مقالة في الحب/ محمد رياض العشيري
ليس للحب دين، فالحب هو رسالة كل الشرائع، ومن ينكر ذلك ما عرف الحب سبيلا إلى قلبه. وليس للحب وطن، فالحب في كل قلب مهما أخفاه الجاحدون. وليس للحب يوم أو عيد، فعيد الحب هو الساعة التي يطرب فيها قلب مرفرفا للقاء من تعشق، أو لنظرة من عينيه، أو لبسمة من شفتيه، أو لغمزة من لحظه.
جدير أن يكون للحب أيام وأعياد في حياتنا، في كل وقت وكل حين. ولسنا بحاجة إلى المكابدة والمجاهدة في كبت عواطفنا، وعدم البوح بها، حتى يُسمح لنا السيد ڤالنتاين في الْيَوْمَ الذي خصصه هو احتفالا بحب قد يصغر أمام حب أيّ منا اليوم.
الحب طائر تصر تقاليد الناس، بكل صنوفها، على حبسه وتقييده. وكم من صريع يكبت عواطفه ويخنقها بعد أن طوقتها أسلاك الأعراف وسجون العادات والتقاليد.
وكم أرى ذلك في عيون من ألقاهم كل يوم، وهم يتحادثون، أو يتهامسون، أو يتضاحكون أو يتسامرون. بيد أن عيون الآخرين سياف حادة يخشون نصولها، فتُحبس أنفاس الحب الوليد في الحلوق، وبين الضلوع.
ما أقسى المجتمع، وما أشد قسوة الناس، الذين يحسبون أن لهيب الحب لا يضيء إلا في قلوب شابة، وأن شيوخ العمر شاخت قلوبهم، وذوت أرواحهم.
لقد علمتني الحياة أن الجسد بعظمه ولحمه وبشرته يكبر ويشيخ ويترهل. أما القلب – ذلك الطائر الحبيس داخل قفص الجسد – فلا يكبر ولا يشيخ، لأنه ينتظر لحظة الانطلاق إلى الحرية.
والحب يا سادة طهر وعفاف ونبل، ولا يرتبط بأي نجاسة إلا في رؤوس من يظنون ذلك. فلماذا يخشاه منا الضعفاء الذين قهرت أرواحهم تقاليد الناس، وكتمت نسائم قلوبهم نظرات الناس بسهامها وألسنتهم بكلامها. وليس هناك شريعة تحرم الحب، لأن الشرائع لا تحرم إلا الشهوات. والحب ليس شهوة.
في عيد الحب، وفي كل يوم تكتب لكم فيه أنفاس جديدة، لا تبخلوا على من حولكم بالحب، ولا تحبسوا طائره.
أحبوا تُحَبوا، فنحن في هذا العصر بحاجة إلى الحب أكثر من ذي قبل.
محبكم أبدا
111 تعليقات