الحرب التي غيرت التاريخ (12) هل عرف صدام ما يواجهه أم خافوا إبلاغه؟!صلاح منتصر
فى الوقت الذى تمكنت فيه أمريكا من الحصول على تفويض الحرب، الذى أصدره مجلس الأمن بدون معارضة ضد العراق، ارتفعت أصوات المعارضين فى مجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين عندما بدا للأعضاء أن الحرب أصبحت وشيكة، وأن أمريكا على وشك أن تدفع الثمن من أبناء مواطنيها، ومن ثم ثارت التساؤلات: كم عدد الذين يمكن أن نفقدهم فى هذه الحرب؟ وإذا كانت التقديرات المتشائمة تقدر أن هذه الخسائر يمكن أن تصل إلى ربع مليون قتيل، فهل يساوى الهدف من العملية التضحية بهذا العدد؟
فى الوقت نفسه، سادت مقولة إن صدام لا يعرف بما يحدث. إنه ديكتاتور وهناك من يراهن على أن الحقيقة لم تصله لأنه ليس هناك من يجرؤ على أن يقولها له. وأثمر ذلك عن فكرة أن يكون هناك من يواجه صدام ويبلغه الحقيقة بما يعد إبراء ذمة، وفى الوقت نفسه إظهار كم تحاول الدول الكبرى حماية صدام من نفسه وحماية شعب العراق الذى سيدفع الثمن الرهيب من رئيسه!.
فى اجتماع عقده جيمس بيكر، وزير خارجية أمريكا، فى فندق «والدورف أستوريا» الشهير فى نيويورك مع نظرائه السوفييت والإنجليز والفرنسيين والصينيين فى اليوم التالى لصدور قرار مجلس الأمن، وجد المجتمعون أنفسهم يصلون إلى ضرورات تفرض نفسها:
الضرورة الأولى: أن عملنا ليس شن الحرب، بل كيف يمكننا فى الفترة الباقية تجنب نشوب حرب لدينا سلطة شنها.
الضرورة الثانية: أن علينا التماسك لأن صدام يعلم كيف يلعب على التناقضات بيننا. إنه خطر ويصعب التكهن بما يفعله.
الضرورة الثالثة: يجب أن نحيط صدام علماً بمشاعرنا. لقد تلقيت معلومات- هكذا قال الوزير الصينى- تجعلنى أحمل انطباعا مفاده أن صدام لا يستمع إلى مساعديه كثيرا، وهذا ينسجم مع سلوك الديكتاتور، وبالتالى ضرورى أن يكون هناك من يخبره. يجب أن يعلم صدام أننا نحن الدول الخمس نتصرف تصرفا موحدا.
وجاء الاقتراح أن يتولى «دى كويلار»، أمين عام الأمم المتحدة، زيارة بغداد وإبلاغ صدام بالقرار 678 مباشرة، ثم فجأة طرح «شيفرنادزه» فكرة، اعترف أنه لم يناقشها مع رئيسه جورباتشوف، تقضى باجتماع الدول الخمس دائمة العضوية قبل أيام من موعد الإنذار النهائى فى منتصف يناير.
وقال «رولان دوما»، وزير خارجية فرنسا: إن صدام يريد مكافأة على انسحابه من الكويت، كما يريد ضمانات بأن أحدا لن يهاجمه، ولذلك قد يكون المناسب إجراء مباحثات مباشرة بين الولايات المتحدة والعراق يتم خلالها تقديم رسالة مفادها أنه إذا ما انسحب صدام من الكويت فإن قواته المنسحبة لن تتعرض لهجوم من قوات التحالف.
وقال «دوجلاس هيرد»، وزير خارجية بريطانيا: إن صدام ليس خائفا من السعودية أو فرنسا أو بريطانيا. إنه خائف من الولايات المتحدة، وأقترح أن يرسل إليه الرئيس الأمريكى تطمينا شخصيا فى بغداد.
وقال شيفرنادزه: مازلت أعتقد أن صدام سيغادر الكويت، وعلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يذهب إلى بغداد ويقدم إليه رسالة تطمين من كل منا على حدة، ثم مع بداية شهر يناير نقوم نحن الوزراء الخمسة بإرسال الرسالة نفسها إليه بصورة جماعية.
■ ■ ■
استبعد الرئيس الأمريكى بوش، فى الاجتماع الذى عقده بعد ذلك مع وزير خارجيته «بيكر»، لقاء صدام حسين، لكنه أبدى استعداده لاستقبال وزير خارجيته طارق عزيز. وأيد بيكر الاقتراح لأنه سيمنح أمريكا فرصة أخيرة لتجنب الحرب، كما قد يسفر هذا اللقاء (بين بوش وطارق عزيز) أثراً سيكولوجياً يمكن أن يؤدى بصدام إلى الانسحاب، كما أنه سيمكنه من إيجاد ثغرة ينفذ منها لتجنب الحرب إذا كان يسعى لتجنبها فعلا. وفى الوقت نفسه سيرد الاقتراح على الذين يوجهون لأمريكا الانتقادات لأنهم لم يذهبوا إليه. أما إذا فشلنا فلن يكون بوسع أحد حينئذ أن يشكك فى أننا فعلنا كل ما فى وسعنا من أجل إنقاذ الأرواح التى ستزهق، سواء من العراق أو قوات التحالف (مذكرات بيكر).
تطمين من كل منا على حدة، ثم مع بداية شهر يناير نقوم نحن الوزراء الخمسة بإرسال الرسالة نفسها إليه بصورة جماعية.
■ ■ ■
استبعد الرئيس الأمريكى بوش، فى الاجتماع الذى عقده بعد ذلك مع وزير خارجيته «بيكر»، لقاء صدام حسين، لكنه أبدى استعداده لاستقبال وزير خارجيته طارق عزيز. وأيد بيكر الاقتراح لأنه سيمنح أمريكا فرصة أخيرة لتجنب الحرب، كما قد يسفر هذا اللقاء (بين بوش وطارق عزيز) أثراً سيكولوجياً يمكن أن يؤدى بصدام إلى الانسحاب، كما أنه سيمكنه من إيجاد ثغرة ينفذ منها لتجنب الحرب إذا كان يسعى لتجنبها فعلا. وفى الوقت نفسه سيرد الاقتراح على الذين يوجهون لأمريكا الانتقادات لأنهم لم يذهبوا إليه. أما إذا فشلنا فلن يكون بوسع أحد حينئذ أن يشكك فى أننا فعلنا كل ما فى وسعنا من أجل إنقاذ الأرواح التى ستزهق، سواء من العراق أو قوات التحالف (مذكرات بيكر).