رسالة مفتوحة الى دونالد ترامب.. هل تعرف هولاكو
سيادة الرئيس.. بينما ستقدم اليوم القدس العربية هدية للصهاينة، اود ان أروى لك حكاية ذات مغزى، وهي حكاية هولاكو. طبعا انت لم تسمع سابقا بهذا الاسم حيث انك ونحن والجميع نعلم ان حياتك السابقة تموحرت حول التجارة والمال والمقامرة وعقد الصفقات. لكن الامر سهل: اطلب من احد مستشاريك ان يقدم لك تقريرا تفصيليا عن هولاكو واعتقادي انه سيكون تقريرا ذو فائدة كبيرة لك ولسياساتك القادمة.
هولاكو هذا، يا سيادة الرئيس، قائد مغولي قوي جدا ومتهورجدا وقليل التعليم، لكنه كان يمتلك واحدا من اقوى جيوش زمانه –لاحظ ما اشبه الامس باليوم- كان يمتلك من القوة والامكانيات وسمعة الرعب ما يتفوق بكثير على قوتك الحالية، لهذا تمكن من اجتاح مساحات واسعة من اسيا واخضعها لجبروت قوته قبل ان يتوجه الى بغداد عاصمة الخلافة الاسلامية حيث ضرب عليها حصارا خانقا لمدة اثني عشر يوما ثم دخلها فاتحا صباح اليوم العاشر من فبراير (شباط) عام 1258 ميلادي.
كانت بغداد عاصمة الثقافة والفكر في العالم في ذلك الوقت تزخر مكتباتها بالكتب والمخطوطات في العلوم كافة، لذلك كان من بواكير ما فعله هولاكو القائد القوي المتوحش ان امر جنودة بالقاء كافة ما تحتويه مكتبات بغداد من مؤلفات في نهر دجلة، ليتحول النهر الواسع الهادر الى اللون الازرق بالكامل لتشكل تلك اول ظاهرة للتوحش والبربرية في التاريخ.
ثم امر جنوده ان يقتلوا اهل بغداد عن بكرة ابيهم.. ولم يسلم من القتل الا حوالي عشرون بالمائة من السكان الذين حالفهم الحظ بالهروب او الاختفاء في اماكن بعيدة عن انظار هولاكو وجنوده. وما ان فرغ من مهمته في بغداد حتى اخذ بالزحف غربا على بلاد الشام واخضعها بالكامل.
كما يحدث اليوم يا سيادة الرئيس فقد كان لهولاكو اعوانه وجواسيسه من اهل بغداد وكان على رأسهم شخص يدعى العلقمي – كان العلقمي مقربا كثيرا من الخليفة الذي كان حاكما ضعيفا وجبانا وقليل العقل- تعاون (العلقمي وخليته التجسسية) مع هولاكو سنوات قبل الغزو مهدو من خلالها لقدوم هولاكو بشتى السبل فمن نشر الشائعات التي تضعف الروح الوطنية في المجتمع الى اسداء النصائح للخليفة الضعيف بحل الجيش تخفيضا للنفقات المالية الى نصائح ادت الى اضعاف مؤسسات الدولة، لذلك عندما وصل هولاكو الى اسوار بغداد كانت المدينة بلا جيش يصد عنها الغزو وسكانها يعانون من ضعف في الانتماء الوطني (كما يحدث الان بالضبط يا سيادة الرئيس) فسقطت بسهولة بالغة.
كانت جيوش هولاكو قد سيطرت على المنطقة المعروفة ببلاد الشام، وكانت كتائبه العسكرية تصول وتجول في فلسطين- بما فيها القدس يا سيادة الرئيس- لتنشر الرعب والخوف في كل مكان، وبعد مرور عامين ونصف فقط حدث تطورمفاجئ قلب المعادلة الهولاكية رأسا على عقب، وهذا هو المهم – يا سيادة الرئيس-:
فقد قدم من مصر قائد مسلم يسمى سيف الدين قطز على رأس جيش قليل العدد قياسا بجيش هولاكو لكنه شديد الايمان بالقضية التي يحارب من اجلها.. وفي صباح اليوم الثالث من سبتمبر(ايلول) عام 1260م التقى جيش قطز مع القوة الرئيسية الاستراتيجية الضاربة لجيش هولاكو في منطقة عربية فلسطينية تسمى عين جالوت.. و(عينك ما تشوف يا سيادة الرئيس) فقد اوغل قطز وجنوده قتلا في جنود هولاكو والحقوا بهم هزيمة ساحقة ادت الى فرار ما تبقى منهم باتجاه الشرق وما هي الا اشهرقليلة حتى كانت اخر فلول هولاكو قد غادرت الارض العربية والاسلامية وبذلك تم وضع حدا نهائيا لاحلام هولاكو وقومه.
لقد رويت عليك هذه الحدوثة يا سيادة الرئيس لعلك تأخذ عبرة منها، ولعلها تساعدك في العودة الى طريق الصواب وتذكر- يا سيادة الرئيس- ان التاريغ احيانا يعيد نفسه.
أ. د. احمد القطامين- المقال لرأي اليوم
103 تعليقات