الهيمنة على العرب، أماني وأوهام أردوغانية/ د. محمد عمر غرس الله
تلعب تركيا بقيادة أردوغان دور لافت فيما يجري في الأُمة العربية، فالأذرع التركية تعبث فيما يجري على إمتداد الخريطة العربية من قطر حتى ليبيا، ولها تقاطعات سياسية مع الكثير من الدول العربية نتيجة لهذه الأذرع، حيث لها الدور الكبير والقذر فيما يجري في سوريا من دمار معبراً وخطوط إمداد للمرتزقة وللإرهابين وهي بذلك قاعدة رئيسية فيما يجري في فيها منذ ثمان سنوات، كما لها دور كبير فيما يجري في ليبيا منذ بدء الأحداث فيها، ولم توفر موبقة إلا وقامت وتقوم بها من قصف بالطيران (2011م) وشحن أسلحة وإرهابيين ونهب أموال وإحتظان أدوات محلية ليبية تعبث بليبيا وإستقرارها وسلمها الأهلي.
وفي نفس السياق لتركيا الأردوغانية خصوماتها وتدخلاتها السياسية العميقة مع جمهورية مصر العربية، وحاولت إبان حكم عمر البشير للسودان الحصول على موطء قدم في خاصرة البحر الأحمر ومصر عبر جزيرة سواكن، ولها تقاطعاتها مع الإمارات العربية المتحدة، ولها خصوماتها مع المملكة العربية السعودية،
إن كل ذلك يتم في سياق واحد هو الأماني الأردوغانية الحالمة بالهيمنة على أمة العرب، عبر إدعائه الإسلامي بتوظيف جماعة الإخوان المسلمين وتنوعاتهم وأخواتهم من أنصار شريع وبقايا القاعدة وأجنح داعش سياسياً، بكل ما تفعله هذه الجماعات من فضاعات ودمار وقتل وسفك للدماء في سوريا وليبيا ومصر،
وفي الحقيقة نجد أردوغان يلعب لعبته السياسية على الراي العام العربي، وهو أبعد ما يكون عن قيم الإسلام، فهو لا يلتزم سياسياً حتى بأبسط القيم الإسلامية والاوامر والنواهي القرأني، ويتضح ذلك وهو يغطي إنتشار اللواط (المثلية الجنسية) بالرغم من الأمر الإلهي الواضح في هذا المرض والإنحراف، ورعايته للعلاقات الستراتيجية مع الكيان الصهيوني الغاصب وكل التكامل الاقتصادي معه في الصناعة والتنسيق والزيارات التي وضع فيها اكاليل الزهور على قبر هرتزل، وحربه الظالمة على الشعب العربي السوري بتوفير الدعم والمعبر والتمويل للجماعات الارهابية والمرتزقة وتدمير مدنه وقراه وسرقة مصانعه من حلب، وحربه أيضاً على الشعب العربي الليبي ونهب أمواله وخيراته وتسليط ودعم الجماعات الإرهابية الشعوبية علي، وكل دعمه لجماعة الإخوان المسلمين وتفرعاتها وما تفعله في مصر الجماعات المقاتلة في سيناء.
أن تركيا الأردوغانية ليست هي تركيا ما قبله فيما يتعلق بما يجري في الأمة العربية، فأردوغان يحاول أن يصنع لنفسه شكلاً عثمانياً عصرياً مسنوداً بعضويته في حلف الناتو واللعبة الدولية القذرة، عبر اللعب على وتر الإسلام بالتوازي مع العلاقة المميزة والتعاون المشترك مع الكيان الصهيوني الغاصب عسكرياً واقتصادياً الذي يحقق له أردوغان في حربه على سوريا ما يريده ويحقق استراتيجياته من تفكيك سوريا لمصلحة هذا الكيان الغاصب.
هذا الأردوغان وضع صورة إعلامية تمرر مشروعه بدأها في تركيا بأنشاء قصر عثماني وحرس عثماني وإستخدم إحاءات عثمانية لها دلالة معروفة وواضحة، وفي ذلك يمرر مشروعه في المنطقة العربية عبر أذرع الاخوان المسلمين لتحقيق الهيمنة السياسية على المنطقة العربية، حيث يمارس سطوة عالية على هذا التنظيم ومشاريعه ويستفيد منه إقتصادياً وسياسياً.
سابقاً – قبل الربيع العربي – لم يكن أردوغان هذا يجرؤ أن يقوم بذلك في وجود قادة عرب لهم حضورهم السياسي وكاريزميتهم وترايخيتهم في مشروع الإرادة العربية أمثال صدام حسين القذافي والأسد الأب، فقد كان يبدو أمامهم غر سياسي يقف في الصفوف الأخيرة ويلتمس التقرب منهم، فالشخصية السياسية العربية القوية معبرة عن الإرادة السياسية ومكانتها الإقليمية بغض النظر عن التجاذبات هنا وهناك، ولذا ساهم هذا الأردوغان في التحضير لإسقاط ليبيا وغدرها والحرب عليها، كما ساهم بقوة في الحرب على سوريا وغدرها وسرقها أيضاً، وهو اليوم يوزع خصوماته على الخريطة العربية في كل إتجاه بمعنى منتوع، وهو اليوم ضد أي زعيم عربي (السيسي – الملك سلمان .. الخ) يمكن أن يمثل مانعاُ له من الهيمنة على المنطقة العربية بأي شكل من الأشكال، فهو ضد وجود الإرادة العربية مستقلة وبعيدة عنه (مهما كان شكلها) ويعتقد بإمكانية ممارسة الأستاذية السياسية على المسئول العربي، ولذا نراه في خصومة حادة مع مصر وما يجري في البحر المتوسط بين تركيا ومصر ليس سوى تجلي سياسي من تجليات محاولات اردوغان الهيمنة السياسية والإقتصادية على المنطقة، كما أن ما تقوم به تركيا في ليبيا جهاراً نهارا وعلى الأشهاد يمثل الصورة الأوضح لهذا الدور التركي الأردوغاني القذر الذي لا يريد لليبيا النهوض والإستقرار وتصدر موقعها التاريخي عربياً، ويستخدم ذلك في النهب المالي الذي يتعرض له الشعب العربي الليبي عبر سيطرة جماعة الأخوان المسلمين على مركز المال ورصيد الذهب الليبي.
إننا وإن إختلفنا وتقاطعت أرائنا ومواقفنا كعرب في توجهاتنا السياسية ومهما حصل من خلافات وحتى حروب عربية، لا يجب أن نسمح لتركيا أردوغان أن تتدخل في الشأن الداخلي للدول العربية وتخرب سلمها، ولا يجب أن نسمح لتركيا أردوغان أن تمنع قيام إرادة عربية سياسية وإقتصادية وتصبح الأردوغانية هي المعبر عن منطقتنا كوصية على الأمة تنهبها وتعبث بها وتنشر الحروب فيها وتدعم الإرهاب والإرهابيين والجماعات المسلحة وتنقل الأسلحة والذخائر للجماعت الشعوبية الإرهابية، وعلى قوى التحرر العربي أن تعي المعركة وطبيعتها، فأنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب، ونحن جميعا مدعوون للعمل معاً لمواجهة الإردوغانية وأذرعها وأذنابها وشركاتها.
والله من وراء القصد
د. محمد عمر غرس الله– كاتب ليبي مقيم في بريطانيا
تعليق واحد