سوريا 2019 الأقوى والاقرب للنصر..وانتصارات تعيد هيكلة المشهد..فهل يكون 2020 عام إعلان النصر الكبير؟
1 يناير 2020، 00:02 صباحًا
وأنا أفكر في كتابة مقالي هذا تذكرت كل رهانات أعداء سوريا وتلك التصريحات الرنانة التي أطلقت في بدايات الحرب على سوريا، من انهاء سوريا كدولة ونظام وقائد ومؤسسات، لأرقب اللحظة الحالية التي تعيشها سوريا وأتساءل عن مصير كل أولئك المراهنين وكل رهاناتهم وما حجم الخسارة التي لحقت بهم؟
الانتصارات المتسارعة والكبيرة التي تحققت خلال العام2019 تعيد هيكلة المشهد برمته، صانعة التحولات الاستراتيجية التي تشكلت كنتاج طبيعي لانتصارات الجيش العربي السوري، لتؤسس لمرحلة مغايرة وجديدة في التوازنات الدولية، وهذه أهم افرازات النصر السوري والذي يمثل انتصارا للعالم، فعودة التوازنات الدولية اللاغية لما يسمى بالقطب الواحد والتحول الى عالم متعدد الاقطاب يعتبر أبرز وأكبر تحولات هذا النصر، ولذا نقول بأن انتصار سوريا يعيد تشكيل الخارطة العالمية ويغير وجه العالم بما ينهي حالة الهيمنة وسيطرة القطب الواحد، وبفضل هذا الانتصار صعدت قوى دولية الى مشهد التأثيرات العالمية وراسمين جدد لم يكن ليكتب لهم هذا الحضور لولا هذا النصر السوري الكبير .
لم يكن لمعظم دول العالم أن تجتمع على قرار كما اجمعت على قرار تدمير الدولة السورية، فأفرغت قاعات المنظمات الدولية والإقليمية وكأنها أقسمت ألا تعقد جلساتها المكوكية إلا لتمرير وشرعنة عدوانها على سورية الذي كان عنوانه الأبرز تحويل هذه الدولة إلى بؤرة للإرهاب العالمي المدعوم أمريكيا _ غربيا – صهيونيا ، وبدعم وإسناد منقطع النظير .
الدولة السورية اتخذت قرار المقاومة لكل المشاريع السوداء ومحاربة دول العدوان العالمي عبر هذه الأروقة الدولية وعلى الأرض السورية عبر محاربة الإرهاب والقضاء عليه فكان النصر حليفها بمساعدة حلفائها، مما دفع بالمشهد السوري الى مشهد النصر والتحرير الكبير لمساحات واسعة من الأراضي السورية ولن يكون آخر هذه الانتصارات في محافظة ادلب وإنما سيمتد ليشمل محافظات الشمال السوري الغني بالثروات المتعددة، ولعل مشهد محاصرة الجيش العربي السوري لنقاط المراقبة التابعة للمحتل التركي تأخذنا إلى رؤية واضحة في قراءة قرار الدولة السورية لدحر هذا المحتل من الأراضي السورية وقطع أذرعه من تنظيمات وقوات إرهابية سينتج حتما خروجه من سورية، ولعل سحب أعداد كبيرة من الارهابيين من جبهات إدلب و فتح تركيا لمكاتب تنظيم ترحيل الارهابيين في منطقة الشمال السوري تؤكد هزيمة المشروع التركي الأمريكي الارهابي في سورية .
بدأ عمل المقاومة الشعبية في الشمال السوري حيث ما تبقى من قوات أمريكية محتلة وناهبة للنفط السوري، واستهداف الدوريات الأمريكية سينتج عنه خروج هذا المحتل من سورية، يأتي هذا بتناغم مع توجهات حلفاء سوريا والذين لن تكون المناورات العسكرية التي قاموا بها مؤخرا -روسيا والصين وإيران- في بوابة الخليج إلا رسالة واضحة المعالم يتقن قراءتها الأمريكي ويدفع به للتسليم أن امبراطوريته انتهت بانتصار سورية وحلفائها، لتعلن سورية نصرها ونصر حلفائها بفشل دول العدوان في تنفيذ مخططاتها التفكيكية للجغرافية السورية وسرقة خيراتها والصورة التي تعكسها عودة بعض دول التآمر على سورية لاعادة بناء علاقات مع القيادة السورية وفتح سفارات بلادها في دمشق ليس إلا نتيجة من نتائج النصر السوري ولن يكون اخر ذلك الوفود الأوروبية المتزاحمة بهدف التمهيد لعودة العلاقات مع دمشق، كل هذا بالتوازي مع موضوع إعادة إعمار سورية والذي نشط بشكل كبير خلال العام 2019 لتسارع الحكومة السورية وبتوجيه من الرئيس الأسد بالقيام بزيارات متعددة للمحافظات المحررة من الارهاب لدراسة واقع هذه المحافظات والنهوض بها من ركام الحرب .
انتصار سوريا جاء على اكتاف قامات سورية عملاقة صنعتهم سوريا وصقلتهم احداث تسع سنوات حرب ضروس على الصعيدين الدبلوماسي والعكسري، فللدبلوماسية السورية دورها البارز والكبير في ادارة المعركة في الساحات العالمية عبر الحنكة العالية لعميد هذه الدبلوماسية الدكتور بشار الجعفري والذي شهد له الاعداء قبل الاصدقاء، وما صدرته غرف الامم المتحدة وجلسات مجلس الامن من مواقف راقية وقوية سطرها هذا الدبلوماسي السوري المخضرم، وضعت الدبلوماسية السورية في سلم الصدارة بين العديد من الدبلوماسيات الدولية والتي أشهرت كل سيوف عداءها تجاه الدولة السورية باستهدافات متكررة عبر مشاريع وقرارات كان يراد لها أن تسقط سوريا سياسيا، واستطاعت سوريا بجانب تحالفاتها الدولية المتزنة تجاوز العديد من المؤمرات والمخططات العدائية على الصعيدين الدولي والاممي .
في المسار العسكري قدمت سوريا نماذج كبيرة، أفردت لها وسائل إعلام ومخابرات عالمية مساحات بالتحليل والفهم، وكان الجنرال سهيل الحسن المدرسة العسكرية السورية التي أضافت للعلوم العسكرية الكثير من فنون التكتيات العسكرية والخطط الميدانية، واستطاع هذا الجنرال السوري أن يسطر لكليات عسكرية جديدة في العلوم العسكرية، ويكفي أن اسرائيل في فترات سابقة حرضت وعملت على محاولات اغتياله ولحد الآن هذه المحاولات مستمرة، ولو قدر لهذا الجنرال العسكري السوري أن يؤلف بحقه كتابا فلن يقل شأنا عن الصيني(سان تزو) صاحب كتاب (فن الحرب) .
سوريا أنجبت من القادة على كل الصعد بما مكنها من تجاوز تسع سنوات حرب، ولعل الخبرات التي كسبها رجالات سوريا خلال هذه المدة أمكنتهم من بناء رصيد تراكمي مثل الوقود لتحقيق انتصارات ليس بتسجيل نقاط وإنما بانتصارات حاسمة على كل المستويات .
فشل دول العدوان وخيباتها العسكرية دفعها لتحريك الورقة الاقتصادية ضد سوريا، وتضييق الخناق على الدولة السورية عبر جملة من الممارسات العدوانية التي استهدفت بها الاقتصاد السوري، الغباء في التعاطي مع هذه الورقة رفع سقف الدولة السورية في انتهاج سياسات مضادة توقف هذا العدوان والتأسيس لمسار جديد ينهض بقطاع الاقتصاد السوري من خلال استعادة النشاط الاقتصادي بحيوية، ولعل طبيعة الاقتصاد السوري المتسم بالتنوع والديناميكية ساعدا على النهوض المتصاعد، انعكاسات الانتصارات العسكرية وما ترتب عليه من استعادة مواقع ومنابع اقتصادية سورية مهمه كله عزز للتأسيس لقفزات اقتصادية نوعية كبرى، ويجدر الاشارة هنا الى ما اعلنته الدولة السورية مؤخرا من البدء في عجلة التنقيب عن النفط والغاز السوري في المتوسط، ويكفي هنا ما سجل من تحول في نظرة العالم الى الاقتصاد السوري والذي أشارت له توقعات مجلة “الإيكونومست” البريطانية وهي مجلة وزانة في الوسط الاقتصادي العالمي والتي توقعت أن يبلغ معد النمو الاقتصادي في سوريا 9.9 % خلال العام 2019 وهو من اسرع نمو اقتصادي في العالم خلال هذا العام .
الحديث عن زمن السيناريوهات المفتوحة ضد سوريا قد ولى وانتهى، ومن الآن وصاعدا لن يقراء العالم او يتابع سوى سيناريو واحد هو سيناريو النصر السوري، بحتمية ترسمها سواعد الجيش العربي السوري وتخط مساراتها إرادة سياسية سورية قوية تديرها قيادة حكيمة ومقتدرة وكل هذا بمباركة شعب صمد وقدم التضحيات وانتصر، واذا كان العام 2019 هو عام التحولات الكبرى التي مهدت للعديد من الانتصارات والانجازات على كل الصعد السياسة والعسكرية والامنية والاقتصادية، فإن العام 2020 سيكون بعون الله وتأييده عام إعلان النصر السوري الكبير .. وكل عام وسوريا بجيشها وشعبها وقائدها حرة عزيزة وسالمة .
الدكتورة حسناء نصر الحسين-باحثة في العلاقات الدولية -دمشق والمقال لرأي اليوم