canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
كتاب عربمواضيع رئيسية

الجزائر: لا لبروز “برايمر” جزائري/ د. محيي الدين عميمور

لا جدال بأن كل جزائري بل وكل عربي مسلم وكل حرّ في هذا العالم يحس بالاعتزاز الإنساني أمام روعة “التسونامي” الذي عاشته الجزائر منذ 22 فبراير الماضي، والذي ارتفعت فيه دوْحة السموّ الأخلاقي من أرض ينطبق عليها قول الشاعر:

خفف الوطأ ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد.

هو سموّ أخلاقي عبرت عنه الجموع من كل شرائح العمر وبكل عناصر التكوين العائلي ومن كل التخصصات المهنية، وهو سموّ جزائري لم يتم استيراده من أي مكان، ناهيك عن أن يكون هذا المكان هو بلاد الجن والملائكة، وفيها ما فيها.

والذي تظاهروا بكل هدوء ثم قاموا بتنظيف أماكن التجمع هم أبناء وأحفاد جيل ثورة نوفمبر، الذين أكدوا، وبرغم كل العثرات والأخطاء، بأن أجدادهم وآباءهم استطاعوا أن ينقلوا لهم شيئا بل أشياء من عظمة جيل الحركة الوطنية، جيل مصالي وبن باديس وفرحات عباس وبن خدة والبشير الإبراهيمي، ومن جيل الثورة، جيل بن بوالعيد وبن مهيدي وديدوش وكريم وعميروش والعربي التبسي، وشيئا بل أشياء من جيل الاستقلال الأول، بن بله وبو مدين وآيت أحمد وبوضياف وبيطاط وآخرين.

وبرغم كل الصراعات والأزمات التي عرفتها الجزائر خلال الثورة وبعد استرجاع الاستقلال، بل وبرغم مأساة التسعينيات، فإن كل الآثار والتداعيات السلبية ظلت قشرة رقيقة تغطي المعدن النبيل لشعبنا، المعتز بتاريخه النوميدي الأمازيغي وبانتمائه الحضاري العربي الإسلامي، وتأكد أن المجتمع الجزائري استطاع عبر كل السنوات الماضية وبرغم كل العناصر السلبية ومبررات الإحباط، أن يزرع في الجيل الصاعد، ولو بشكل غير مباشر، القيم الوطنية التي عرفها جيل يوغورطه وتاكفاريناس، وعاشها جيل من حملوا إلى ربوعنا نور الإسلام  وجسدتها أجيال أحمد باي والأمير عبد القادر وبوعمامة ولالا فاطمة والأمير خالد والعشرات من رواد الوطنية والكفاح ضد الاستعمار، ولعله ردّ ضمني على مقولة جيسكارد ديستان، الذي اعتبر الجزائر مجرد دولة منحتها فرنسا الاستقلال.

وكان هذا في حدّ ذات صفعة لعناصر التيارات العدمية التي أرادت تلويث مسيرة الجزائر المستقلة، الجزائر التي لم يشاركوا في بنائها إن لم أقل أنهم كانوا عالة عليها، وكانوا خبراء في “أكل الغلة وسب المّلة”، كما يقول المثل الجزائري، فراحوا، بحجة التنديد بتصرفات السلطة، وهي تصرفات منها كثير يستحق أكثر من التنديد، راحوا يصبغون المسيرة كلها بسواد قلوبهم ويرددون ما يتجاوب مع طروحات منظري الاستعمار ويستجيب لمخططات عملائه، وأصبحوا أكثر المنددين بالنظام شراسة بل ووقاحة، برغم أن النظام أعطاهم فوق ما يستحقون من رعاية، وفضلهم على حلفائه الطبيعيين.

وتصوري، ونحن في الشهر الثاني لتظاهرات الكرامة، هو أن واجب المواطنة قبل واجب الوطنية يفرض علينا أن نحسن الخاتمة كما أحسنّا بداياتها، لأن الأمور بخواتمها وبنهاياتها مهما كانت روعة الانطلاقة وبهاء مسارها، والحفل الجيد يعرف من حسن تنظيم اختتامه والخروج منه بنفس النظام الذي تم به الدخول إليه.

هنا أنزل من التعبيرات المطلقة إلى واقع التعامل اليومي المباشر، وأقول بكل يقين إن الانسداد الذي تواجه به عملية تشكيل الحكومة الجديدة يؤكد ما كنت أظنه من أن ظروف تعيين وزيرها الأول كانت تريد لها أن تكون جنينا لا غدَ له.

ولعلي أضيف إلى ذلك الجوَّ المريب الذي يحيط بتحركات الأخضر الإبراهيمي، ونوعية بعض الأشخاص الذين تردد أنه استقبلهم، وما رافق بعض تلك اللقاءات من “تطياح القدرْ” لشيخٍ يُحْسبُ على تاريخ الديبلوماسية الجزائرية، ثم ارتفاع صيحات خرجت عن الإطار المبدئي للغضب الجماهيري، ورفع رايات لا تعبر عن الإرادة الشعبية، ومحاولة ركوب موجة التظاهرات من اتجاهات لم تحقق يوما إجماعا شعبيا.

ولعلي أضيف أيضا أمرا آخر لا أراه لائقا وهو جولة نائب الوزير الأول في بعض الدول الأجنبية، والتي تبدو كاستجداء للتأييد وإقحاما للأجنبي في شؤوننا الداخلية، لأن شرح الأوضاع، إن كان أمرا ضروريا، يمكن مع سفراء تلك البلدان المعتمدين في الجزائر، وهو خطأ لا “يبادر” به ديبلوماسي محنك.

ومن هنا، وبرغم أنني لا أحب منطق “هات من الآخر” أجد نفسي مضطرا إلى القول بكل وضوح إنني أرى أن  هناك طريقا واحدا لا مفرّ من سلوكه إذا أريد لكل شيئ أن ينتهي النهاية الجديرة ببداياته.

وأنا أزعم بأن هذا الطريق يقتضي الآتي:

  • تُنهى مهمة نور الدين بدوي بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة، حيث من الواضح أن كل الظروف وكل الأطراف تعمل لإفشاله، ومن بين الأهداف الواضحة خلق وضعية انسداد تؤثر سلبا على المسيرة الظافرة، خصوصا والبعض أصبح يستجدي تدخل الجيش.

  • يستدعي رئيس الجمهورية أربعة يكلفهم بتشكيل حكومة مصغرة لا يزيد عدد أعضائها عن عشرة وزراء أو 12 وزيرا، وبمجرد إعلان تشكيلها تطبق المادة 102 من الدستور ويعلنُ المجلس الدستوري حالة الشغور، ويكلف رئيس مجلس الأمة برئاسة الدولة، ويبدأ الإعداد لانتخابات رئاسية طبقا للدستور.

وواضح أن الهاجس الأول هنا هو  احترام الدستور والحرص على حماية أداء هياكل الدولة، مع التخلص من العناصر التي أساءت استخدام سلطاتها بشكل أو بآخر، وبالأسلوب المتماشي مع سيادة القانون، وهو ما يعني أننا لسنا في حاجة إلى “برايمر” جزائري ينفذ ما ينادي به كثيرون، بعضهم لا يدرك تداعيات ما يطالب به والبعض الآخر يعرفها جيدا، لأنه يعرف أنه لا مجال لتمكنه من الإمساك بعنان الأمور إلا في جو الفوضى التي يخلقها سقوط الدولة.

ومن هنا نفهم السر وراء محاولة البعض ركوب الموجة، ووراء تزايد عدد الفئران التي تقفز من سفينة يرون أنها على وشك الغرق.

 وواضح أن كثيرين ممن يطالبون برحيل “الجميع” يحركهم إحساسهم بالإهانة التي يتعرضون لها من محاولات الالتفاف على المطالب الشعبية، لكن منهم من لا يدرك أن تعبير “الجميع” الذي يقصده البعض ويريد تحقيقه يعني التخلص من كل العاملين في الرئاسة وفي الحكومة وفي البرلمان وعلى رأس الولايات، وهو ما يعني في الواقع استنساخ تجربة العراق المأساوية بفعل الغزو الأمريكي حيث تم تدمير هياكل الدولة، وساد العملاء الذين دخلوا بغداد في حماية دبابات “اليانكي”.

 وليس سرّا أن هناك من يأمل في استنساخ تجربة 1992 التي بدأت بها العشرية الدموية، والتي ما زلنا نعيش آثارها المالية والبشرية إلى يومنا هذا.

ولا أتصور أن مواطنا يخاف على مستقبل أبنائه يمكن أن يرحب بهذا أو بذاك.

والأربعة الذين أقترحهم هم وطنيون ثلاثة تحملوا مسؤولية رئاسة الحكومة في فترات مختلفة ويملكون، بالتالي، المقدرة على التعامل مع متطلبات الجهاز التنفيذي الأول في البلاد، وهم السادة علي بن فليس وأحمد بن بيتور ومولود حمروش، أما الرابع فهو قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ومن بينهم، للأمانة، من لا أتفق معه في كل طروحاته، وقد يكون من بينهم من لا يرضى عنه البعض لسبب أو لآخر.

لكن لا مجال في العمل السياسي للقديسين، وأنا أتصور أن الشارع عبر الولايات الـ 48 سيظل دائما متحليا باليقظة التي تحاصر كل التصرفات، وبأن الإعلام الجزائري انتزع دور رياديا سيكون من العسير التخلص منه أو القضاء عليه.

وأنا أعرف أن اليمين زروال قرر الابتعاد عن كل المهام الرسمية، وأدرك حجم الجراح التي أصيب بها ممن يزايدون علينا اليوم بالتهجم على نظام حكم كانوا يرتزقون منه، وكان احتضانهم من أبرز أخطائه.

ولعلي أتمنى لو قبل الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي المسؤولية التاريخية برئاسة الطاقم الحكومي المقترح، وأنا أعرف معاناته لكنني أعرف أيضا وطنيته.

وعندها يصبح الأربعة نوابا للوزير الأول، ويكلف كل منهم بقطاع حكومي تستجيب مواصفاته لتكوين كل منهم ولتخصصه، وبهذا يتمكن أي منهم من الترشح لرئاسة الجمهورية، لأن منع الترشح مقصور على الوزير الأول فقط.

وأنا أظن بأن وطنية هؤلاء كلهم ستجعلهم يتعاملون إيجابيا مع دعوة الرئيس، إن تمت، و”إللي في القلب في القلب كما يُقال”، وسيجدون على الساحة كثيرين قادرون على المساهمة، سواء من الجيل المخضرم مثل بو شاشي أو الأجيال الشابة، نسبيا، مثل بخليلي أو سعد بو عقبة أومحمد جربوعة أو بوعزاره أو أرزقي فراد أو نور الدين السد أو مصطفى هميسي وكثيرون آخرون لن أستطيع استعراض أسمائهم جميعا في مقال محدود الكلمات، وكذلك بعض الوزراء السابقين، ممن لم يلوثهم المنصب فيما أعرف، من أمثال مختار حسبللاوي (الذي أعرف كفاءته الطبية) وهدى إيمان فرعون (والتي لا أعرفها شخصيا) أو جميلة بو حيرد أو جميلة بو باشا، التي أرى إحداهن على رأس وزارة المجاهدين.

وبعد هذا يمكن أن نتفرغ، في الأسابيع الأولى، وقبل الانتخابات الرئاسية، للندوة الوطنية التي يفترض، لضمان الفعالية، أن تسترشد بتجربة السبعينيات، مع مراعاة ما يتطلبه تغير المزاج العام ويفرضه مرور الأيام، لنصل إلى استفتاء لا يكتفي بسؤال واحد عن مجموع مضمونه، بل تتعرض مواده التي يمكن ألا تحظى بالإجماع إلى أسئلة منفصلة، وهكذا لا نكرر تجربة ضياء الحق في باكستان.

وهكذا تكون الانتخابات الرئاسية تتويجا لإنجاز ديموقراطي حقيقي، لا فولكلور فيه ولا افتعال.

وأظلّ، رغم كل شيئ، على أمل أن “سي عبد القادر” لن يدخر وسعا لضمان تتويج الحراك الشعبي بفعل رئاسي في مستوى عظمة الجزائر، التي أقسم على العمل من أجل ازدهارها وعزتها وكرامتها.

ولأتفادى تعليقات قد تضطرني لإضاعة وقت وجهد لتفنيدها  أقول إن كل كلمة جاءت هنا هي تعبير عن رأيي وحدي، الذي أتحمل كل مسؤوليته، ولم أتشاور مع أي إنسان ذكرت اسمه بل ولم يعرف أي منهم أنني سأذكره.

وبالله التوفيق.

محيي الدين عميمور

مفكر ووزير اعلام جزائري سابق المقال لرأي اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى