عنتیبي أبرز محطات الکفاح والتطبیع؟ أخشى ما أخشاه أن تُصبح الخیانة والتطبیع وجهة نظر؟
8 فبراير 2020، 00:19 صباحًا
اجتماع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني “عبد الفتاح البرهان ” في أوغندا یوم الاثنين من هذا الأسبوع ، علامة فارقة في التاريخ السوداني قديمه وحديثه.
قدیما کانت هناك علاقة ربطت السودان بجماعات یهودیة فی شمال السودان من النوبیین ۔ولم یذکر التاریخ عن علاقات بعد ذلك ۔۔حتی قیام الدولة العبریة عام 1948 م وبعد الحرب العالمیة الثانیة کانت السودان اقلیم تابع لمصر وتحت الإنتداب البریطانی ۔حدث نوع من الضغط البریطانی بتصدیر القطن السوداني الی إسراٸیل وظلت هناك علاقات سریة من جانب الصدیق المهدی وهو من آحفاد المهدي ۔ورجل غامض اخر لم یعرف بالضبط وظیفتة لعب دورا فی علاقات حزب الأمة السوداني باسراٸیل ۔محمد أحمد عمر ۔۔ ففی عام 1953م اجریت الأنتخابات لتحدید مصیر السودان فی بقاٸه اقلیم مصري أو الانفصال رفض حزب الأمة نتیجة الانتخابات بحجة أن مصر دفعت ملایین لبقاء السودان تحت حکم مصر بعد ثورة یولیو 1952م وكان دافع هذه اللقاءات مع الإسرائيليين الإحباط الذي أصاب حزب الأمة لاعتقادهم أن قضية الاستقلال باتت في مهب الريح نتيجة الآلة المصرية الضخمة التي أدت لانتصار التيار الذي يؤيد الوحدة مع مصر، والممثل في الحزب الوطني الاتحادي بزعامة إسماعيل الأزهري في انتخابات 1953م، مقابل ما اعتبروه خذلانا وتقاعسا بريطانيا عن دعم التيار الاستقلالي. حاولات إسراٸیل إجراء مباحثات سریة مع حزب الأمة فی ترکیا عن طریق وسیط ترکي حول دعم السودان تجاریا واقتصادیا ، وقد جری لقاءات سریه عام 1954 م فی لندن.
جرى فيها لقاءان سريان مع الإسرائيليين -دون ترتيب سابق- لبحث أي دعم يمكن أن تقدمه إسرائيل لدعم استقلال السودان ومجابهة النفوذ المصري. وبعد نجاح تیار اسماعیل الأزهري فی الاستقلال انضمت السودان إلی عضویة جامعة الدول العربیة ۔ وکانت أخر اتصالات أجراها سودانیین مع الجانب الاسراٸیلی ۔ حتی ثمانینیات القرن المنصرم ۔فی حکم جعفر نمیري ۔۔
ويبدو أنّ الحكومات العسكرية السودانية، ونعني بها هنا تحديدًا حكومات الرئيسين جعفر النميري وعمر البشير، قد دفعت إلى أبعد مدى ممكن العبارة القائلة: ((‘ليس في السياسة صديق دائم، كما ليس فيها عدو دائم’، )) فحين أصبح الوضع الاقتصادي في البلاد على حافة الانهيار، وزاد ضغط المعارضة على نظام النميري في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، لجأ إلى ‘تطبيق’ الشريعة الإسلامية عام 1983. وبعد عامٍ من تطبيق الشريعة، دخل في صفقة مع الإسرائيليين والإدارة الأميركية بمساعدة أطراف إقلیمیة وقیل عن دور تاجر السلاح عدنان خاشقجي فی العملیة ، والتي سمح السودان بموجبها بترحيل آلاف من يهود الفلاشا الإثيوبيين، من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر أراضي السودان، في ما سمي “‘عملية موسى’” وظن النميري، الذي نال نظير موافقته على تنفيذ تلك العملية مساعدات بقيمة 200 مليون دولار، إضافة إلى 60 مليون دولار، كانت قد وصلت إليه بصورة عاجلة، أنه اشترى عمرًا جديدًا لنظام حكمه، فغادر إلى واشنطن، عقب انتهاء تلك العملية لتلقي الثناء ومزيد من القبول، غير أنّ انتفاضة شعبية عارمة اندلعت ضد نظامه، وهو خارج البلاد. وانحازت القيادة العسكرية للشعب، فسقط نظامه، وانتهى النميري منفيًا في مصر. وقد نجحت المخابرات اللیییة فی کشف العملیة والقبض علی ثلاثة من الموساد ۔ ولکن فروا الی منزل مدیر مکتب الاستخابرات الامریکیة فی الخرطوم ۔وقام بنقلهم عبر صنادیق مجهزة بطاٸرة نقل امریکیه الی احدی الدول الاوروبیة ومنها الی إسراٸیل ۔۔يعتبر الرئيس السوداني السابق جعفر نميري من المطبعين مع إسرائيل حين وافق على ترحيل آلاف اليهود الفلاشا عبر السودان ومنها لإثيوبيا وصولا إلى إسرائيل، في عملية سهلت استيطان نحو 25 ألف يهودي في فلسطين. ومع بدایة حکم الرٸیس “عمر البشیر ” أخذ طریق أخر نحو مایسمي دول الشر إیران ، وتحالفة مع الجماعات الإسلامیة ۔
شرع الرئيس البشير، عندما وصل إلى الحكم في عام 1989، في ترجيح كفة إيران استراتيجيًا على دول الجوار العربي في الخليج ومصر، بسبب العلاقات المتوترة بين السودان وجيرانه العرب خاصتًا مع مصر بعد حادث “ادیس آبابا “. واتهام السودان بتهریب جماعة “ابو حمزة المصري ” وتقاضی رشاوي من تنظیم القاعدة وشمل الاتهام / السید عثمان المرغني و السید / حسن الترابي عن الاشخاص المتورطین ومساعدتهم فی الخروج من السودان ، وبعد خروج قاٸد تنظیم القادة ومفتی الجماعة الدکتور عمر عبد الرحمن الی امریکا ۔۔ ، سعت إيران بثقلها في السودان، بوصفه موطئ قدم حيوية؛ وهو ما يمكِّنها من تعضيد وجودها العسكري في البحر الأحمر، والضغط على السعودية من جهة الغرب. كما رأى الإيرانيون في السودان نقطةً بالغة الأهمية للانطلاق في خططهم نحو التغلغل والانتشار في أعماق أفريقيا جنوب الصحراء. کانت إسراٸیل هی الآخري تتصارع .وقد ساعدت إيران السودان في إنشاء أجهزته الأمنية، كما ساعدته في تطوير صناعاته العسكرية. وانتشرت، عبر العقدين الماضيين، المراكز الثقافية الإيرانية فيه. ولكن، في سبتمبر/ 2014، أصدرت الحكومة السودانية قرارًا بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في البلاد، بتهمة أنها تبشر بالمذهب الشيعي، مع أنّ هذا التبشير كان قائمًا سنوات عديدة، وأمهلت موظفيها 72 ساعة لمغادرة البلاد. وكانت تلك أولى الإشارات الدالة على أنّ الحكومة السودانية بدأت أولى خطواتها في طريق العودة إلى المنظومة العربية، وخصوصاً الخليجية. لکسب دول الخلیج للضغط علی امریکا برفع العقوبات الاقتصادیة من هنا سعت اسراٸیل بطرح الفکره علی الجانب السري کما ذکر فی وثاٸق وکلیکیس ۔ وفی عام 2014 م
وأثير موضوع التقارب مع إسرائيل في مؤتمر الحوار الوطني، الذي بدأت واستمر حتی عام 2016 م بعد اقتراح حزب “المستقلين” تطبيع العلاقة مع إسرائيل، في سياق تحسين العلاقات الخارجية وباعتباره مدخلا جيدا إلى الإدارة الأميركية.
ولم يمض وقت طويل على هذا الجدل حتى فوجئ الجميع بوزير الخارجية السابق إبراهيم غندور وهو يقول إن بلاده لا تمانع دارسة إمكانية التطبيع مع إسرائيل. وبدآت أصوات من داخل حکومة البشیر تقترح علی الولایات المتحدة ۔استعداد السودان التطبیع مع إسراٸیل ۔وهذا ما نسب الی مستشار البشیر / السید مصطفی عثمان . وقد تعرضت السودان لهجومین من قبل الطیاران الاسراٸیلي بحجة ضرب اماکن لصناعة وتهریب الأسلحة لتنظیمات جهادیة وعلی رأسها (حماس ) وبعد رحلة نتنیاهو الی البحرین ومسقط من العام الماضي قام رٸیس التشاد بزیارة هی الأولي الی تل آبیب ۔فأصبحت السودان الوحیدة بین کل من مصر واثیوبیا واریتریا ۔وجنوب السودان۔ وتسعي إسراٸیل الی فتح ” المجال الجوي ” امام حرکة الطیران القادمة من أمریکا الجنوبیة وخاصتاً البرازیل ۔ لتقریب المسافة وخلق مدارات جدیدة أمام الملاحة الإسراٸیلیة فی وسط القارة السوداء لقد نجحت إسراٸیل بعد اتفاقیة کامب دیفید فی کسر العزلة المفروضة علیها ۔ من الدول الافریقیة فتح علاقات دبلوماسیة معها ، وبعد مقتل ” معمر القذافي ” کانت الابواب تتصارع علی فتح علاقات مع إسراٸیل الذی طالبت ان تنضم إسراٸیل الی عضویة منظمة الدول الافریقیة ۔العام الماضي ۔۔ هل سیکون المسمار الاخیر / لعبدالفتاح برهان
الآن ينتظر السودانيون التفسير الكامل وأسباب هذا اللقاء ، كما عليه أن يعطي تبريرات مقنعة لتيارات دينية متشددة تعارض بقوة فكرة التقارب مع إسرائیل ۔فی نفس الأسبوع اجمتع وزراء خارجیة العرب بعد إعلان صفقه القرن علی الثوابت الوطنیة ۔ “”ولعل إعلان وفاة الفنانة العربیة الوطنیة (نادیة لطفی ) کان إعلان لوفاة العرب ۔مقابل المطبعبین و المهرولین ۔۔ کما قالها مسٸول رفیع المستوي فی السودان ۔ “”ما دمنا قبلنا بأميركا فلنقبل بإسرائيل””. فلعل اختیار مدینة عنتیی لها دلالة ۔وذکرى فی عملیة إختطاف طاٸرة إیرباص الفرنسیة من قبل الجبهة الشعبیة لتحریر فلسطین صیف 1976۔ وقتل الشقیق الآکبر لبنیامین نتنیاهو یولتان ۔ کذلك عملیة إجتیاح بیروت والبحث عن مُنفذؒی عملیة دورة الآلعاب الاولمبیة عام 1974 م ۔إسراٸیل لا تنسى ولکن العرب فقدوا الذاکرة ۔۔