الخطاب الديني الموغل في استعباد الشعوب !
يتحول الدين إلى أداة قمع للشعوب حينما يحوله الشيوخ والفقهاء إلى ذلك، فيحولون الحاكم إلى مقدس، لا ينافس ولا ينازع ولا يناقش. والشيخ سعيد رسلان خير مثال على ذلك.
وما أحلك واقع العالم العربي والإسلامي حينما يطلع الفقهاء كالفطر، يُصنعون في ليل بلا قمر، ثم يصنعون لهم أتباعا كثر، ليقودوهم باسم الله، إلى حيث يريدون هم، أو بالأحرى ما يريد الحاكم.
الحديث عن فقهاء الشيعة وأئمتهم قد تم الحسم فيه منذ ثورة الملالي سنة 1979. فهؤلاء الفقهاء حققوا ثلاثة نجاحات عظيمة جدا، لا يقدر عليها إلا الأكفاء. الأول، قدرتهم على إقناع ملايين من شعوب العالم، أميين ومثقفين وعلماء، بأن أئمتهم وآياتهم مقدسون، لا ينطقون عن الهوى، ولا يمكن الخروج عنهم. الثاني، قدرتهم على إقناع هؤلاء الأتباع بخوض حرب مقدسة للانتقام لمقتل الحسين رضي الله عنه منذ ما يقارب الألف عام، والانتقام من من؟ من إخوانهم السنة ! وهاهم يقاتلون على أحسن وجه، ويحققون انتصارات ستبقى خالدة في الذاكرة الكونية، من شدة دمويتها. الثالث، هو إقناع أطياف القتلة من الأتباع بان جزاء موتهم في المعركة المقدسة هو الجنة. ولكن كيف للقتلة بدون موجب حق، قتلة من اجل الوهم، ان يدخلوا الجنة.
فقهاء السنة، وليسوا جميعهم، لم يشذوا عن القاعدة في صناعة شريحة واسعة من الرعاع والخبل والفاقدون لعقولهم، صناعة أطياف مؤمنة بشرعية الظلم والقهر والعبودية، وهي تتناقض جميعها مع جوهر الدين. والشيح سعيد ارسلان واحد من أئمة السنة الذين يقاومون من اجل صناعة شعوب مستعبدة لا تؤمن بالحرية.
في احد خطبه قال الشيخ رسلان “إن ولي الأمر المسلم لا ينافس ولا ينازع في مقامه ولا في منصبه الذي بوأه الله تبارك وتعالى إياه”.
الشيخ ارسلان ألّه الحاكم، عادلا أو ظالما كان، وجعله اختيار الله لتولي أمر الشعوب، فلا ينافس ولا ينازع على حكمه، ولو جاء على ظهر دبابة، حتى او كان مشلولا، أو بلغ من العمر عتيّا فتعذرت معه إدارة شؤون الحكم، أو كان قاتلا وزنديقا. فالحاكم عند ارسلان هو قدر، لا يمكن، ولا يجوز التخلص منه.
لا نتحدث هنا في موضوع فقهي حول حدود طاعة ولي الأمر، أو حاكم المسلمين. إننا نتحدث عن المنطق والعقل والصواب. تاريخ المسلمين يقول بكل وضوح إن كل حاكم جائر خنع له شعبه إلا وتناقض ذلك مع أهداف وغايات الإسلام في الحرية والكرامة. الإسلام بني على العدل والمساواة والحرية، ولم ولن يبنى على الجور والعبودية. حاكم المسلمين بشر مثل باقي أفراد الشعب، وان كلف بمهمة الحكم، فلا بد أن يُراقب و يُحاسب عليها، ان حاد عن أهداف الحكم الذي فوضه الشعب إياه. إن الحكم مسألة إنسانية بحتة، وعلى الإنسان أن يراعي فيها القواعد العامة التي جاء بها الإسلام، وليس أهواء وانحراف الفقهاء والأئمة. وتأليه الحاكم هو تحد لله.
الحاكم والفقيه عملة واحدة، احدهما يصنع الأخر. الحاكم يصنع الفقيه لتأصيل حكمه وتثبيته. والفقيه يصنع الحاكم للتأسيس إلى دولة الفقيه، سنية كانت أو شيعية، التي تتناقض جوهريا وطبيعة الإنسان، لأنها شكل من العبودية.
إن الخطاب الديني الموغل في استعباد الشعوب التي تعاني منه امتنا لا زال يقودها إلى الهاوية، والبعد عن الإنسانية، وبالتعبير الديني، هذا الخطاب لا يقربها إلى الله وإنما يقربها إلى الشيطان أكثر.
وكم نحتاج إلى ظهور فقهاء مؤمنون بان الإنسانية لا تعارض الدين، وان الله بعث الدين من اجل الإنسانية، ومن اجل خيرها، لا ليسلبهم حقوقهم.
د. محجوب احمد قاهري- المقال من رأي اليوم
108 تعليقات