إسرائيل دولة يهودية. لماذا كل هذا الرعب من الموضوع؟ لقد كان قرار التقسيم سنة ١٩٤٧ داعيا لقيام دولة لليهود على الأرض الفلسطينية. ومنذ قيام إسرائيل ومحاولاتها غير المنقطعة بالتحكم في هذه الأرض وتزوير تاريخها وإرثها وثقافتها وبشرها لتصبح دولة استعمارية عنصرية كما قررت إعلانه اليوم.
بعيدا عن الشجب والاستنكار وتمزيق نص القرار، أرى أن هذا القانون هو الأفضل حتى اليوم. فهو قانون يحدد الحقيقة ويعلنها. ولربما حان الوقت ولو متأخر جدا، للفلسطيني أن يرى ويعي بأن الاحتلال لا يمكن ان يقدم وطنا، مهما ادعى من ديمقراطية ومهما در من أموال.
فالديمقراطية هذه له، والأموال التي يدرها علينا أموالنا من ضرائب مجحفة ندفعها على مدار حياتنا تحت ظل احتلال جاء استعماريا وبقي.
المتضرر المباشر من هذا القانون هو الفلسطيني الذي سعى دائما لتكون هذه الدولة وطنه، وقد يتضرر من يتأرجح على حبال الاستفادة من إسرائيل بحلتها الغربية مقابل الحياة الشرقية الشقية.
مشكلة إسرائيل بكونها دولة احتلال عنصري استعماري. تسميتها الدينية لا تغير شيء من هوية هذا الكيان الحقيقية. إسرائيل دولة بنت نفسها على أنقاض شعب كامل. هجرته وحاولت إبادته وتصفيه عرقيا منذ قيامها.
المشكلة بنا نحن الذين نتوقع من إسرائيل أن تكون دولة لنا من جهة، ودولة ديمقراطية الاتجاه نحونا إذا ما أبقيناها دولة محتلة. أو إذا ما قررنا الاعتراف بأنها دولة قائمة.
المشكلة بنا منذ حاولت قيادة منظمة التحرير التحاور والتحالف تحت الاحتلال وتحولت من سلطة فلسطينية تفاوض من أجل التحرر الى سلطة تنسيق أمني تحافظ على أمن الاحتلال.
المشكلة بنا منذ حاول أهلنا في الداخل المحتل عندما صدقوا أن هذا نظام يمكن محاربته من الداخل لكون إسرائيل دولة قانون. فتعايشوا مع النظام وصارت الدولة دولتهم، والكنيست من حقهم والموازنات لهم في ضروبها، والمناصب ممكن أن تكون من نصيبهم، حتى التجنيد صار للبعض تحصيل حاصل.
المصيبة توالت عندما لم يتعلم المقدسيون من درس الداخل وهرولوا إلى شراك الأسرلة معلنين وفرحين أحيانا، بالسر والتلصص أحيانا كثيرة.
إسرائيل دولة قانون.
إسرائيل دولة ديمقراطية.
إسرائيل دولة مواطنيها ….. اليهود.
كل ما تتمتع به إسرائيل من مزايا هو لشعبها اليهودي. هذا ليس به أي جديد او مفاجأة.
حتى ردود فعلنا لم تكن بمفاجأة، فلم يعد هناك ما يفاجئ.
بينما تمرر إسرائيل قانونها العنصري، تقوم بهدم البيوت في القدس وكأنها في سباق مع الزمن بينما تنتهي الاحتجاجات بالخان الأحمر، فتولي الجرافات دروبها نحوه لهدمه.
وفي غزة، هناك اجتياحات حقيقية، حرب دائرة، قصف ومدافع، قتلى وجرحى.
ونحن نهتف ضد يهودية الدولة المعلن.
لنحتفل بهذا القانون، لأنه قانون يضع الأمور في نصابها. يخرجنا من دائرة خداع النفس ومحاولات التأقلم التي تخدم الاحتلال فقط.
نعم هناك خطر على مواطنين إسرائيل الحاملون لجنسيتها من غير اليهود وهم العرب.
هل هناك خطر ترحيل جديد؟
لن يكون مستبعدا … ولكن هل ستستطيع إسرائيل جرنا إلى تهجير جديد…. لا أعتقد ذلك. فنكبة التهجير والنزوح لم تخرج من الكيان الفلسطيني بحرقتها ونكبويتها.
لم تعد السلطة بكيان يمكن أن يؤثر في هذه الأمور العظيمة من مستقبل هذا الوطن، فلقد رميت ورقة الستر منذ أعلن أبو مازن بعدم اكتراثه بالعودة إلى صفد. فلقد عزم أمره بتشكيل الحدود منذ أوسلو، ويكتفي بما يحصل عليه بالبقاء في المقاطعة.
المسألة اليوم في يد أبناء فلسطين في الداخل تحديدا، أولئك الذين يصيبهم هذا القانون في عقر دارهم. وضعهم يخضع لتهديد مباش، ما هو الحل؟ أن تصبح يهوديا لتكون جزء من هذه الدولة؟ لن ينفع، ليس بسبب تمسكنا بديننا. ولكن لعدم قبول اليهود بدخول الأغيار هكذا إلى دينهم.
قد يكون الوقت قد حان ليعقد العرب المؤمنون باختراق الدولة من أجل الحصول على حقوقهم الشرعية أن يتيقنوا أخيرا، أن قبة الكنيست لن تكون المكان أبدا لتحررهم من بطش الاستعمار المتمثل بدولة يمثلونها.
إسرائيل دولة ابارتهايد… دولة عنصرية… دولة قومية دينية.. هي أعلنت هذا واسنته.
ما يبقى هو إرادتنا نحن …ما الذي نريده من دولة يهودية نحن العرب غير اليهود أصحابها؟
ما هو الحراك المطلوب تشكيله اليوم؟
قد يكون الخروج من الكنيست ومقاطعة الانتخابات الإسرائيلية بكافة أشكالها هو المرحلة الأولى من حراك حقيقي.
إسرائيل ترجعنا إلى المربع الأول. تريدنا أغيار تستعبدهم وتسخرهم لمصالح شعبها.
ونريد حرية نطالب فيها حتى الرمق الأخير… فغزة تبقى بوصلة الحرية إذا ما ركزنا قليلا وتمعننا بتمسك أولئك بحرية مستحيلة بسبب حصار ودمار، ولكنها ممكنة لما في قلوبهم من إيمان بأن صاحب الحق منتصر لا محال.