين الحقيقة كاملة، ما يزال أي نشاط للمرأة لا بد له من باب على الشارع، من دون النظر إلى ما وراء الباب، أهم شيء البحث عن باب، وإلا سيغلق عليها كل شيء، ولن يسمح لها بإقامة فعالية تخصها، يفعلون ذلك حرصاً عليها، وهم – يعلمون أو لا يعلمون – يمارسون كل الظلم والتضيق عليها بتلك الانظمة والقوانين.
كلنا فرح بأمر خادم الحرمين إعادة النظر في القوانين المجحفة تجاه المرأة السعودية، وكلنا فرح بتجاوز بعضها، وما نزال نطمع في التجاوز الأكبر، ألا وهو إعادة النظر في مسألة الولاية! تلك الولاية التي جعلت من حياة كثير من النساء سجناً أكبر، ومنحت الفرصة لكثيرين للاستبداد والاستغلال، وتعقيد كل الحيوات بسببها.
خوف بعضهم من هذا الأمر هو دلالة صريحة على عدم ثقته بنفسه، وقدرته على إمساك الزمام من دون هذا السوط!
المرأة خير من تحترم نفسها، وخير من تقدر الواجب وتنظم إلى الصف، وتأتي على نفسها لأجل أن تمضي القافلة ولا تتعطل بسببها، لكنها تفعل ذلك بقرارها وخيارها، من دون أن تجبر عليه أو تنقاد إليه مرغمة.
متى ملكت المرأة زمام أمرها ونالت ما يناله الرجل من حقوق فسينعم المجتمع بهدوء وراحة، وستنتهي ولايات ووصايا ظالمة ملت المحاكم ومراكز الشرطة ومجالس العائلة منها.
كلنا أمل بألا نحتفل العام المقبل بيوم المرأة العالمي، إلا وقرار تنظيم آلية الولاية صدر ونالت بعده المرأة ما تستحق، وتفرغت بعدها لتبني حياتها، وتسهم في بناء مجتمعها من دون خوف من مفاجآت لا سبيل إلى ردها.
المقال للحياة
10 تعليقات