الوطن العربي يتهاوى بسرعة ويتّجه إلى الأسوأ ولا يمكن التنبّؤ بما سيحل به من كوارث مستقبليّة؛ إنه يعاني من فراغ وارتباك وتخبّط قيادي، وحروب ونزاعات دموية في عدد من أقطاره، واستبداد سياسي يكتم أنفاس المواطنين؛ وفساد طال النخب الحاكمة وإدارات ومؤسسات الدولة في كل قطر؛ وإرهاب وبطالة وفقر، وإحساس بالذل والإحباط وعدم الأمان والخوف.
لا يوجد في الوطن العربي قادة يحرصون على إعطاء الشعب في كل قطر حقوقه والسماح له بالمشاركة في صنع القرار من خلال ممثّلين حقيقيين ينتخبهم بحرية وبناء على برامج سياسية واضحة وممكنة التحقيق؛ لقد تمكّنت معظم دول العالم من إقامة دول قانون ومؤسّسات ديموقراطية ونحن ما زلنا نعيش في دول قائمة على عبادة الحكّام ذوي السلطات المطلقة الذين لا يخطؤون أبدا، ويحيطون أنفسهم بمجموعات من النخب السياسيّة والعسكريّة والدينيّة والإعلاميّة الفاسدة التي تدعمهم وتحميهم، وتتعاون معهم لتضليل وخداع شعوبهم؛ الحقيقة هي انهم قادة لا كرامة ولا مصداقية لهم .. ودهاة .. في ظلم شعوبهم والتآمر على أوطانهم وأبناء جلدتهم العرب.
قادة الوطن العربي لا يتسابقون فقط، بل يتنافسون في الخنوع لإرادة الأعداء. إنّهم يدفعون مئات المليارات من الدولارات ثمن أسلحة أمريكية لن تطلق منها رصاصة واحدة على إسرائيل وأعداء الأمّة الآخرين، ولكنها ستستخدم في قتل الشعب العربي وتدمير أقطاره، وفي الاعتداء على إيران، ” وإعادة ترتيب المنطقة “، وتصفية القضية الفلسطينية خدمة لأمريكا وحماية لإسرائيل.
التطورات الأخيرة التي حدثت في الولايات المتحدة، واهمها تعيين مايك بومبيو وزيرا للخارجية وجون بولتون مستشارا للأمن القومي تعني أن مؤامرة أمريكية إسرائيلية كبرى يجري الاستعداد لتنفيذها خلال الأشهر القادمة؛ الرجلان عنصريان حاقدان على العرب والمسلمين، ومن أشد المؤيدين لترامب وسياسات إسرائيل، وقصف كوريا الشمالية، والغاء الاتفاق النووي مع ايران، وشرذمة الأقطار العربية، واستغلال الخلافات الدينية بين السنة والشيعة لإشعال المزيد من الحرائق والحروب بين شعوب المنطقة.
كل الدلائل تشير الى أن إدارة ترامب عازمة على إلغاء الاتفاق النووي مع ايران في شهر مايو القادم والقيام بعمل عسكري ضدّها تشترك فيه معها إسرائيل وبعض الدول العربية، وإن أمريكا واسرائيل تخطّطان للهيمنة على المنطقة العربية والتحكم بمخزونها الهائل من النفط والغاز وتصفية القضية الفلسطينية ! فهل سينجح هذا المخطط الصهيوني الأمريكي؟
اننا نتوقع له الفشل لأن ثقتنا بالشعب العربي الأصيل المظلوم الذي لا يقبل الذلّ، ويعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية ودينية وأمنية ملحة ما زالت موجودة؛ الهوّة بين الحاكم والمحكوم في كل قطر عربي تتّسع كل يوم، والدليل على ذلك هو التنامي الملاحظ في حركات الاحتجاج الشعبية، ورفض الوجود الأجنبي والحروب الدائرة في الوطن العربي، وفشل محاولات التطبيع مع اسرائيل والاستسلام للإرادة الأمريكية، واتساع التأييد للفلسطينيين خاصة بعد تهويد القدس.
الحروب والقتل والدمار والاستبداد في الوطن العربي سيقود حتما إلى تغييرات مستقبليّة جذرية؛ الطغاة يموتون، والشعوب تبقى وتستيقظ من سباتها وتصحح مسارها وتنتصر؛ الإنسان العربي يدرك أنه واقع تحت حكم مجموعات من الطغاة الذين فقدوا مصداقيتهم، وجلبوا له ولوطنه من محيطه إلى خليجه الدمار والذل والهوان، لكنه سيبقى، وسيتخلص من جلاديه، وسينتصر ويستعيد كرامته.
تعليق واحد