حكومة “الله غالب”! / قادة بن عمار
في حواره الأخير لجريدةٍ فرنسية، قال رئيس الحكومة الأسبق سيد احمد غزالي إن العلاقة بين المواطنين والسلطة لن تنهار ما دامت هذه الأخيرة قادرة على دفع المعاشات والأجور في وقتهما دون تأخُّر!
أي أن العلاقة بين الطرفين، لا تسودها ثقة، ولا مصداقية، كما أنها لا تقوم على وعود تم قطعها في الانتخابات، إنما مجرّد “بيزنس” بين المواطن والحكومة الريعية: تدفع مقابل أن تستمر، توزّع الريع فتحصل على النفوذ!
هذا الكلام يأتي في وقت يشهد فيه الدينار انخفاضا شديدا بلغ 40 بالمائة في المدة الأخيرة، والغريب أن بعض الخبراء والمحللين والمراقبين عندنا اهتموا في الساعات الماضية بخبر انهيار العملة التركية، فحللوا وناقشوا وتساءلوا وأجابوا، لكن لا أحد منهم انتبه إلى الانهيار المستمر للدينار وسقوطه القاتل دون حرب تجارية ولا مؤامرة سياسية!
في تركيا، تنهار الليرةُ هناك فيحاول رجب طيب أردوغان بناء زعامته على أنقاضها، من خلال كسب شعبية كبيرة ورسم بطولة تاريخية غير مسبوقة، لكن الدينار عندنا، ينهار بلا معنى، وبلا أدنى مقاومة أو من دون حتى خوض معركة!
وفيما قال خبراء إن سبب انهيار الدينار واضحٌ للعيان، ويتعلق بالحلّ غير التقليدي الذي جاءت به حكومة أحمد أويحيى حين قررت طبع النقود، مما ساهم في تضخُّم الكتلة النقدية مقابل غياب منتوج وطني، ناهيك عن تآكل احتياطي الصرف من العملة الصعبة.. فإننا، بالمقابل، لا نجد اعترافا سياسيا حتى الآن بهذه المشكلة ولا تراجعا عنها، وكأن الحكومة ترفع شعار “معزة ولو طارت”، أو بتعبير آخر، حكومتنا تقبل الدخول في “حيط” ولا تقبل الاعتراف بارتكاب خطأ!
لا أحد من المسؤولين ينتبه إلى الوضعية المالية الصعبة التي تعيشها البلاد، من ارتفاع تاريخي لسعر الدولار وانهيار قياسي للقدرة الشرائية للمواطنين، فيما لم يجد بعض هؤلاء المسؤولين من ردٍّ سوى القول: الله غالب!
وعليه، وبالعودة إلى تصريح سيد أحمد غزالي، وهو المسؤول الذي مارس عدة مهمات وشغل عدة مناصب، فإن العلاقة بين المواطنين والحكومة تتمثل في التزام هذه الأخيرة بصرف معاشات التقاعد وأيضا بتوزيع السكنات في وقتها وحماية المواطن من تغوّل السوق، لذا، فإن إفلاس صندوق التقاعد أو تأخر توزيع السكنات والتماطل في انجازها أكثر مما ينبغي، لن يمثل إخفاقا اقتصاديا وسياسيا فحسب، وإنما سيُشكل تهديدا مباشرا للأمن الوطني وسببا قويا لسقوط تلك العلاقة الهشة أصلا، حينها لن ينفع أيّ تحرك، كما لن تُجدِي حتى شعارات: الله غالب!
المصدر الشروق الجزائرية
11 تعليقات