حراك وثغرتان!!/ معن بشور
جمعة الغضب الرابعة في إطار مسيرة العودة الكبرى لن تكون مقتصرة هذا الأسبوع على المواجهات على الخط الفاصل بين قطاع غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، ولن تكتفي بإطلاق الطائرات الورقية التي نجحت في حرق المزارع المحيطة بالمغتصبات الصهيونية في نطاق سياج غزّة ، بالإضافة إلى المنجنيق، فحسب، بل تتضمن مسيرة عودة كبرى داخل الأرض المغتصبة عام 1948 باتجاه قرية عتليت التي هجر العدو أهلها، وهدم منازلها قبل سنوات، كما تتضمن مواجهات شهدها حي سلوان ليل أمس بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، بالإضافة إلى مسيرة “يهودية كبرى” نظمتها جمعية “ناطولي كارته” اليهودية احرق المتظاهرون خلالها العلم الإسرائيلي ونددوا “بالدولة الصهيونية” ودعوا إلى حماية دولية للشعب الفلسطيني حسب تقرير “تجمع بالقدس يهتدون” الذي يرأسه أحد مؤسسي المنتدى العربي الدولي من أجل العدالة لفلسطين المناضل وليد عبد الرازق صيام.
وهكذا تتسع دائرة الحراك الفلسطيني والعالمي في “مسيرة العودة الكبرى” التي كان استمرارها، مع فشل العدوان الغربي على سورية، من أهم أسباب إعلان اسم “القدس” على دورة القمّة العربية الأخيرة في الظهران بعد أن اتضح صعوبة تمرير صفقة ترامب وإعلانه حول القدس…
ثغرتان تواجهان الحراك الشعبي الرائع في فلسطين. الأول استمرار حال الانقسام الفلسطيني. وثانيهما ضعف الحراك الشعبي العربي والإسلامي المتفاعل مع هذا الحراك، ناهيك عن التواطؤ الرسمي، والذي يعود إلى آثار حال الاحتراب والاقتتال والانقسام التي شهدها الوطن العربي خلال السنوات الأخيرة، والتي سلبت الشارع العربي وحدته وحيويته وبوصلته إلى حدّ كبير…
فهل نسعى لتجاوز الثغرتين معاً من أجل أن تأخذ مسيرات العودة كل مفاعيلها وتؤدي إلى دحر الاحتلال؟…
2-من أرنون إلى غزّة
حين أطلق ترامب وعده المشؤوم حول القدس في 5/12/2018، (قبل حوالي خمسة أشهر)، قال له مستشاروه واتباعه: لا تهتم بردود فعل الفلسطينيين، يتظاهرون لأيام ثم يصمتون…
وقالت غولدا مائير قبله بعقود في معرض التهوين من رد فعل الفلسطينيين على احتلال أرضهم، “الكبار يموتون والصغار ينسون”.
واليوم تأتي جمعة الغضب الرابعة في إطار “مسيرة العودة وكسر الحصار” بعد انتفاضة القدس المستمرة منذ أكثر من عامين، المتجدّدة مع إعلان ترامب المشؤوم، لتشمل كل فلسطين بدءاً من قطاع غزّة، وغلاف غزّة، إلى القدس إلى مدن الضفة الغربية، إلى حيفا، وعتليت والأراضي المغتصبة عام 1948، لتؤكّد لترامب ولمائير قبله، ولكل الحكام العرب المهرولين نحو التطبيع، بل نحو التحالف مع الكيان الغاصب، أن في فلسطين شعب لا يعرف التراجع عن حقه، ولا يعرف التنازل عن أرضه وكرامته…
ومن يتابع كلام المسؤولين الصهاينة هذه الأيام يدرك حجم الرعب الذي يمتلكهم من جراء هذه المسيرات التي تتزايد يوماً بعد يوم، والتي تفاجئ العدو بابتكاراتها النضالية الرائعة، والتي تتقدم “خيم العودة” عشرات الأمتار كل يوم باتجاه الشريط الفاصل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بل أن في جمعة الغضب الرائعة (جمعة الشهداء والأسرى) شباب أصرّوا على نزع الشريط الشائك بينهم وبين أرضهم في فلسطين، بما يذكرنا بهجوم شباب لبنان على أرنون عام 1999، ونزعهم الشريط بين الجنوب المحرر والجنوب المحتل، يومها اعتبر الكثيرون في انتفاضة الشباب برعاية رئيس الجمهورية يومها العماد إميل لحود، مؤشراً لقرب التحرير الكامل في أيار 2000 ودون قيد أو شرط…
واليوم، يشعر المحللون أن مسيرات الفلسطينيين الهادرة نحو أرضهم هي مؤشر لإمكانية دحر الاحتلال عن هذه الأرض، لاسيّما وأن الصهاينة غير قادرين على الاستمرار طويلاً في مواجهة هذه المسيرات المترافقة مع انتفاضة في الداخل، ومع مقاومة متصاعده في الشمال (لبنان)، وفي الجنوب (غزّة)، ومع انتصارات يحققها الجيش العربي السوري وحلفاؤها في مواجهة المؤامرة التي أرادت أن تنتزع سورية من موقعها وموقفها من الصراع مع العدو…
إن الكيان الصهيوني يصبح يوماً بعد يوم عاجزاً عن تحمل أكلاف هذه المواجهة على المستوى العسكري حيث ينهك جيشه وقواه الأمنية من استنفارات متواصلة على مدى أشهر. وعلى المستوى السياسي حيث بدأت العزلة تشتدّ حوله في المحافل الدولية، وعلى المستوى الأخلاقي حيث أخذت تنهار صورة الضحية التي رسمها هذا العدو لنفسه أمام الرأي العام العالمي، وعلى المستوى الاقتصادي حيث تشتدّ الأزمات الاقتصادية داخل هذا الكيان.
إنها مسيرات النصر على الاحتلال، فهل يتم احتضانها من قبل كل القيادات الفلسطينية والحركة الشعبية العربية وأحرار العالم حتى تستعجل النصر المؤزر بإذن الله.
3- استهداف العلم والعلماء
باغتيال المهندس الشهيد الدكتور فادي البطش في ماليزيا بعد اغتيال ثلاثة علماء عرب اثنان لبنانيان احدهما في كندا والثاني في فرنسا وعالمة فلسطينية جرى اغتيالها في مدينة البيرة في فلسطين المحتلة ،يعاد فتح مسلسل الاغتيالات المتلاحقة ضد العلماء العرب منذ اغتيال العبقري اللبناني حسن كامل الصباح وصولا الى اغتيال المئات من علماء العراق بعد الاحتلال عام ٢٠٠٣ مما يؤكد خشية اعداء امتنا من العلم والعلماء…
الا تحتاج مثل هذه الجرائم الارهابية الموصوفة ملاحقة الفاعلين وفتح تحقيقات بشأنها …ثم اليس مرتكبوها لا سيما الموساد الصهيوني من الارهابيين الذين يستحقون الملاحقة القانونية والقضائية الدولية…
ان استشهاد المهندس في البطش في يوم استشهاد اخوانه ابناء غزة شهداء “جمعة الغضب الرابعة” يجعله ايضا شهيد “مسيرة العودة وكسر الحصار” مما يتطلب تحركا حاسما من الحكومة والشعب في ماليزيا لان في هذه الجريمةايضا اعتداء على سيادة ماليزيا وامنها واستقرارها…
الرحمه والخلود للعالم الشهيد ولكل شهداء فلسطين والامة….
4- في الذكرى ٤٣ لرحيل الرئيس شهاب
التجربة الاكثر استقرارا وازدهارا واصلاحا
كانت رئاسة الراحل اللواء فؤاد شهاب رحمه الله للجمهورية اللبنانية من عام ١٩٥٨ الى عام ١٩٦٤ واحدة من اكثر المراحل التي مر بها لبنان استقرارا وازدهارا وتاسيسا لدولة المؤسسات…لانها قامت على ركيزتين :
الاولى هي ارادة اصلاحية متينة شهدت معارك متواصلة بين الرئيس وبين اركان الطبقة السياسية الفاسدة الذين اسماهم “باكلة الجبنة”.
الثانية هي سياسة خارجية مواكبة لمرحلة المد القومي العربي بقيادة جمال عبد الناصر نجحت بالجمع بين سيادة لبنان وعروبته…فاعطت تلك السياسة للنهج الاصلاحي الداخلي زخما قويامكنه من ان يحقق انجازات هامة على صعيد بناء مؤسسات الرقابة والمحاسبة التي يجري العمل على تهميشها منذ عقود…
ان هذا التلازم بين سياسة وطنية وعربية لشهاب وبين ارادة اصلاحية واضحة له قد تم ضربه بعد عام ١٩٦٧ حيث انعكست هزيمة حركة التحرر العربي في حرب حزيران فاجتمع اكلة الجبنة للانقضاض على النهج الشهابي في انتخابات ١٩٦٨ الشهيرة…
في الذكرى ٤٣ لرحيل الرئيس الامير اللواء فؤاد شهاب ندعو كل لبناني مخلص ،لاسيما المسوؤلين منهم ،الى دراسة هذه التجربة بعمق والاستفادة من ايجابياتها وتجاوز سلبياتها لا سيما المتعلقة بتوسع نفوذ الجهاز الامني في مختلف شوؤن الناس مما مكن اكلة الجبنة من استغلال ممارساته للانقضاض على ايجابيات تلك التجربة…
5- سناء ولولا في سجل الخالدات
في ٢١ نيسان ١٩٨٥، وفيما كانت العاصمة اللبنانية غارقة في منازلات دموية مسلحة بين من يفترض بهم ان يكونوا رفاق سلاح ،تقدمت شابة لبنانية تنتمي الى عائلة وطنية بقاعية معروفة بنضالها وتضحياتها ،والى الحزب الشيوعي اللبناني’ العريق في نضاله ومقاومته ،اسمها لولا الياس عبود الى مركز للاحتلال الصهيوني في مدخل بلدتها المجاهدة (القرعون)تحمل حقيبة ممتلئة بالمتفجرات فتفجر نفسها في المركز وتقتل وتجرح من فيه…
كانت الشهيدة لولا ثانية الاستشهاديات في المقاومة اللبنانية بعد الشهيدة سناء محيدلي ابنة الحزب السوري القومي الاجتماعي التي فجرت نفسها بسيارتها على حاجز للاحتلال على معبر باتر /جزين في ٩نيسان ١٩٨٥(ذكرى استشهاد عبد القادر الحسيني) مؤكدة مع الشهيدة لولا وغيرها من الشهيدات على امرين :
الامر الاول هو دور المرأة اللبنانية في المقاومة الوطنية وهو دور يذكر برموز في المقاومة الفلسطينية والجزائرية خصوصا والعربية عموما…
الامر الثاني هو دور الاحزاب الوطنية والقومية في اطلاق المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال..فمحيدلي هي رفيقة خالد علوان بطل عملية الويمبي في بيروت وعبود هي رفيقة جورج قصابلي الذي استشهد في العاصمة خلال تصديه مع رفاقه للغزو الاسرائيلي للعاصمة عام ١٩٨٢…وكما عجل فعل المقاومين في دحر الغزاة عن بيروت بعد ايام من غزوها..كان لعمليات لولا عبود وسناء محيدلي فعلهم في التعجيل بانسحاب المحتلين من مناطق واسعة في الجنوب والبقاع الغربي…تماما كما كان لمجاهدي حزب الله وحركة امل الدور الرئيسى في طرد الاحتلال من ارضنا وردع العدوان عن وطننا…
مهما مرت سنون وعقود على استشهاد سناء ولولا وغيرهن من شهيدات وشهداء فهن وهم خالدات وخالدون في سجل الوطن والامة..
6- بين قانونين…
سألت مخضرما عن الفرق بين قانون الانتخاب الحالي وبين القوانين السابقة.فاجاب :في القوانين السابقة كان شراء الاصوات يتم مرة واحدة من قبل اللائحة او المرشح اذا كان منفردا…في القانون الحالي شراء الاصوات يتم على دفعتين مرة للائحة ومرة ثانية للصوت التفضيلي داخل اللائحة الواحدة….
في القوانين السابقة كنا نتحدث عن لوائح ومحادل لكن للناخب الواعي الحرية في ان لا ينتخب مرشحا حتى ولو انتخب اللائحة كلها او ينتخب مرشحا حتى ولو كان من خارج اللائحة التي يفضلها…اما في القانون الحالي فقد تم “تشريع” المحادل والبوسطات فلا تستطيع ان تشطب احدا من اللائحة او ان تضيف مرشحا اليها…
في النظام النسبي تكون اللوائح مقفلة طبعا ولكن تشكل اللوائح على اساس احزاب وبرامج وليس على اساس تحالفات مصلحية وتضم حلفاء متناقضين فكريا وسياسيا واخلاقيا….
في السادس من ايار سيتضح للجميع مساوئ القانون الجديد وحسناته…ثم يبدا النضال في السابع من ايار من اجل قانون اكثر عدالة واصدق تمثيلية واقل اثارة للعصبيات والحساسيات….