“المسلمون”.. أول الجناة و آخر الضحايا /لمى محمد
يقولون: من يحبك يحب سلبياتك، في الحقيقة من يحبك يخلق من سلبياتك ميزاتٍ، و من فشلك نجاحات.
عندما يبتعد أحد ما باختياره اعرفْ أنه رأى سلبياتك فقط، هذا الشخص لا يصلح صديقاً مهما حاول أن يحفظ رقم هاتفك في جواله، و يذكرك في المناسبات…
الصداقات الحقيقة تظهر في الأتراح و ليس في الأفراح….
الصداقات الحقة هي أصل الدين، و الدَيِّنُ يعلم تماماً أنّه : “ كما تدين تدان”….
نحن نكمل المشي في حياتنا بسبب أمنا و أبينا…
و مهما كان الحذاء الذي أعطوه لك قديماً، تذكر أنهم أكملوا حياتهم يحصدون مسامير الذكرى، و أشواك ال” لو” .. بينما غادرت أنت وبدأت تصنع أنا مستقلة…
ألف رحمة على من صلّى في جامع، كنيسة، كنس، أو معبد و دعا الله أن ربي” ارحم والديّ، و ساعدني في طريقي” بينما دخل المكان مجرم عنصريّ فأودى بالحلم و بالأحذية…
************
يتسع الدين في دول الشرق حتى يصبح كقميص أهلكه كبر ما يحتويه، فيتشوه شكل القماش، يتشقق، تتدحرج أزراره علاماتُ سوء طالع..
يحاول البعض وضع زر جديد، فيتدحرج .. تكثر العرى في القميص، و العرى جمع عروة.. أنتم تعلمون أنّ العرى أبشع من العريّ.
القميص اليوم لا يقي من برد و لا حر.. أما للستر، فلكثرة ما ستر كشف، و لشدة ما شُدَّ باح…
الزر الأول :
قصّ العرب المسلمون الزر الأول من أزرار قميص الدين، عندما فتحوا الشرق و الغرب بحدّ السيف في القديم، قتلوا و طاردوا أصحاب الفكر، و أسسوا لثقافة “لا للاعتراض.. لا للاختلاف.. “ ..في حين أكل أصحاب النفوذ و السلطة حقوق البسطاء، و جزت أعناق من تجرأ و نادى بالمساواة…
أصبحنا كأسنان المشط في حتميّة التشابه في تأليه الحاكم و اللحى، بينما كنّا درجات في أحقية التفكير و التعبير!
تشعب الأمر و ازداد حكم الطبل و الزمر مع التاريخ، فأصبح الناس يشيرون بالبنان لأصحاب الفكر، و بينما كبر الغرب بالأفكار المختلفة.. تدمر الشرق بتصنيف الفكر المختلف تحت اسم المعارضة.. وفي بلاد فيها من التقسيمات ما فيها حصلنا على بؤس حرب جديدة بين الموالاة و المعارضة…
عروة:
قرابة مئة شخص قضوا في آذار /2019 في حادث غرق العبارة وسط نهر دجلة في العراق.. تقريباً شهرياً نسمع حوادث تبكي القلب من دول حكومات البوم.. و البوم كطائر حكيم سيحزن جداً إن علم بهذا التشبيه…
لم نسمع عن دول عربية ساعدت حقاً، و لا عن أعلام نكست، و لا عن حكومة استقالت…
بل على العكس:
تم إجبار بعض الكتّاب بطرق مباشرة و غير مباشرة على مدح ما قامت به الحكومة البومة .. البومة المشؤومة…
في غرق العبارة تلك رسالة إلى المواطنين و المغتربين، إن لم ينالكم تفجير أخرق -مؤيد باستمرار التعصب الديني و عدم محاربته من قبل البومة- سينالكم يوم عطلة قررتم فيه أن تعيشوا لحظات سعادة مع أطفالكم…
العرى كثيرة في حكومتنا، و لن تكذب فتقول الفقر سبباً.. جشع المسؤولين.. قمع أصحاب الكلمة هو سببٌ رئيس.
حتى تضعوا الزر مكانه، أطلقوا العقول و كمموا أفواه جياع السلطة من أولي الأمور….
**********
الزر الثاني:
بدأ الإرهاب تحت اسم الدين ينتشر من دور العبادة، أخذت اللحى تشد قميص الدين ليتدخل في كل كبيرة و صغيرة في الحياة.. انتشر الكبت بين الشباب، و انتشرت ثقافة “ الدين الأفضل، الشعب المختار” بين المسلمين… ثم بدأوا بتكفير كل من لا يطبق الشريعة، و إن كان الدين قميصاً ، أصبحت الشريعة نقاباً…
صارت النساء سلعاً، انتشر زواج الطفلات، ملكات الأيمان تحت الطاولات.. الحريم.. و سلاسل البائسات…
مجتمع تصبح فيه الأم تابعة.. حتماً يخلق جيلاً من الخيبات…
عروة:
في مؤتمر طبي حضرته مؤخراً في الولايات المتحدة، اقترحت إحدى الطبيبات الأمريكيات إرسال رسالة إلى مجمع الطب النفسي في نيوزيلاندا لتقديم الدعم بعد العمل الإرهابي الذي أودى بحياة المصليّن… تعاطف جميع الأطباء في الجلسة مع الفكرة، و قمنا بالتوقيع عليها.. إحدى الطبيبات العربيات أرسلت رسالة عبر البريد الإلكتروني و طلبت ترجمة الفكرة و إرسالها بالعربية: “ المسلمون يفهمون العربية أكثر”..
و هنا هاج و ماج عدة من الأطباء المسلمين من أصل غير عربي: “ نحن مسلمون لكن لا نتكلم العربية” .. “ ليس كل المسلمين عرباً يا حكيمة” …
فردت الطبيبة ببلاهة: “ يجب أن تتكلموها، هي لغة القرآن، كيف تقرأونه إذاً”…
و بغض النظر عن كيفية تحوّل القضية من تشجيع الناس على دعم حقوق المسلمين كأقليات في كثير من دول العالم، فإن المصيبة الحقيقة تكمن في التاريخ الأفضلي للعرب، و الذي على الرغم من نهايته البشعة و تحولنا إلى قبائل و طوائف متناحرة.. فلا زال يسكن موروث السذج، فيعتقدون أنهم “ خير أمة أخرجت للناس”، بدلاً من أن يستخدموا العقل و ينقذوا سمعة الدين من جرم الحقد و الأفضلية.
ما حدث في نيوزيلاندا كان عملاً إرهابياً بكل المقاييس، و لا يقبله إلا المعاتيه..
المعاتيه نفسهم الذين يلطخون الدين بتسمية أي عمل إجرامي جهاد!
المعاتيه الذين لقبوا السافرات بالعاهرات في الحرب السوريّة، و حوّلوا الناس من ظالم و مظلوم إلى سنيّ و شيعيّ…
المجانين الذين ظنوا الصيام عن الطعام فقط بينما انتشر الفقر ينهش أحلام الشباب في مصر…
السفلة الذين حجوا بيت الله مرات بينما تركوا يتامى الطفلات في مخيمات اللجوء و في اليمن سلعاً للجنس و البغاء…
الحقراء الذين صلّوا حتى قيام الليل، بينما كفّرّوا المسحيين و استباحوا الكنائس…
الجهلة الذين رموا اليهود بمدافع الإلغاء و حاربوهم حتى غادروا الأوطان…
المعاتيه يعيشون بيننا، منهم من ألغى عقله بسبب الفقر و الحاجة، فحوّل الدين إلى موروث مكرر لا مكان للعقل فيه، و منهم من ألغاه عقله الخبيث..فلحق الساسة.. السلطة و النفوذ…
********
الزر الثالث:
لا يقبل العرب المسلمون بكامل الحقيقة، بل يريدونك مصفقاً لجزء منها.. و إن كان عقلك يسمح لك بذلك، فأنت يا عزيزي من أصحاب الفكر الذين قصوا الزر الثالث…
تحوّل أصحاب القلم العرب إلى ملوك أنصاف حقائق، فشاهدنا و نشاهد الكاتب الموالي بنصف حقيقته الخادم لمصلحته و المعارض بنصف حقيقته العميل لغايته..
للأسف قلة أو ندرة وضعوا أنصاف الحقائق كلها في إطار مستقبل مشترك.. هؤلاء لم يكونوا يوماً محايدين، بل على العكس: هؤلاء لم يريدوا يوماً التصفيق، و كان كل ّ همهم رسالة نبيلة للأحفاد.
عروة:
كان من السهل عليّ تغيير لقبي “محمد”، والحصول على لقب زوجي في زمن فيه من العنصرية ما فيه، لكني لم أفعل.
ليس بسبب امتناني لوالديّ فقط، و لا لأني أرى في النبيّ محمد شخصاً حكيماً و نبيلاً فقط…
لكني أردت أن أكون مثالاً جيداًيحارب بفعله البار العنصريّة ضد المسلمين، و يعرّف الناس بإسلام المعاملة.. العمل و السلام.
أنا أعلم جيداً أن الأديان وجدت لتدافع عن البشر وليس العكس، وأن الدين لن ينقص ولن يزيد بي ولا بغيري، لكني أعتقد أنه من واجب كل من حمل هذا الاسم وورث هذا الدين أن يكون مثالاً للأشخاص الطيبين فيه، وأن يحاول قدر الإمكان النجاة بسمعة البسطاء الذين يتحولون بسبب داعش وأمثالها إلى إرهابيين.
هذا يبدأ بتجريم الإرهاب كله أيّاً كان صانعه، يبدأ بنبذ العنصريّة أيّاً كان مصدرها.. بتقبل الآخر مهما كان مختلفاً.. الاختلاف يصنع البشر.. الحيوانات لوحدها قطعان متشابهين.
المؤمن الحقيقي هو من يستخدم عقله في كل شيء.. يحترم المرأة ويساعدها على النجاح، ويعلم تماماً أن الإنسانية هي أمّ الأديان والأصيل من أيّ دين هو الملجأ بعد الله.
المسلم المسالم هو من احترم الرسول بأفعاله قبل أقواله، هو من استخدم عقله.. هو الذي لا يقبل سياسة القطيع، بل يفكر في كل صغيرة وكبيرة.. هو إنسان حقيقيّ دينه معاملة وأخلاقه ملجأ.
المسلم الحقيقي هو من يسند علم الطب النفسي ضد المشعوذين، السحرة والمهرطقين.
*******
عندما ندخل الجامع حفاة و نترك أحذيتنا على الباب.. نترك فيها ذكريات أشواك لم ندس عليها، و مسامير لم تودِ بأقدامنا..
نحن نعلم أن الله هو الملجأ الأول و الملاذ الأخير… و أن السلام أكبر رسالة حملها العقلاء من المسلمين، لينقذوا الأحفاد من (تارات) الأحقاد…
يجب أن تعلم أن الدين ليس قميصاً للجميع، علاقتك مع ربك تخضع لأزرارك أنت، أما العرى فاختبارت من الله…
أعطوا أحذيتكم لأطفالكم، و علموهم كيف يسامحون.. هكذا فقط يكون النصر…
الحوار المتمدن