حين يَطرُد المغرب إيران بذريعة “البوليساريو”!..
حين يَطرُد المغرب إيران بذريعة “البوليساريو”!.. “الضَّحك بدون سبب قِلَّة أدب” فما الذي أضحكنا وأضحك وزير العدل الجزائري هِستيريّاً؟.. صدام حسين وجُثمانه “الشَّهيد” الذي لم يتحلَّل!.. ولثلاثة أسباب برأينا ليس من مصلحة السُّلطات السوريّة منع قناة “الميادين” من التَّغطِية
لم يُسعِف التوقيت المسائي زميلنا في قناة “السعوديّة 24” للتعليق على الخبر الذي “أبهج” دول الخليج، وعلى رأسهم بِلاده العربيّة السعوديّة، فخرج الرجل في برنامج راصد الصِّحافة الصَّباحي على غير عادته في برنامجه “الحوار المسائي”، ليُبدي إعجابه بخُطوة الشقيقة المغرب التي وصفها بالمُتأخِّرة حتى، حيث أعلنت الأخيرة وقف علاقاتها مع إيران، وطلبها من سفيرها المُغادرة، وذلك بسبب علاقة حزب الله بجبهة البوليساريو، كما قرّرت المغرب إغلاق سفارة الجمهوريّة الإسلاميّة، والتي بدورها تُهَدِّد أمن واستقرار البِلاد.
اللافت في تعليق الزميل ليست هذه البهجة التي عبّر عنها، فهذا دوره الإعلامي المَنوط به، على قاعِدة “معاهم معاهم.. عليهم عليهم”، والمقصود حُكومة بلاده بالطبع التي يعمل في محطتها، شأنه شأن أي إعلامي في بلاد الحرمين.
ما يستدعي “الانتباه” واللافت هو دعوة الزميل السُّعودي جميع الدُّول العربيّة إلى اتّخاذ ذات خطوات المغرب الذي وصفه بالشُّجاع، وطرد إيران وإغلاق سفاراتها، لكن لعلَّ الزميل نسي أن بقيّة الدُّول العربيّة بعضها كالجزائر وسورية وتونس مثلاً ليس عندهم من “هوس الخطر الإيراني” هذا الذي يدفعهم لتِلك الخُطوة، كما أن دُولاً مثل الأردن ومِصر لا يملكون شعباً صحراويّاً، يُمكن اتّهام حزب الله بدعمه وتمويله، مُضافَاً إلى ذلك أنّ هُناك سفارات إيرانيّة في عِدَّة دول خليجيّة، فهذه الأيّام لو ماتت دابّة في شَرق الأرض، لقالوا أن هذا الحزب المُقاوِم المدعوم من إيران دبّر مَقتلها في غَربِها، لعلّنا سننتظر بشغف إظهار الأدلَّة التي تُؤكِّد موت الدَّابة على طريقة “نتنياهو”!
بدون سبب.. قِلَّة أدب!
لا نذهب بعيداً، والحديث عن جارة المغرب الجزائر، في مَوقفٍ طريف أصاب وزير العدل الجزائري الطيب لوح، الذي أُصيب بنَوبةِ ضَحِكٍ هِستيريّة خلال مُداخلةٍ له في البرلمان، أثناء ردِّه على أسئلة النُوّاب، وهي جلسة “علنيّة” ومُباشرة بثّتها وسائل الإعلام المحليّة لسُوء حظ الوزير “الضَّاحِك”، الذي لم يستطع السَّيطرة عليها، ولا إخفاؤها، الأمر الذي أضحك كُل الحاضِرين، ودفعه في كُل مرّة لتِكرار الاعتذار عن وصلة الضَّحك اللاإراديّة تِلك إلى رئيس ونُوّاب البرلمان.
مَوقِف “معالي” الوزير الجزائري الضَّاحِك هذا، أخذني إلى ذِكريات أيّام المدرسة في العاصِمة الأردنيّة عمّان، وتحديداً في الصُّفوف الابتدائيّة، حين كانت براءة الطُّفولة في حينها تدفعنا ورِفاقنا إلى مِثل تِلك الضَّحكات الهستيريّة غير مفهومة التَّوقيت ولا المعاني، وكان توقيتها كما سُوء حظ الوزير، في حضرة المدير، أو خلال تسميع قصيدةٍ لشاعرٍ جاهليّ في حضرة مُعلِّم اللغة العربيّة، لتنتقل عدوى الضَّحك لكُل من في الفصل.
كان أستاذ اللغة العربيّة ولا أعلم إن كان على قيد الحياة، أو انتقل إلى رحمته تعالى، يقول لنا ردًّا على هذه الضَّحكات التي كانت في غالبها دون سبب، وطيش طُفولي، “الضَّحك من غير سبب، قِلَّة أدب”، لم أفهم حقيقةً إلى اليوم مقولة أستاذي، فأين قِلّة الأدب في أمرٍ عَفويٍّ كالضَّحك شأنه شأن العُطاس الفُجائي مثلاً، لا نعلم حقيقةً إن كان الوزير قد ضَحِك مثلنا في طُفولتنا هكذا بلا سبب، وفي حالته فقط قِلَّة الأدب أن يحكم بين النًّاس بغير العدل، وهو وزير العدل، وإذا عُرِف السَّبب كما يقولون، بَطُل العجب!
الرئيس “الشَّهيد”.. ولكن!
يَنطبِق ما قيل عن الشاعر أبو الطيب المُتنبي أنّه مالِئ الدُّنيا وشاغِل النَّاس، على الرئيس العراقي الرَّاحِل صدام حسين تماماً، فالرَّاحل يشغل الناس حتى بعد وفاته 2006 بأعوام، كان آخر هذه الانشغالات، الجدل الذي اشتعل بين مُحبِّيه، حول مكان دفنه الحالي، وحقيقة تعرُّض قبره في قريته للنَّبش، واختفاء الجُثمان، الذي يُقال أنه تعرّض للتفجير على يد تنظيم الدولة الإسلاميّة، حين دخلت قُوّاتهم بلدة العوجة جنوب تكريت مسقط رأس الرئيس صدام حسين، أو أنّه تم نقله على يد ابنة الراحل السيِّدة حلا إلى الأردن بطائرةٍ خاصّة كما تتناقل الشائِعات.
هَذهِ الهالة، والقُدسيّة التي يضعها البعض حول الرئيس الراحل، دفعت بالبعض إلى تصديق مقطع فيديو مُتداول لجُثمانه، يظهر فيه (الجُثمان) بعد سنوات من إعدامه ودفنِه، كامِلاً وغير مُتَحلِّلٍ، كما أن جُروح ما بعد الإعدام التي على وجه الرئيس باقِية على حالها، كما لحيته الشَّهيرة على حالها التي اشتهر بها خلال مُحاكماتِه، وذلك في دلالةٍ على أنّ الراحل نال كرامة الشُّهداء ببقاء جُثمانه على حاله!
جولةٌ قصيرةٌ بين مقاطع فيديو الرَّاحل صدام حسين التي تم تداولها بعد إعدامه، سنَجِد أنّ المقطع المُتداول هو بعد إعدام الرئيس مُباشرة، لكن أصحاب فنون المُونتاج والقص والقطع، يبدو أنّهم أرادوا خلق حالة من الجدل بين المُتأثِّرين برحيله، ولعلَّهم أرادوا تضليلهم، أو حتى تطمينهم ربّما بأنّه شهيد، قد يكون الراحل رجلاً استثنائيّاً، لكنّه يبقى إنساناً، له حساب وذنوب، أصاب هُنا، وأخطأ هُناك، وليس على مُحبِّيه إلا الدَّعوة له بالرَّحمة المغفرة، والله أرحم الرَّاحِمين.
سورية تمنع “الميادين” من ميادينِها!
لا يستطيع أحد أن يُنكِر المَجهود “الإعلامي” العظيم الذي بذلته قناة “الميادين” وَحيدةً في الحرب السوريّة الدائرة هُناك منذ 7 سنوات، ودورها في نقل حقيقة الأحداث الدَّائرة والمُؤامرة الحاصِلة هُناك ضِد سورية ونِظامها وشعبها، وفي ظِل هجمة إعلاميّة تضليليّة من قنوات ما تصفهم الدَّولة السوريّة بقنوات الفِتنة والتضليل، أو القنوات المُغرِضة!
ومُقارنةً مع إمكانيّات الإعلام السوري المحلِّي، فلا وجود أصلاً لتلك المُقارنة، فالجميع يعلم، أن هذا الإعلام المحلِّي يحتاج إلى الكثير من التدريب، والتغيير، والقرار الحقيقي للتَّغيير، حتى يستطيع المُنافسة، والمُساهمة فِعلاً في تقديم وجهة النَّظر الرسميّة، والتي لا تضعه وتغطياته، وبرامجه في إطار برامج الكوميديا والسُّخرية، ويتحوَّل لمادّة دَسِمة لقنوات المُعارضة “المُغرِضة”.
نَكتُب هَذهِ السُّطور، لاندهاشنا، واستغرابنا، من منع قناة “الميادين” من تغطية أو مُواكبة إخراج المُسلَّحين من مُحيط مخيم اليرموك جنوب دمشق، وذلك كما أفادت مديرة مكتب القناة في سورية، الزميلة ديمة ناصيف، وهو المنع الذي أتى من قبل السُّلطات السوريّة، لا من قبل الجماعات المُسلَّحة المُعارضة لها، حيث يُمكن تفهُّم عدم رغبة المُعارضين بتغطية “الميادين” مثلاً انسحابهم، لو استطاعوا إلى ذلك سبيلا، لكن وللأسف هذا المنع من سُلطات سورية.
العامِلون في قناة “الميادين” أو بعضهم، يذهبون باتّجاه حُسن النِّيّة، في قراءة أسباب هذا المنع، وبالرُّغم من تواجد قنوات أجنبيّة غير الإعلام السوري كما قالت مديرة مكتب القناة ناصيف، إلا أنّ المنع جاء بحسب ناصيف لإعطاء الأولويّة للإعلام السوري، وهذا المنع يُرافقه حملات تخوين للقناة، واتّهامها بأنّها تسير في فلك الإعلام المُعادي لسورية.
يبدو سبب المنع الرئيسي للميادين لإعطاء المجال لغيرها من الإعلام المحلِّي، تماماً كما كان المعلم في حصة دراسيّة، يمنع المُتفوٍّفين من الإجابة تماماً حتى يسمح “للخامِلين” دراسيّاً بإثبات حُضورهم، وتفاعلهم، ومُشاركتهم، لكن النَّتائِج نِهاية العام الدٍّراسي كانت تَصُب غالِباً في مصلحة المُتفوٍّقين دراسيّاً، رغم مُحاولات المُعلِّم القاصِرة هذه، وهذا ينطَبِق تماماً على حالة “الميادين” وزميلاتها القنوات السُّوريّات.
أمّا عن اتّهامات “التَّخوين” التي تطال القناة المذكورة، فنعتقد أنّه ليس من مصلحة السُّلطات السُّوريّة، أو من يَقِف خلف قرار المنع خارج القِيادة السِّياسيّة كما تَردَّد، أن يُساهِم في استمرار مِثل تلك القرارات واقِعيّاً، والحملات افتراضِيّاً على مَواقِع التَّواصل لثَلاثَة أسباب:
أوّلاً: لأنّ نصف الانتصار السوري إعلاميّاً، كان الفضل فيه ودون أدنى شك للميادين وهي القناة العربيّة الوحيدة التي تبنّت وجهة النَّظر الرسميّة ودافعت عنها، ومنعت تداول الشائعات في أكثر الأوقات الحَرِجة للنظام حين شارفت العاصمة دِمشق على السُّقوط مثلاً على شاشتيّ “الجزيرة”، و”العربية”، ودبَّ الإحباط في صُفوف المُوالين، ذاتهم أو بعضهم الذين يُشاركون في حملة “التخوين” ضدها اليوم، ولا ننسى تغطيتها “اللامعة” في تحرير حلب.
ثانِياً: المُواطن السٌّوري “العاقل” لعلَّه سيعيد التفكير في تقييم شروط القنوات الإعلاميّة “المُغرضة” التي تمنعها سُلطاته، تحت عُنوان التضليل والعداء لدولته، فإذا كانت “الميادين” وبعد كل هذا المجهود الإعلامي “الجبّار”، ووقوفها ضد سُقوط النظام السوري، ببساطة يُمكن أن يتم منعها، وحتى إنكار فضلها، وصولاً إلى حد تخوينها، فهل معايير الدًّولة السُّوريّة مُتقلِّبة، وغير مُنضبطة، ربّما سيتساءل المُواطن السوري “العاقل”.
ثالِثاً وأخيراً: ربّما أنهى الجيش العَربيّ السُّوريّ سيطرته أو أعاد سيطرته على مُعظم الأراضي السوريّة، لكن هذا لا يعني أنّ المُؤامرة العربيّة الإعلاميّة انتهت، وبات بمقدور الإعلام السوري القِيام بالمُهمّة، فمِصداقيّته عربيّاً شبه معدومة، والانتصار السوري الأخير الكامل المُعلن لم يأتِ بعد، ومن مصلحة سورية أن تبقى “الميادين” في ميادينِها!
خالد الجيوسي- كاتب وصحافي فلسطيني والمقال لرأي اليوم
126 تعليقات