تتوالى هزائم المغرب “الرياضية”، فبعد مهزلة التصويت على موركو 2026 وضعف الملف المغربي تقنيا، وتنظيما و تسييرا، هاهو المنتخب المغربي يمنى بهزيمة أمام المنتخب الإيراني، في أول مبارياته بكأس العالم بروسيا…
لست من المتخصصين في كرة القدم،لكني كباقي المغاربة أتابع المنتخب المغربي و أود انتصاره خاصة بعد نكسة موركو 2026، لكن علينا أن نقر بأن الهزيمة رياضية شكلا، لكنها بشكل أعمق هزيمة تنموية وسوء إدارة موارد البلاد البشرية والمالية…
فالمنتخب المغربي أغلب لاعبيه ليسوا من مواليد المغرب، والطاقم التقني كذلك، فنحن نستورد اللاعبين كما نستورد المنتجات الصناعية و التكنولوجيا..فالبلاد عاجزة عن إنتاج لاعبيين محليين، أو بالأحرى يتم تهميش المنتوج المحلي و الكفاءة الوطنية، في تحيز واضح للأجنبي، وفي ذلك مركب نقص وعدم ثقة بالكفاءة الوطنية، التي يتم تقليص فرص صعودها…
بناء البلدان لايتم بالتسويق للوهم، بناء البلدان يتم بالاستثمار الجيد في التعليم و الصحة، أي الرفع من الكادر البشري،في شتى المجالات بما في ذلك الجانب الرياضي، فغياب مدارس التكوين الرياضي و ضعف الفرق الرياضية، وتغليب كفة اللاعب الأجنبي على المحلي عوامل مسؤولة عن ما رأيناه في مباراة اليوم..
البلاد تعيش أزمات بنيوية، وفي مقدمتها غياب الحكم الرشيد، وتغليب منطق الولاء على الكفاءة، والقطاع الرياضي غير مستثنى من هذه القاعدة..البلاد في حاجة لتغيير جذري لقواعد اللعبة السياسية، فغياب الحكم الرشيد المتفاعل و المعبر عن إرادة الناس، مسؤول مباشر عن توالي الهزائم و الخسائر..
غياب الحكم الديموقراطي و الرشيد، الذي يحاسب فيه المسيء و يجازى فيه المحسن،فالنظم الديموقراطية تطرد الردئ بشكل تلقائي وتشجع الجيد و الأكفأ،المغرب في حاجة للتغيير الجذري فالأسلوب المتبع في إدارة البلاد لن يحقق نصرا أو مكسبا..
أسلوب يقرب المفسدين و يحميهم ويطرد نظيفي اليد و الأكفاء القادرين على وضع و تنفيذ استراتيجيات تنموية واقعية وموضوعية تنسجم مع احتياجات البلاد وتطلعات غالبية الشعب المغربي…
نتمنى ان يدرك الشعب المغربي أنه أمام مفترق طريق،فالأوضاع السائدة لاتدعو للتفاؤل و الهزيمة الرياضية، تخفي واقعا تنمويا و سياسيا ينخره الفساد والزبونية، و غياب المساءلة والشفافية..فالهزائم الرياضية هي نتاج طبيعي لاختيارات سياسية و تنموية عاجزة عن توسيع خيارات الناس في جميع المجالات.. وطالما الوضع كذلك فمسلسل الهزائم سيستمر…والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
د. طارق ليساوي-إعلامي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي.. المقال لرأي اليوم