مشروع تصفية القضية الفلسطينية هو كوكتيل فاشل وعجيب من الجهل وغرور القوة والتطرف الاعمى
30 مايو 2019، 03:41 صباحًا
مشروع تصفية القضية الفلسطينية هو كوكتيل فاشل وعجيب من الجهل وغرور القوة والتطرف الاعمى وارهاب الدولة من طرف واضعيه الصهيوامريكيين مقابل عمالة مطلقة من صهاينةالعرب.. قولوا للولد كوشنر : الى الجحيم انت وصفقتك ومن اتبعك من الصهاينة العرب وعليكم اللعنة الى يوم الدين
اذا اردنا ان نتكلم عن صفاقة القرن وسخافتها بأي مسميات فهي في النهاية مشروع تصفية القضية الفلسطينة وانتقال الهيمنة الصهيوامريكية على وكلائها العرب من واشنطن الى تل ابيب وتحقيق مشروع امبراطورية اسرائيل الكبرى .
تم الادعاء بسرية مشروع التصفية (واسمه التسويقي صفقة القرن) مع أن الكثير من بنوده قد تم تطبيقه على ارض الواقع مثل شرعنة احتلال الاراضي بالقوة كما بالقدس والجولان ، ومحاولات خنق وشطب آثار الاغتصاب الصهيوني لفلسطين وقضية اللاجئين وحق العودة وذلك باعادة تعريف من هو اللاجئ، بل وتجويع اللاجئين عبر الغاء الانروا وهي المنظمة الدولية لاغاثة وتشغيل اللاجئين . وقد تم اشهار بعض بنود تلك الصفقة مثل فرض السيادة اي ضم الضفة الغربية للكيان المحتل كما صرح بذلك نتنياهو بالخط العريض اثناء حمتله الانتخابية . إن سرّية صفقة القرن تشبه تماماً سرية (المطار السري) في مصر والذي كانت احدى محطات الاتوبيس اسمها محطة المطار السري . ما تبقى ولم يعلن عن تلك الصفقة كانت بعض التفاصيل التي اظهرت مدى احتقار الصهيوامريكيون للنظام الرسمي العربي وقادته باعتبار ان ما سيفرضوه عليهم من اتاوات وجزية وشروط ومواقف هي تحصيل حاصل، مقابل حمايتهم . ولعل قمة السخرية في مشروع صفقة القرن هو اجبار الكنتونات الفلسطينية غير المتصلة والتي تم حصر اعمالها في الكناسة والحراسة للاحتلال أن تدفع للكيان المحتل جزية مقابل الحفاظ على احتلالهم ، وأن تأتي هذه الجزية من بلدان النفط العربية وبمفاوضات مباشرة ما بين الاحتلال وتلك الدول ! هذا ما ورد في جريدة “يسرائيل هيوم ” مباشرةً بعد الانتخابات الاسرائيلية . ومع أن الخطة المنشورة للصفقة تم تسميتها تسريباً الا أنها تعكس حقيقة مشروع الصفقة كما هي كذلك لان هذه الجريدة قد اسسها ملياردير كازينوهات القمار الامريكي ادلسون لتكون الناطق باسم نتنياهو والمروجة لبرامجه . والمعلوم انه لا يمكن نشر مثل هذه المعلومات دون موافقة مسبقة من نتنياهو. واقل ما يقال أن هذه الصفقة هي الصفاقة بعينها وهي نسيجٌ من الخيال والغرور والتعصب.
علق الباحث الأمريكى بول بيلار وهو كبير زملاء فى مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون وكبير زملاء لشئون السياسة الخارجية بمؤسسة بروكنجز، كما وعمل فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى الفترة من 1977 وحتى 2005، والحاصل على الدكتوراه من جامعة بريستون، كتب إنه قبل أيام قليلة ظهر فى صحيفة “يسرائيل هيوم ” الإسرائيلية ما زُعم أنه تسريب للخطة المنتظرة. ويرى بيلار أن الأطر الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني واحتمالات حله معروفة تماما منذ وقت طويل. وبدائل الحل هو حل الدولتين أو حلّ الدولة الواحدة . وتلك هي الاحتمالات الوحيدة، وأي شيء آخر لا يُعتبر حلا للصراع ولكن إطالة لأمد إخضاع شعب لشعب آخر. في مقابلة لكوشنر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مؤخراً قال بانه يجب أن ننسى جملة حل الدولتين فهي بالنسبة له اصبحت من الماضي . واذا كان حل الدولة الواحدة قد تم وئده في مشروع يهودية الدولة التي وافق عليه الكنيست الاسرائيلي فلقد تم نسف الحلين المتاحين . يقول الدكتور بول بيلار انه اصبح من الواضح أن اقتراح الصفقة ينطوي على إطالة أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وليس حله. وإحدى السمات الرئيسية حسبما ورد فى ما تم تسريبه من اقتراح كوشنر هو السعي لقيام دول الخليج العربية بدفع ما يكفى من أموال لجعل حياة الفلسطينيين فى الضفة الغربية أقل صعوبة إلى حد ما عما هو الحال الآن. اذن فما تقوم به البحرين من استضافة ورشة اقتصادية ما هو الا بداية لفرض أحد بنود صفقة كوشنر على الفلسطينيين لادامة الاحتلال وتحويل القضية من تحرير وطن الى بيعه بالرغم من اي تفسيرات غبية خلاف ذلك . والورشة هذه هي بداية الانتقال من مرحلة التحالف مع الاعداء الى التآمر معهم.
ويقول بيلار إن الخطة المزعومة التى نشرت فى صحيفة يسرائيل هيوم تضمن كيانا يحمل اسم” فلسطين الجديدة” وهو كيان لا يحمل سمات الدولة، وسيتكون من جيوب صغيرة غير متصلة فى أراض خاضعة للسيطرة الإسرائيلية ، إضافة إلى أن هذا الكيان سوف يدفع مقابلا ماليا لإسرائيل نظير الاحتفاظ بقوة الاحتلال العسكرية الوحيدة فى الاراضي المحتلة. هل هناك صفاقة اكثر من هذه الصفاقة ؟ اي سيقوم عرب النفط بدفع مقابل مالي لدولة الاحتلال للمحافظة على احتلالها .افلا تفقهون ؟
ونوه بيلار إلى أن اتجاه اقتراح كوشنر ليس مفاجئا فى ضوء السياسة العامة لإدارة ترامب بالنسبة للأمور التى تتعلق بإسرائيل والفلسطينيين. فهى سياسة قائمة على منح حكومة نتنياهو كل ما تريده مع معاقبة وصد الفلسطينيين بكل طريقة ممكنة تقريبا. كما أن طابع خطة كوشنر ليس مفاجئا فى ضوء ارتباط كوشنر الشخصي العميق والقائم منذ فترة طويلة بإسرائيل والقيادة الإسرائيلية الحالية.
تهدف اذن خطة الصفقة الى اتاحة مزيد من الوقت لزراعة مزيد من المستوطنات ولتسمين المستوطنات القائمة وضم الضفة الغربية، وتقوم دول النفط العربية بدفع الجزية تحت هذا المسمى او ذاك لكنها اولاً واخيراً وبدون لف أو دوران هي جزية مفروضة لترسيخ احتلال الاراضي المقدسة .
الغريب أن الصهيوني العتيد روبرت ساتلوف المدير التنفيذي في معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى والذي استضاف كوشنر عبّر عن اعتراضه على الصفقة لان تسلسل أحداثها تؤدى إلى ضم أراض محتلة ، وهو ما سوف يؤدي إلى تعبئة الدبلوماسية الدولية ضد التصرفات الإسرائيلية، وإلى انحسار دعم الرأي العام الأمريكى لإسرائيل وإلى عواقب أخرى مختلفة. وللعلم فإن المعهد المذكور هو من مراكز الفكر الصهيوني المؤثرة في واشنطن.فكيف يمكن للصهاينة العرب ان يكونوا اكثر صهيونية من الصهاينة اليهود؟
وكما يرى ساتلوف بدقة فإن ” نتنياهو الذكي الذي يتجنب المخاطر من المرجح أن يجد سبيلا للحفاظ على الوضع الراهن الضبابي الذى تحتفظ فيه إسرائيل بالسيطرة الأمنية على الضفة الغربية كلها .
يعتقد نتنياهو أن الخطة ستمكن حكومته من الاستمرار إلى ما لا نهاية في رواية التفاوص لحل دبلوماسي نهائي بينما تقوم بتدعيم سيطرتها على الأراضى المحتلة. نتنياهو هو تلميذ نجيب لاسحاق شمير الذي قال في مؤتمر مدريد أنه سيفاوض الفلسطينيين الى الابد دون اعطائهم شيئاً . ومع الاسف أن اوسلو وديناصوراتها لعبوا لمدة ربع قرن هذا التفاوض العبثي مما مكن من انتشار المستوطنات وتواجد 600 الف مستوطن لابتلاع الضفة الغربية.
يصل الدكتور بيلار الى النتيجة أن محاولة الابقاء على ضبابية الوضع الراهن يعنى استمرار الاخضاع، والصراع، وسفك الدماء. وهو يعني إطالة أمد الصراع وليس حله. و ستظل إسرائيل، كما قال نتنياهو، ” تعيش بالسيف”. وهذا ليس سلاما .
اذن خطة (سلام) كوشنر ليست سلاماً وإنما لكسب الوقت لهضم وضم الضفة الغربية اولاً ثم تنفيذ شعار حزب نتنياهو الليكود (للاردن ضفتان هذه لنا وكذلك الاخرى ).
من الملاحظ أن الخطة لا تضع حدوداً لدولة (اسرائيل) للسماح لها بالتوسع لاسرائيل الكبرى. كما انها لا تولي اي وزن لاي دولة عربية حكاماً ومحكومين وتعتبر ان اوامرها من فرض الاتاوات والجزية وشرعنة احتلال الاراضي بالقوة أو بأموال الاخرين كامر مفروغ منه . هم يأمرون وعلى النظام الرسمي العربي السمع والطاعة حيث أن دولة الاحتلال قد اصبحت اليوم هي مرجعيتهم لا واشنطن! إنها صفقة لم يفكر بها حتى شيلوخ في مسرحية تاجر البندقية لشيكسبير.
سبب عدم واقعية هذه الصفقة هي الخلفية التاريخية والثقافية والعملية لصانعيها . يمكن ان نسمي هذه الصفقة صفقة نتنياهو – كوشنر – ترامب وعرابها هو نتنياهو الذي يرى أن النظام الرسمي العربي هو في احط مراحله وهو عبارة عن مجموعة من الدول الفاشلة والتي اقصى ما يتمنى رُؤَسَاؤُهَا الحفاظ على كراسيهم . ويرى أن الوقت هو الان: الان الان وليس غداً. أما كوشنر فقد كان في المهد صبياً حينما كان نتنياهو يزور والده تشارلز . كان كوشنر ينادي (عمو نتنياهو) وما زال .(والولد ولد ولو صار قاضي بلد) . كما أن كوشنر منتمي الى اقصى اليمين الصهيوني المتعصب . أما ترامب فهو تاجر عقارات عمل ثروته بصفقات مع المافيا وثقافة المافيا من فرض الاتاوات والجزية واستعمال القوة هي مترسخةٌ في ثقافته . هذا بالاضافة الى أن بيع الاوطان وشرائها هو جزء من التاريخ الامريكي وأن القوة هي الجزء الاخر من هذا التاريخ . وليس فيما اقوله مبالغة
أن بيع وشراء الاوطان هو امرٌ متجذر في التاريخ الامريكي لمن يعرفه . ففي سنة 1803 تمّ شراء ما تم تسميته بصفقة لويزيانا من فرنسا مقابل حوالي 15 مليون دولار، وتضم اراضي هذه الصفقة ولايات عديدة ابتداء من لويزيانا الحالية واوكلاهوما واركينسا وولايات عديدة اخرى بل وتشمل مقاطعتين في كندا .
استولت الولايات المتحدة بعد حربها على المكسيك على اراضي من تكساس وحتى كاليفورنيا والتي تمّ ضمها للولايات المتحدة سنة 1850. ثم تم شراء الاسكا من روسيا سنة 1867 . وقام مزارعون امريكيون بخلع ملكة هاواي وضم تلك الجزيرة سنة 1898 وذلك بمساعدة 300 من افراد المرينز.
يبدو أن ثلاثي الصفاقة كان كبيرهم نتنياهو في نشوة لصداقاته بل تحالفه مع بعض صبية الصهاينة العرب والذين بينهم وبين شعوبهم (حجاب)، وان كوشنر الصبي قد اراد أن يثبت (ل عمو) نتنياهو أنه قد وصل الى سن الرشد، وان ترامب قد ظن أنه يعقد صفقة من صفاقته مع المافيا – وان ثلاثتهم كانوا في (غرزة تحشيش) حين جاؤوا بمثل هذه التفاهات التي اسموها صفقة القرن . وكما افلس ترامب 6 مرات في صفقاته فستكون هذه صفقته الفاشلة رقم 7.
ليس تزامن اشعال الازمات وزيادة الضغوط على دول منطقتنا هذه الايام هو من قبيل الصدفة ليتصادف مع توقيت اعلان مشروع تصفية القضية الفلسطينية . فزيادة الضغوط في الخليج وكافة دول المنطقة يأتي كله لهدف واحد، سواءً كان ذلك في خنق الاقتصاد الاردني أو الايراني على حد سواء أو ايصال لبنان الى حافة الدولة الفاشلة ، أو اشعال الحرب في شمال سوريا هذه الايام ، أو حتى ايصال الملايين من اكبر شعب عربي ابيّ في مصر الى درجة الافطار من حاويات القمامة في رمضان (حسب تقرير BBC)، ولا حتى اشغال اكبر دولة نفط عربية واستنزافها في حروب وشقاق مع دول الجوار، بل ولا حتى اشعال امريكي الجنسية حفتر لحربه ضد طرابلس ! ففي دولة اصبح بيتها الابيض مستوطنةً اسرائيلية محتلةً فكل شيئ اليوم يسخر لشعار (اسرائيل اولاً .)!
فئة قليلة مؤمنة مقاومة في لبنان واخرى في غزة اثبتت ان كيان الاحتلال اوهى من بيوت العنكبوت وأن مخططات امبراطورية الشر في افغانستان والعراق وسوريا قد دحرتها المقاومة، وأن صفقات وخطط الصهيوامريكيون ليست قضاءً وقدراً .
ما كتبه نتنياهو أن (اسرائيل تعيش بالسيف) صحيح . ولكن لا يفل السيف الا السيف. وليس هناك سيفٌ سوى سيف المقاومة . هذا هو الطريق : المقاومة … المقاومة … المقاومة. وستبقى فلسطين عربية من البحر الى النهر . سيكتب التاريخ على قبر الكيان المحتل : بناه بن غوريون وهدمه تطرف نتنياهو !
216 تعليقات