يبدأ الملك عبد الله الثاني في25 يونيو 2018 زيارة لواشنطن يلتقي خلالها “أركان الإدارة الأميركية والكونجرس وفي جعبته تعديلات على”صفقة القرن” تسمح بالتوقيع عليها فيما بعد فور اعلانها مع احتفاظ الاردن بدور الوصاية على المقدسات.
زيارة العاهل الاردني الملك عبدلله الثاني لواشنطن ولقائه مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب وعدد من كبار المسوؤولين الاميركيين تثير علامات استفهام كبيرة هنا في العاصمة واشنطن خصوصا وانها تاتي عقب لقاء الملك مع عدد من مستشاري ترامب الذين بحثوا مع جلالته في عمًان مواضيع متعددة منها ملف القدس والجنوب السوري والوصاية على المقدسات في القدس الشرقية وعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وآخر أبعاد ما سمي بـ”صفقة القرن”.
يحمل الملك الأردني ملفات ملتهبة، أبرزها الوضع في العراق وسوريا وفلسطين، ناهيك بالوضع الاقتصادي للأردن الذي استدعى اخيرا تشكيل حكومة “انتحارية” لمعالجة ما يمكن علاجه قبل فوات الاوان. لا تخلو زيارة الملك من بعد اقتصادي، فالمملكة تحتاج إلى دعم كبير هذا العام لتجاوز الحالة المتردية التي وصل اليها الاقتصاد الاردني لأنه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإن خلال امنيا قد يحدث في أية لحظة. لذلك فالملك يسعى للحصول على ضمانات اميركية من عدم الانهيار الاقتصادي لأن الاردن يعتمد اساسا على المساعدات الخارجية.
من المعروف أن الأردن حليف إقليمي للولايات المتحدة بدءا من الحرب على الارهاب الى قضايا النازحين واللاجئين والعملية العسكرية المتوقعة في الجنوب السوري وتداعياتها على الاردن الى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يرزخ الاردن تحت وطأته، كل ذلك يحمل تبعات كبير على المملكة. العاهل الاردني في جعبته ملفات عديدة ولكن ولأول مرة تكون الزيارة الملكية في الوقت الذي يقوم به مسؤولون اميركيون بزيارة لعدد من دول الشرق الاوسط.
زيارة الملك ما كانت لتكون اليوم لولا لقائه بالمبعوثين الاميركيين الى الشرق الاوسط ومباحثاته معهم بعد انتهائه من المباحثات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. الملك يريد أن يؤكد من خلال زيارته أن مسألة الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية والاسلامية “خط أحمر” خصوصا وأن أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في عمان، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وبقية أوقاف القدس الشرقية، بموجب القانون الدولي، الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلال إسرائيل للمدينة عام 1967. كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس، بموجب معاهدة السلام الإسرائيلية -الأردنية او ما يعرف باتفاقية وادي عربة عام 1994 التي تنص على “أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للملكة الأردنية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس″، وتقضي بأن تولي إسرائيل “أولوية عالية لدور الأردن التاريخي في هذه المقدسات”، خلال محادثات الوضع النهائي مع الفلسطينيين.
على طاولة الملك- ترامب ملفات كثيرة منها تبعات الحرب في سوريا وتدفق أكثر من مليون لاجئ والعبء الذي تحمله الاقتصاد الأردني مع ارتفاع البطالة الى 18% حسب الاحصاءات الرسمية وهي اعلى من ذلك بكثير، في ظل ركود اقتصادي لم تشهد له الاردن مثيلا مع تخطي الدين العام حاجز الـ 95 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي. يريد الملك عبدالله من خلال زيارته اطلاع القيادة الاميركية على أن كلفة الحرب في الجنوب السوري قد تؤدي الى كارثة حقيقية ليس على الاقتصاد الاردني فقط بل وعلى بنيته الاجتماعية.
ومن المعروف أن المساعدات العسكرية الاميركية والاقتصادية وصلت الى حدود 1.6 مليارفي العام الماضي، ما يشكل 10 بالمائة من ميزانية الاردن السنوية، لكن المساعدات الدولية لمملكة تناقصت في الاعوام الماضية بنسبة تتراوح بين 10-15 % عما كانت عليه في 2016. والاردن هو ثاني دولة من حيث تلقي مساعدات أمريكية أجنبية في العالم.
لم تعد فقط مسألة نقل السفارة الاميركية هي مبعث القلق بالنسبة للاردن ولكن التوقيت كان هو المشكلة لأن الاردن كان ولا يزال يؤمن بأن تسوية موضوع القدس يترك الى حين المفاوضات النهائية. بالطبع سيقوم الملك بتذكير ترامب بأن الاردن يمثل قاعدة رئيسية ومهمة للعمليات الجوية الأميركية في سوريا، وأن المملكة شريك أساسي في المعلومات الاستخباراتية، وحليف مهم ضد الافكار المتطرفة.
في جعبة الملك هموم الاردنيين وجيرانهم من سوريين وعراقيين وفلسطينيين، مع تأكيد أنه لا يمكن أن يكون الاردن قويا ما لم يتلق دعما سخيا من الجميع وخصوصا من الولايات المتحدة. يريد جلالته نقل الكرة الى المعلب الاميركي بعد احداث مايو 2018 التي عصفت بالحكومة الاردنية مطالبا بالمزيد من الدعم السياسي والامني والعسكري والاقتصادي من أجل الحفاظ على اردن قوي لأنه إذا ما اهتز الاردن فنيران الارهاب وعدم الاستقرار ستطال المنطقة بكاملها.