وزارة التعليم … والتحدي القادم!
المباشرة في الطرح والضرب على المفاصل مشروعان لا يجب أن يؤخرا في زمن صريح كهذا وقد نأتي متأخرين في معالجة جراحنا وهذا ليس عيباً فربما أن عوامل تراكمت ووقفت حائلاً من دون الحضور المبكر والوقوف بصرامة إزاء كل جرح وبأدوية متدرجة النتائج وممهورة بعنصر الوقت، أن تأتي متأخراً بالطبع خير من أن لا تأتي ولعل وزارة التعليم وهي تفصح وتعترف وتكشف -في ميدانها- عن خطر وتطرف وإرهاب وتغلغل تنظيم جماعة الإخوان خطوة شجاعة جداً وهي بداية مهمة للسعي الفعلي نحو قص الأظافر وضرب المفاصل وإعادة صياغة كثير من الملفات ابتداءً من العقول والنفوذ وانتهاءً بتنقيح أي فكر منحرف، وهي بذلك تكون قد أقدمت على خطوة مهمة في المرور بدقة وبمسار واضح وشفاف نحو التأكد من سلامة التوجهات الفكرية لمن تناولوا هذه الجماعة طيلة عمرهم الفائت على اعتبار أنها أمان وضمان ودفء ديني.
من الجميل أن نتحدث عن خطر هذا التنظيم ولو في الدقائق الأخيرة من ألعابه المتنوعة والمتوزعة على عدد من الخرائط والمساحات، ويجب ألا يتوقف حماس وزارتنا المجتهدة عند حدود التلقين والمنبر والعناوين التي قد يسير ما بعدها من حديث لزوايا لم يكن مضي الفكرة الرئيسة من أجلها ولا بنيت الأهداف عليها، نحن نعاني بلا شك من خلل في التوجهات الفكرية، خلل في المفاهيم وأرضية الانطلاق، ونعاني كذلك ضريبة تقديس الأسماء والإيمان بأن المظاهر وحدها كافية لإشباع عقل وتأثيث عاطفة، حماية العقول من أخطار الأحزاب والجماعات لا بد وأن يقف على هرم أهداف كل مؤسسات التعليم وجدير أن يكون أيضاً من العناوين التي تستحق أن تتصدر الخطب والمحاضرات المنتشرة في المراكز والزوايا والأركان.
الأولويات لا بد أن تتغير والتمدد عند قضايا الماضي المعتقة بالخلاف والصبر والتغير مع تغير المواقف والقناعات لم يعد مجدياً ولا مثيراً، بل هناك ما هو أهم، الجيل الذي يختطف ونحن في غمرة الانشغال بقضايا سخيفة وتافهة جيل سنكون أمامه في موقف حرج ومخجل، وان ننتظر وقتاً قادماً كي نعري الأهداف المشبوهة ونقصف التطرف والفساد والتدليس فذاك عبث وخداع لم نعد في حاجته ولن نكون معه في خير ولا مستقبل خال من المكاره والأخطار، الطريق ليس طويلاً في كشف كل الذين كانوا أو لا يزالون متأثرين بأفكار التنظيمات والمهووسون بالافتراء والكذب والجناية على البسطاء ورسم خطط تعطيل التفكير والعقل على حساب العاطفة الثرية المشتعلة، التعليم في مهمة وطنية لا يجب أن تؤجل، والمنابر الرسمية أياً كان مرجعها وغطاؤها يفترض أن تقدم برامج صارمة وصريحة لتتأكد من سلامة التوجهات الفكرية، فهذه السلامة تعيننا على أن نشرع في ملفات بعدها إنما باطمئنان أكبر، الشجاعة يجب ألا تتوقف في تسمية الانحراف بغض النظر عمن يقف وراءه، والعمل الآن على ضبط الاختراق والانتماء الحزبي، لكن مصطلح الضبط لا يكفي، نحن في حاجة مجتمعية لزيادة جرعات التنبيه عن مخاطر العابثين بأوطانهم ومجتمعاتهم، فعلاج الآثار التي دسوها في الأدمغة يفترض أن يقابله جهد رسمي وشعبي مضاعف لتقليص زمن التصحيح والعلاج.
علي القاسمي – المقال للحياة
71 تعليقات