في حكم (شيخ القبيلة) والنظام الشمولي يكون الشعب قطيع غنم
أسلوب حكم (شيخ القبيلة) هو الحكم الشمولي بعينه وهو الوصفة التي جاءت لنا بالمصائب والكوارث مهما حسُنت النيات
بعد انتهاء حرب الستة ساعات سنة 1967 بأقل من اسبوعي اتخذ مجلس الوزراء الاسرائيلي قراراً بتاريخ 19/6/1967 بأنه يمكن ارجاع سيناء الى مصر مقابل سلام شامل لكونها هي من تملك مفتاح السلم والحرب مع ابقاء نهر الاردن حدود الدولة مع المملكة الاردنية الهاشمية واعطاء حكم ذاتي محدود (ولو باسم دولة) للضفة الغربية .
حسب مذكرات هنري كسينجر في كتابه (Years of Upheaval) فقد طلب منه الرئيس نيكسون بإجبار اسرائيل الى الرجوع الى حدود 5 حزيران خصوصاً بعد أن (طرد) أنور السادات المستشارين السوفييت الذين جاءوا لمساعدة مصر . وكما كتب كسينجر أنه لا يمكنه أن ينسى (المحرقة) والتي خسر خلالها العديد من افراد أسرته ايام الحرب العالمية الثانية ولا يستطيع أن يقبل بحدود غير آمنة لاسرائيل مهما حسنت النيات. وهكذا جاهر كسينجر بأنه خالف تعليمات الرئيس الامريكي والذي ما لبث ان أصبح مشغولاً بفضيحة ووترغيت!
ذهب كسينجر الى جامعة هارفارد حيث كان يدرس هناك وسألهم عن افضل اسلوب تفاوضي يجب عليه اتباعه في مفاوضاته القادمة في العالم العربي . كان الجواب اتبع اسلوب(شيخ القبيلة) فإذا إتفقت معه انتهى كل شيء وتجنب المهنيين والتكنوقراط فهؤلاء اصحاب كفاءة ومتمرسون في اختصاصاتهم. وهكذا كان .
يحكي هنري كسينجر في كتابه المذكور اعلاه انه اثناء مفاوضات فك الاشتباك اخبرته جولدا مائير رئيسة الوزراء الاسرائيلية آنذاك بأن الجيش الاسرائيلي يقبل كذا عدداً من الجنود ومن الدبابات ومن الاسلحة الثقيلة على الضفة الشرقية من قناة السويس . يقول كسينجر أنه اثناء سفره من تل ابيب الى أسوان ليجتمع مع السادات منفرداً كالعادة قبل الاجتماع مع المختصين والخبراء قرر أن يعطي السادات بدايةً نصف الاعداد التي وضعتها جولدا مائير. عندما اجتمع مع السادات وإعطاه نصف الارقام الاسرائيلية ففوجئ بأن قال له السادات (أنا موافق). بعد الاجتماع الانفرادي اجتمع كسينجر والسادات مع اعضاء فريقهما من الخبراء . عندما ذكر كسينجر الارقام التي وافق عليها السادات رد عبد الغني الجمسي رئس هيئة الاركان المصرية أنذاك ان ذلك مستحيل وأنه يجعل من افراد القوة المصرية اسرى لدى الجانب الاخر لعدم امكانيتهم الدفاع عن انفسهم. يقول كسينجر أنه نظر الى السادات والذي قام بدوره بمخاطبة رئيس اركان جيشه : اسكت يا ابني ، احنا اتفقنا. فبكى عبد الغني الجمسي في الاجتماع حسب ما جاء في الكتاب المذكور اعلاه. وقد شاهدت مقابلة مع الجمسي واعترف بأن عينيه قد اغرورقت !
في كتاب لعبة الامم لمايلز كوبلاند قبل عشرات السنين بأن وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (CIA) ترسم سايكولوجية الزعماء في برامج على الكمبيوتر لتقيس ردود أفعالهم لكي تقودهم الى فعل ما تريد كرد فعل من حيث لا يعلمون . وفي حالة حكم الفرد والزعيم الأوحد فإن إمكانية تسييرهم الى غير ما يخططون كردود أفعال قد حصلت سواء في مصر أو في العراق وبنتائج كارثية .
لعل أفضل وصف على مساوئ نظام الفرد وشيخ القبيلة هو ما جاء في تعليق (Al-mugtareb ) على مقالي الاخير حيث كتب مجيباً على طلب أحد الاخوة المعلقين ابداء رأيه فكتب ما أعتقد أنه من افضل الاجابات العلمية والمنطقية عن (الدكتاتورية الوطنية ) لو جاز التعبير. كتب المغترب : “سيدي ، سألتم عن رايي بما كتبه الدكتور عبد الحي زلوم وتاخرت بالرد عليك والسبب انني لاحظت الردود التي كتبها بعض الاخوه المتابعين لمقاله السابق وانتطرت لأقرأ المزيد منها لكن المقال كان قد انتقل للأرشيف .
— تشرفت بمعرفه الزعيم الأسطوري نيلسون مانديلا وشاطرت بنشاط مشترك مع القائد مهاتير محمد وقرات بتمعن عن المهاتما غاندي ووجدت بينهم عاملا مشتركا واحدا وهو إيمانهم العميق بحق شعوبهم في اختيار قادتها وتداول السلطه .
— هل الجنوب أفريقيون بخليط قبلي اسود واحفاد مستعمرين بيض اكثر ثقافه منا نحن العرب ، وهل سكان مستنقعات ماليزيا واقطاعيوها اكثر تقبلا من شعوبنا للحضاره ، وهل الهنود اصحاب الاف الديانات والأعراق اكثر وعيا منا ، طبعا ليسوا كذلك ،، اذن ،، باي حق ينصب زعيم منا نفسه وصيا علينا لعشرات السنين الى ان يموت او يقتل .
— كيف نرضى ان يحكمنا شخص وجماعته ولو كانوا من صنف الملائكه ، أليس ذلك اذلال واحتقار لقدراتنا مثل غيرنا من الامم ، هل يعقل ان قائد من صنف البشر هو من يقرر لامه كامله كيف تصنع وكيف تزرع وكيف تفكر ، يزور كتيبه ويوجه ضباطها ، يزور مصنعا ويوجه المهندسين ويزور مستشفى ويوجه الأطباء ويتفقد مزرعه أبقار ويفتي بالأعلاف . وتعرض عليه الخطط التي ترسم مستقبل بلد كل مجال يتعب الخبراء بتحضيرها لأشهر ويقرر بساعه او اقل ان يقرها او يعدلها او يلغيها .
— لقد كان الجنرال فرانكو ديكتاتورا يؤمّن بان الشعب الإسباني بحاجه لقياده واعيه تعرف مصلحته اكثر منه وزرع في رأس الأمير الشاب خوان كارلوس ذلك المفهوم لكن عندما وصل الامير للحكم واصبح ملكا اعاد السلطه للشعب بل ورفض محاولات الجيش لتوسيع سلطاته.
— من الطبيعي ان حكم الفرد ينتهي بكارثه كما راينا في دول عربيه هبط دورها من قياده الامه باكملها لاستجداء المعونات، ولا يهم اذا كان الزعيم يعرف نصف زعماء الارض ولا يتقن توظيف ذلك لخدمه أمته ، ويتقن الخطابه لتضليل الجماهير عن مصائب عليهم مواجهتها لكنه يعيد تعليبها كانتصارات ولا يهم ان كان يتعشى خبزا وجبنا ويعيش ببساطه ورجاله ينهبون الوطن سواء بعلمه او دون علمه ، وسواء افلح ام اخفق فذلك لا يغني عن حق الامه. العربيه المقدس في تداول السلطه بين الناس كما يفعل الهنود والماليزيين كي لا تقارن أنفسنا باهل السويد وكندا .
— لو أراد رسول الله ان يفرض على الناس من يحكمهم لفعل ذلك وحدد خليفته لكنه لم يفعل لانه احترم اراده الناس من بعده ليختاروا هم من يحكمهم .
— حال امتنا كئيب وعيب علينا آن ننزه الحكام الفرديين عن المصائب التي حدثت خلال حكمهم ونلوم معاونيهم ونوابهم وتابعيهم وخصومهم وكل مخلوق عداهم.
لكم الاحترام والتقدير .”
تعليق واحد