الساحة العراقية ومنذ أسابيع تشهد حراكاً غير مسبوق في الأعلام المرئي والمسموع الهدف منه الترويج للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الثاني عشر من شهر مايس القادم ، حملات انتخابية اختلط فيا الحابل بالنابل كما يقول المثل الدارج في ضوء الانقسامات المقصودة منها أو المتفق عليها !! التي تشهدها الكتل والتيارات والأحزاب بعدما تقدم اكثر من ٢٠٠ حركة وحزب وكيان للتسجيل للانتخابابات المرتقبة قبل ان يتم اختصار هذا العدد ، وهي حالة غير مسبوقة في اَي بلد في العالم تجري فيه انتخابات برلمانية حتى يقال ان بعضها لا يتجاوز المنتمين اليها أصابع اليد الواحدة ، انها ظاهرة مرضية وليست صحية على الإطلاق لان كل المعطيات تقول ان كثرة هذا العدد هو بهدف وصول القائمين عليها الى المنصب وامتيازاته الذاتية أولاً ومن ثم امتداده الى الطائفة والعشيرة والمناطقية دون النظر الى المجتمع ككل ، إذاً وفق هذه الممارسة التي يطلق عليها ساسة المحاصصة بالديمقراطية فهي تشويه لها واعتداء صارخ على مبادئها ، وما جرى في العراق طيلة هذه السنوات التي اعقبت سقوط الدكتاتورية لم تكن اكثر من حالة فوضى وهدم للمجتمع ٠
ثلاث دورات برلمانية مدتها ( ١٢) اثنى عشر عاماً ماذا جنى منها الشعب العراقي ؟ ليس هكذا كان يحلم به العراقيون بعد عقود من دكتاتورية الأفراد والحكم الشمولي ياساسة المحاصصة الذين تصدرتم القيادة وصنع القرار طيلة خمسة عشر عاماً لقد كانوا يحلمون ويطمحون الى العراق الواحد يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات تسوده العدالة والضمان الاجتماعي وحق المواطنة وسيادة القانون بعيداً عن الاستفراد والتهميش والهيمنة أياً كان شكلها ولونها .
ثلاث دورات برلمانية جرت لم يشهد فيها العراق حالة استقرار مع انعدام ابسط المتطلبات والخدمات الضرورية رغم الواردات المالية الضخمة التي يجنيها العراق من صادراته النفطية بعدما تبخر منها الكثير في مشاريع وهمية !! لم يظهر منها شيء وكذلك النسبة ( الكومشن) التي يتم الحصول عليها من الصفقات والعقود الضخمة ، لذلك ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية القادمة في دورتها الرابعة فان ملامحها الظاهرة تشير ان القادم لا يختلف عما سبقه من حيث التخندق وهيمنة أطراف معينة على حساب الغالبية العظمى من مكونات الشعب العراقي الذين رفضوا المحاصصة المقيتة بكافة اشكالها والتي أدت الى غياب الكفاءة والنزاهة في الكثير من المؤسسات الرسمية ٠
شيء مؤسف ان العديد من القوائم التي تقدمت لخوض الانتخابات هي نفسها التي خاضت الانتخابات السابقة وهي نفسها التي تولت السلطة ولا زالت ومن المؤسف والغريب انها لم تعترف بفشلها بل الأدهى من ذلك ان يبدأ بعض مرشحيها حملاتهم الانتخابية بوعود مثل الوعود السابقة وبالتبرع ببعض الهدايا البسيطة والقيام برصف الشوارع الترابية بمادة ( السبيس ) ، انها المهزلة وإهانة ما بعدها اهانه للناخب خصوصاً وللشعب العراقي عموماً ٠ في ضوء هذه الصورة القاتمة التي سبقت الانتخابات اعتقد ان حصول المرشحين النزيه والكفوء على أصوات ناخبيه سوف لن تكون في صالحه بل سوف تذهب الى قادة الصف الاول في قوائم كتلهم التي رشحتهم لتلافي سقوطهم الحتمي من اجل عودتهم الى قبة البرلمان لان قانون (سانت ليجو) الانتخابي يجيز ذلك وهوالقانون السيئ الذي اعتمدته مفوضية الانتخابات الحالية . لذلك لا فائدة من الذهاب الى صناديق الانتخابات لان صوتي في كل الأحوال سيذهب الى نفس الكتلة أو التيار الذي تم التصويت لها في الدورات السابقة !!!
خلاصة ما تقدم : على الرغم من الصورة السوداوية والغير مشجعة ، لكن هناك بعض الأمل والتمني لدى الكثير من العراقيين في حصول معجزة!! قد تأتي بها الانتخابات القادمة قد تنقل العراق الى مرحلة جديدة تنتهي فيها المحاصصة التي فرقتهم ومزقتهم وان يعود العراق واحداً موحداً يستظل تحت خيمته الجميع تحكمه القوانين والمؤسسات مثل بقية الدول التي تنعم شعوبها بالامن والاستقرار والعيش الرغيد .